الوطنية بين آصداء الوعي وواقع الشعارات: نحو بناء عمل ملموس كتبه ادم ابكر عيسي

الوطنية بين آصداء الوعي وواقع الشعارات: نحو بناء عمل ملموس كتبه ادم ابكر عيسي


11-11-2025, 07:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1762888565&rn=0


Post: #1
Title: الوطنية بين آصداء الوعي وواقع الشعارات: نحو بناء عمل ملموس كتبه ادم ابكر عيسي
Author: ادم ابكر عيسي
Date: 11-11-2025, 07:16 PM

07:16 PM November, 11 2025

سودانيز اون لاين
ادم ابكر عيسي-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



●آصداء الوعي .


غالبًا ما تُفهم "الوطنية" في سياقاتنا المعاصرة على أنها مزيج من الانتماء العاطفي، والتعبيرات الحماسية، ورفع الشعارات الرنانة التي تتردد صداها في المناسبات العامة. يبدو الأمر وكأن الولاء للوطن يختزل في مجرد تردد هذه الكلمات، وفي رفع اللافتات التي تعلن عن حب الوطن. لكن، هل تكفي هذه التعبيرات لتشكيل وطنية حقيقية وفاعلة؟ يطرح هذا المقال تساؤلاً جوهرياً حول الفجوة بين الوطنية كشعار براق، والوطنية كواقع ملموس يتجسد في أفعال تحقق العدالة والرفاهية للشعب. إن الوعي الحقيقي بمتطلبات الوطنية يبدأ عندما تتلاشى أصوات الشعارات الجوفاء، وتتعالى الحاجات الملحة للشعب، حيث يدرك المواطن أن الوطنية ليست مجرد خطاب، بل هي عمل دؤوب يسعى للتغيير الإيجابي.

■اولا: نقد الشعارات الوطنية الجوفاء

في كثير من الأحيان، تتحول الشعارات الوطنية إلى مجرد "أغطية صوتية" تخفي تحتها ممارسات منافية لما تدعيه. يصبح الشعار الأجوف أداة للتضليل، حيث يُستخدم لإخفاء عمليات النهب المنظم والتبديد الممنهج للموارد. عندما يتجسد "صدى الحرية" في مجرد رفع شعارات دون وجود آليات حقيقية للمساءلة أو العدالة، فإنه يتحول إلى "أنين" في آذان من يعانون من غياب هذه المبادئ. إن الخطورة الحقيقية تكمن في قدرة هذه الشعارات على تخدير الوعي العام، وتشتيت الانتباه عن القضايا الجوهرية، بينما تستمر عمليات الفساد في التنامي في الخفاء، مما يخلق حالة من الاغتراب بين ما يُقال وما يُفعل.

■ثانيا : متطلبات الوطنية الحقيقية: البحث عن التغيير الملموس

الشعب لا يريد مجرد خطابات؛ الشعب يريد نتائج ملموسة ومبهرة. إن جوهر الوطنية الحقيقية يكمن في قدرتها على إحداث تغيير حقيقي وملموس في نمط حياة الناس، وسلوكهم، ومعاشهم. تتحقق الوطنية عندما تهتم الدولة بقطاعات شعبها، وتسعى جاهدة لتأمين رفاهيتهم وأمنهم من الجوع والخوف. وعندما تصون سيادتها لا بمجرد التلويح بالشعارات، بل بوضوح الرؤية حول القضايا المصيرية، سواء في السلم أو الحرب، والتخطيط للمستقبل. إن مفهوم "الوطنية" يجب أن يُعاد تعريفه ليتركز على الأداء والنتائج، وليس على مجرد التعبير اللفظي.

●ثالثا الوطنية ليست لافتات: نحو عمل هادف

إن كثرة الأسماء والمسميات، مثل "الوطنية" وغيرها، لا تصنع شيئاً إذا لم تكن مدعومة بأفعال حقيقية. فاللافتات والمصطلحات الفارغة لا تشكل وطناً ولا تبني مستقبلاً. يجب أن يتجاوز مفهوم الوطنية مجرد الانتماء السطحي أو التعبير عن المشاعر العابرة، ليصبح التزاماً بالنزاهة في الإدارة، والعدل في التوزيع، والمساواة في الحقوق والواجبات. عندما تتحول الوطنية من شعار إلى منهج عمل، ومن خطاب إلى أفعال، عندها فقط يمكننا الحديث عن بناء وطن حقيقي، وطن يشعر فيه المواطن بالأمان والكرامة والرفاهية، ويدرك أن تضحياته وجهوده تصب في مصلحة عامة حقيقية.

●في الختام، تتضح لنا معضلة التغيير الملموس في ظل هيمنة الشعارات الوطنية الجوفاء. إن الوطنية الحقيقية ليست مجرد أصداء في ساحات العلن، بل هي وعي عميق بالحاجات الحقيقية للشعب، وترجمة هذا الوعي إلى أفعال ملموسة تحقق العدالة، والنزاهة، والرفاهية. يجب علينا كأفراد ومجتمعات أن نطالب بإعادة تعريف لمفهوم الوطنية، بحيث لا يقتصر على الخطابات، بل يمتد ليشمل العمل الهادف، والنتائج الإيجابية التي تلمس حياة المواطنين مباشرة. فالوطن يُبنى بالأفعال، ويُعزز بالنزاهة، وتُصان سيادته بالرؤية الواضحة والعمل الدؤوب.