Post: #1
Title: هل أنت مثقف ؟ (٣) بقلم المهندس أحمد نورين دينق
Author: أحمد نورين دينق
Date: 11-13-2025, 08:52 PM
08:52 PM November, 13 2025 سودانيز اون لاين أحمد نورين دينق-السودان مكتبتى رابط مختصر
هنالك عدة سيناريوهات أمام شعب دولة جنوب السودان لمعالجة موضوع تردي أوضاع مواطني الدولة الوليدة في كافة مجالات الحياة المختلفة ، و كون أن الدولة الوليدة في الوقت الراهن تحتل المرتبة الأخيرة في سلم الرقي بين الأمم .. و لعل هذا التقرير الأممي يمثل نقطة فاصلة بين ما مضى من أوضاع و أحوال ، و ما هو مقبل منها . السيناريو الأول :- إعادة تنظيم حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان ؛ منذ وفاة د. جون قرنق في العام ٢٠٠٥م ، دانت الأمور للسيد سلفاكير ميار ، و طوال السنوات الماضية وهو المسؤول الأول في هذا الحزب الحاكم ، و بعد صراع عام ٢٠١٣ صار هو المنفرد بالقرار ، و صار الحزب شبحا في الخيال ، و لا وجود له في الواقع المعاش ، و لذا فإن تردي الأوضاع الأمنية و الاقتصادية بعد تاريخ ذلك الصراع ، و طوال السنوات الإثني عشرة الماضية ، يسئل عنها السيد الرئيس سلفاكير و قراراته المصيرية و لا يسئل عنها حزب الحركة الشعبية المغيب تماماً .. و السؤال الذي يطرح نفسه : هل للسيد الرئيس سلفاكير حق في تهميش حزب الحركة الشعبية ؟ الإجابة : لا . ليس له هذا الحق من كل الوجوه . كان يمكن أن يكون له هذا الحق في حالة واحدة فقط ؛ إذا كان هو الوحيد الذي ناضل من أجل حرية الرقعة الجغرافية التي يحكمها حالياً ، و إذا كان هو الوحيد الذي تسبب تصويته في إقناع حكومة السودان القديم لإعطاء الدولة الوليدة حق الميلاد ، و لكن هذا لم يحدث ، فقد ناضل معه جميع الجنوب سودانيين ، تحت زعامة حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان ، و صوت جميع الجنوب سودانيين معه من أجل نيل الحرية في العام ٢٠١٠م ، فليس له أي وجه حق هو ، و من معه في تهميش حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان ، و هذا الذي حدث منه في الفترة الماضية يعتبر خروج عن النص ، و كانت النتيجة المنطقية هي هذا الفشل الذريع الذي نحن فيه الآن ، كان حزب العدالة والتنمية التركي خاملا ؛ و لكن بعد بزوغ نجم رجب طيب اردوغان ، و تسلمه مقاليد الحزب ، أصلح حال تركيا و حال حزبه ، و صارت تركيا رقماً صعباً في الساحة الدولية ، و السبب أن إدارة الحزب و إدارة الدولة ، تحتاج إلى موهبة في الإدارة ، و نفس الشيء حدث في جمهورية الصين الشعبية ؛ فالمؤسس ماو فشل في الجوانب الإدارية ، و كانت المجاعة التي حدثت في عهده و أودت بحياة أكثر من ٢٥ مليون مواطن صيني أكبر دليل على فشله الإداري ، و لكن سلفه : دينغ شاو ، إستطاع أن يملأ الفراغ الإداري و وضع الخطة الاستراتيجية الخمسينية و التي صنعت العملاق الصيني الحالي ، بعد أن واصل حكام الحزب الشيوعي الصيني على نفس خطة الرئيس قصير القامة كبير الأثر دينغ شاو .. و بعد ، نعتقد كمثقفين من دولة جنوب السودان ، أنه آن الأوان للسيد الرئيس سلفاكير ، أن يرجع الأمانة لحزب الحركة الشعبية ، و أن يكف عن السير منفرداً بعيداً عن الحزب الذي وضع فيه الثقة بعد وفاة د. جون .. إن المواهب الإدارية موجودة في هذا الحزب ، بعضها قد جربت أثناء الأعوام العشرين الماضية من حكمك ، و بعضهم لم يجرب ، و لكن كمراقب أعجبتني موهبتين إثنتين : الأول : حاكم ولاية البحيرات رينق توينج دينق مبيور المعروف ب ( جنى فيل) ، و الثاني الفريق كوال ديم ، حاكم إدارية أبيي السابق ؛ فالأول إستطاع أن يحول ولاية البحيرات من أكثر الولايات التي كانت تعاني من المشاكل الأمنية إلى واحدة من أكثر الولايات إستقرارا و أمانا ، و جهوده في مجال التنمية مشهودة و مشكورة ، أما الثاني ، وهو الفريق كوال ديم ، فبالرغم من أن عهده في الإدارية صادف التوترات العرقية بين دينكا نقوك و القبائل المجاورة ، إلا أن الرجل أبلى بلاءا حسنا في المجال الأمني و المجال التنموي بالرغم من شح موارد المنطقة ، و بنى صروحا تنموية يذكر بها شعب دينكا نقوك عهده ، و ضرب مثلاً نادراً عندما نادي شعب دينكا نقوك ليشهدوا التسليم و التسلم بينه و بين حاكم الإدارية الجديد ، حيث إستلم الحاكم الجديد السلطة و في الخزينة مبلغ محترم جدا من الإدارة السابقة ، و هذا لا يحدث غالباً في الحلبة السياسية في قارة أفريقيا و آسيا ، حيث ، يحرص الجميع على ( تقسيم ما في الخزينة بين أفراد الحكومة المنتهية ولايتها المتنفذين) .. فهذا السيناريو ينتهي بأن يمهد السيد الرئيس سلفاكير للكفاءات الإدارية الجديدة لكي يستلموا السلطة على مستوى الحزب ، و يحيل البقية الباقية من قيادات الحركة الشعبية للتقاعد العسكري و البقية للخدمية المدنية ، على أن يتولى الإداريين الجدد مسؤولية الاعتناء برفاقهم الذين أحيلوا للتقاعد العسكري ، و بتسليمه السلطة للإداريين الجدد في الحزب و الدولة ، تكون الفئة الفاسدة التي كانت تعيش على أمل تمسكه بالسلطة إلى الأبد و الوراثة قد فقدت الحاضنة التي كانت تحميها ، و إرتاح الشعب الجنوب سوداني من فسادها إلى الأبد ، فليس لهم نصيب في حكومة الخلف في حزب الحركة الشعبية ، و مكانهم الطبيعي المنافى ، نعم المنافي فقط . و يمكن أن يغفر شعب دولة جنوب السودان خطايا سلفاكير إذا إتخذ هذه الخطوة الشجاعة ، فالخطا في حياتنا وارد و لكن الأخطر منه هو الإصرار عليه .
|
|