نظام متأسلم.. وبالصدارة في الفساد: فساد الحرب وتجاذبات السلب المنظم

نظام متأسلم.. وبالصدارة في الفساد: فساد الحرب وتجاذبات السلب المنظم


11-12-2025, 03:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1762962179&rn=0


Post: #1
Title: نظام متأسلم.. وبالصدارة في الفساد: فساد الحرب وتجاذبات السلب المنظم
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 11-12-2025, 03:42 PM

03:42 PM November, 12 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



ن


لم تعد لعبة «البيع والنهب» التي بدأنا نشهدها في سنوات الانقلابات مجرد حكاية عن ممارسات عهد مضى؛ فقد تحوّلت إلى آلية تمويل الحرب نفسها. منذ انقضاض السلاح على السياسة في أبريل 2023
اتخذت موارد الدولة—خاصة الذهب—طريقًا واضحًا إلى صناديق مجهولة تُغذي أطراف الصراع وتكسبها القدرة على الاستمرار في القتل والنهب بينما المواطن يتوسّل رغيفًا ودواءً.
الفساد في زمن الحرب ليس مجرد اختلاس مالي هنا أو توقيع عقد مريب هناك؛ هو تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات تجارية تَنْهب الثروات الوطنية لصالح شبكات متداخلة من قيادات عسكرية ورجال أعمال مرتبطين بها ووسطاء خارجيين.
لقد تطورت عمليات التهريب للذهب والوقود والمواد الاستراتيجية وأصبحت مصدر تمويل مباشرًا لقُوى مُسلّحة تدّعي حماية الوطن.

ما يميّز فساد الحرب الحالي هو طبيعة التمويل العسكري المباشر، عبر حسابات مصرفية خارجية وشركات غطاء وعمليات تهريب منظّمة تُدار بغطاء أمني وسياسي.
فقد رُبطت مصالح الحرب بأذرع تجارية واقتصادية تمتد إلى خارج البلاد، وأصبح الفساد وسيلة لضمان استمرار القتال لا لوقفه.
النتيجة دولة منهارة تبيع ما تبقى من بنيتها الوطنية. أراضٍ وموانئ ومؤسسات عامة تُحوّل إلى ممتلكات خاصة أو تُسامَر بصفقات لا تسجّل في دفاتر الدولة.
والخسارة لا تُقاس فقط بالمال، بل بانهيار قدرة الدولة على توفير الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين.
الافتراض الغبي القائل إنّ «اليد الفاسدة يمكنها محاربة الفساد» سقط سقوطًا مدويًا أمام وقائع التملّص من المساءلة.
تغييرات مناصب مسؤولين متورطين، ترقيات بدل محاسبة، ونقلهم بين المؤسسات بدلاً من إحالتهم للقضاء، كل ذلك يؤكّد أن الفساد مؤسّس داخل شبكة السلطة والمال.

ولا بد أن نقولها بصراحة: الفساد المُموّل للحرب يضاعف المأساة الإنسانية. موارد يمكن أن تُخصّص لشراء أدوية أو إصلاح شبكات المياه تُهرّب لشراء الطائرات المسيّرة والمعدات القتالية.
يتحول الفقر واللجوء والمجاعة إلى نتائج مباشرة لسياسات الربح الحربي.
المخرج لا يكون إلا بمعالجة اقتصاد الفساد. فكل مفاوضات سياسية لا ترافقها آليات شفافة للتحقيق في السرقات وتجميد أصول المشتبه بهم ستبقى عبثًا.
كما يجب أن تُستعاد مؤسسات الدولة من أيدي الفاسدين وإخضاعهم للمحاسبة دون انتقائية.

إن محاربة الفساد في زمن الحرب ليست رفاهية أخلاقية بل شرط لبقاء الدولة نفسها.
فبدون مساءلة حقيقية ستظل ثروات السودان تُستنزف، وستبقى الحرب مربحة لمن يملكون السلاح وخسارة أبدية للمواطن العادي.