Post: #1
Title: تصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية (الدلالات والمآلات ) كتبه د. أحمد عثمان عمر
Author: د.أحمد عثمان عمر
Date: 11-14-2025, 11:15 AM
11:15 AM November, 14 2025 سودانيز اون لاين د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر مكتبتى رابط مختصر
كنا ومازلنا وسنظل نؤكد بأن العامل الحاسم في إيقاف الحرب لمصلحة شعبنا المظلوم، هو فعل جماهيري واسع ومنظم في جبهة قاعدية عريضة، تبني على وقف الحرب فرض معادلة سياسية تقصي طرفيها، وتنتج سلطة إنتقالية تكنس آثار التمكين وتفكك دولته بما فيها سلطة الجنجويد الموازية المؤسسة من قبل أحد طرفي اللجنة الأمنية للإنقاذ بعد إنقسامها. لكن ذلك اليقين، لا يقودنا إلى إهمال دور المجتمع الدولي الهام والمؤثر في صراع عسكري مدول، كلا من طرفيه مدعوم من دول ذات مصالح تتعارض مع مصالح شعبنا، تضخ الدماء في شرايين الحرب وتساعد طرفيها المنهكين على الإستمرار فيها. وفي هذا السياق يأتي إهتمامنا بتصريحات وزير الخارجية الأميركي الأخيرة، التي جاءت واضحة ومباشرة بعيدا عن المداراة ولغة الدبلوماسية المراوغة. حيث قال وبوضوح: أن قوات الدعم السريع (الجنجويد)، توافق على أمور ولا تلتزم بها أبدا، وأنها وافقت على الهدنة، وهي لا تنوي الإلتزام بها، وأنه يجب القيام بشيء لوقف الدعم الذي تتلقاه وتدفق الأسلحة مع إستمرارها في التقدم، وان هذه القوات ترتكب إنتهاكات مروعة بصورة منهجية وتدعي بأن من يقوم بها متفلتين، وأنه لا مانع لديه من دعم تصنيفها كمنظمة إرهابية إن كان ذلك سيساعد في إيقاف ما يجري، وأنهم يعلمون الدول المتورطة، لهذا هي جزء من الرباعية مع دول اخرى فضل عدم تسميتها، وأن بلاده تعمل بجدية لوقف هذا الأمر. والواضح أن هذه التصريحات قوية وغير مسبوقة من دولة وزنها معروف وخطابها الدبلوماسي لا بد من أخذه بعين الإعتبار لأهميته بحكم مركزها العالمي ودورها الحاسم في نشاط الرباعية. وفي تقديرنا أن هذه التصريحات التي إشتملت على هجوم واسع على المليشيا الإرهابية، جاءت لتأكيد حقيقة واقعة هي، أن لا حسم عسكري للصراع الماثل في السودان، وأن السبيل الوحيد المسموح به لطرفي الحرب هو الخضوع لتسوية مفروضة من قبل المجتمع الدولي. فالتصريحات في جوهرها، تهديد واضح للمليشيا الإرهابية التي رفعت من سقف خطابها المعول على العمل العسكري لحسم الصراع بعد استيلائها على الفاشر، وواكبت ذلك بتشديد الحصار على بابنوسة مع تهديد الأبيض وكذلك نشر الشائعات حول قرب مهاجمة الدبة بل وتأكيد أنها لن تتوقف إلا بعد استلام بورتسودان. فخطاب وسلوك المليشيا الإرهابية، يؤكد بأن موافقتها على الهدنة تكتيكية في اطار إنحناءة لعاصفة المجتمع الدولي حتى تمر، وتمسك بالعمليات العسكرية التي تشكل أساس وجودها وتسمح لمنسوبيها بالنهب وممارسة التوحش وتعميم عنف البادية. فمعادلة المجتمع الدولي كما تبرزها التصريحات، هي المحافظة على توازن الضعف لفرض تصور دولي للتسوية، لا يلبي أوهام وطموحات الجيش المختطف ولا المليشيا الإرهابية، لذلك تحاول هذه الميليشيا إستباقه بتوسيع دائرة سلطتها، كما تحاول سلطة الأمر الواقع غير الشرعية إستعادة السيطرة على بعض المناطق لتعزيز موقفها عند فرض التسوية. لذلك جاءت التصريحات قوية ومباشرة، أوضحت علم الولايات المتحدة الأمريكية بنية المليشيا الإرهابية، وأكدت أنها لا تنوي الإلتزام بالهدنة، وأدانت سلوكها المتوحش وحملتها المسؤولية ورفضت أكاذيبها حول المتفلتين، وأوضحت بجلاء أنه سيتم العمل بجد لوقف تسليح هذه المليشيا مع عدم الممانعة لتصنيفها كمنظمة إرهابية. وفي هذا رفع لسقف التهديد تدركه جيدا القوى التي تدعم المليشيا الإرهابية وتقف خلفها، وتعلم جيدا تداعياته وأثر مجابهتها لمشروع الولايات المتحدة الأميركية الذي لا تستطيع سوى الإنخراط فيه بحكم موقعها في المعادلة السياسية الدولية. ولهذا سمعنا تهليلا من بعض الناشطين من داعمي الجيش المختطف وإحتفاءا بهذه التصريحات برغم صدورها من امريكا التي دنا عذابها، متوهمين أن هذا سيصب في مصلحة سلطتهم غير الشرعية، ومسوقين للأمر على أنه دعم لهذه السلطة البائسة المنبوذة. ولو تريثوا وقرأوا التصريحات جيداً، لانتبهوا بأن الوزير أوضح بأن المتورطين جزء من الرباعية، وأن هنالك دول أخرى، وأن بلاده تعمل على إيقاف الدعم الخارجي، وأنه لا يريد تسمية دول بعينها، مما يؤكد أن إيقاف الدعم وتدفق الأسلحة سيشمل السلطة غير الشرعية أيضآ إن تم. كذلك توضح التصريحات بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل ضد أن يتحول السودان لبؤرة للجهاديين والارهابيين، وهذا يعني سلطة الأمر الواقع مباشرة لأنها مسيطر عليها من قبل جهاديين وهي متهمة بعلاقات وثيقة مع جهاديين أيضا، وعليها أن تتحسس رأسها، لأن هذه الإشارة تهدف لإفهامها بأن الهجوم على المليشيا الإرهابية لا يعني دعما لها. والسؤال المهم هو هل الولايات المتحدة الأمريكية جادة في ضغطها على المليشيا الإرهابية؟ وهل سنشهد خطوات عملية تؤكد ذلك؟ وفي تقديري أن الجدية واضحة من مباشرة التصريحات، ومن الجهد الذي تبذله هذه الدولة ضمن نشاط الرباعية، ومن التحول الواضح في خطاب واجهات المخابرات المصرية، ومن كثافة محاولات دولة الإمارات التنصل من دعم المليشيا، ومن إشارة التصريحات إلى دول اخرى متورطة بالإضافة إلى دول جزء من الرباعية، وهذا لا يقتصر على الإمارات حتما بل يشمل مصر التي تدعم سلطة الجيش المختطف أيضاً. ولكن هذا لا يعني بالحتم تدخل أمريكي عسكري لفرض وقف الدعم في أرض الواقع، بل سيقتصر على استخدام ثقل الولايات المتحدة الأمريكية ونفوذها السياسي، وربما يمتد إلى فرض عقوبات اكثر فاعلية تشمل الداعمين لطرفي الحرب ، مع إحتمال التلويح مجددا بإمكانية تصنيف المليشيا كمنظمة إرهابية مما يجعلها وداعميها في ورطة مؤكدة. عموما التصريحات إن تم تحويلها إلى سياسة عملية وفاعلة، بلا شك سوف تكبح جماح المليشيا الإرهابية وتخفف من إندفاعها، لكنها لن تنه الحرب وتفرض معادلة سياسية لمصلحة الشعب السوداني في غياب قواه المدنية الموحدة في جبهة قاعدية مؤثرة تتبنى مشروع ثورة ديسمبر المجيدة. فمالاتها لن تتجاوز إيقاف الحرب ، ومقايضة السلام بالعدالة والسماح بالإفلات من المحاسبة والعقاب لقيادات طرفي الحرب، مع فرض واجهات مدنية لحكومة إنتقال قادمة من المجموعات التسووية المعروفة المنخرطة في مشروع المجتمع الدولي. والشاهد على ذلك هو بدء منظري هذه المجموعات في الكتابة عن ضرورة القبول بهذه المقايضة التي ستقود حتما إلى اجهاض الانتقال كما أجهضته شراكات الدم السابقة التي نظر لها نفس هؤلاء. والمطلوب هو تأييد أي جهود تكبح إنفلات المليشيا الإرهابية وتوقف تمددها وإبتلاعها للمدن وتجفف منابع تمويلها وتسليحها والترحيب بالضغط عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، دون توهم بأن هناك عصا سحرية لإنهاء الصراع من الخارج لمصلحة شعب السودان، مع التمسك بمواصلة الجهد لبناء الجبهة القاعدية العريضة، وعدم التعويل على أي تحالفات فوقية قوامها مجموعات منخرطة في مشروع المجتمع الدولي ومترفعة على حركة الجماهير.
وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!! 14/11/2025
|
|