هل يا ترى بسقوط الفاشر يكون قد سقط معه وعد بلفور الذي وعده الكيزان للموراليين، مناوي وجبريل؟

هل يا ترى بسقوط الفاشر يكون قد سقط معه وعد بلفور الذي وعده الكيزان للموراليين، مناوي وجبريل؟


11-10-2025, 10:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1762772039&rn=0


Post: #1
Title: هل يا ترى بسقوط الفاشر يكون قد سقط معه وعد بلفور الذي وعده الكيزان للموراليين، مناوي وجبريل؟
Author: أوهاج م صالح
Date: 11-10-2025, 10:53 AM

10:53 AM November, 10 2025

سودانيز اون لاين
أوهاج م صالح-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



هل يا ترى بسقوط الفاشر يكون قد سقط معه وعد بلفور الذي وعده الكيزان للموراليين، مناوي وجبريل؟
بقلم اوهاج م صالح
قبل ان نخوض في صلب عنوان المقال، اسمحوا لي ان اعطي فكرة مبسطة بالمقصود بوعد بلفور، ذلك الوعد الشؤم الذي اصبح غصة في حلوق المسلمين والعالم بصفة عامة والعرب والفلسطينيين بصفة خاصة.

فوعد بلفور يا سادة يا كرام هو ذلك الوعد الذي وعدته بريطانيا ممثلة في وزير خارجيتها السيد/ آرثر بلفور، لليهود لإقامة دولة لهم في فلسطين، وكان نص الخطاب الذي كتبه السيد بلفور كالآتي:

وزارة الخارجية
الثاني من نوفمبر 1917

عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته بالتصريح التالي الذي يعبر عن التعاطف مع طموحات اليهود الصهاينة التي تم تقديمها للحكومة ووافقت عليها.
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الأخرى المقيمة في فلسطين أو من الحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأخرى أو يؤثر على وضعهم السياسي".
وسأكون ممتناً لك إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا البيان.

المخلص
آرثر بلفور

أما فيما يختص بالأسباب التي دفعت بريطانيا إلى إصدار هذا الوعد، فهناك أكثر من تفسير لذلك، أهمها أن بريطانيا أرادت بذلك الحصول على دعم الجالية اليهودية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى لما تتمتع به من نفوذ واسع هناك لدفع الولايات المتحدة للاشتراك في الحرب إلى جانب بريطانيا.
أما التفسير الآخر فهو الاعتقاد بأن العهد القديم من الإنجيل يضمن حق إسرائيل في فلسطين. طبعاً لم تتضمن الرسالة كلمة "دولة" بل تتحدث عن "وطن.

وجاءت رسالة بلفور تتويجاً لسنوات عديدة من الاتصالات والمفاوضات بين الساسة البريطانيين وزعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا.
و تعود فكرة هذه الرسالة الى فترة ما قبل ان تضع الحرب العالمية الأولى اوزارها، حيث رغب المنتصرون فيها بتقسيم تركة الإمبراطورية العثمانية، فكتب آرثر بلفور هذا الرسالة للتعبيرعن تعاطف بريطنيا مع مساعي الحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود في فلسطين. وقد ادت تلك الرسالة الى إقامة دولة إسرائيل بعد 31 عاماً من تاريخ الرسالة، أي عام 1948.
وقد ساهمت تلك الرسالة في تشجيع يهود القارة الأوروبية على الهجرة إلى فلسطين خلال الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية. كما هاجرت اعداد كبيرة من اليهود الكانوا متواجدين في الدول العربية وعلى رأسها المغرب، واليمن، والعراق، ومصر، وجزء قليل من السودان.

قد يسأل سائل عن ماهي علاقة هذا الوعد بسقوط الفاشر؟ العلاقة يا سادة يا كرام هي ان الموراليين لديهم فكرة من قديم الزمان، كما هو الحال بالنسبة لليهود، لإنشاء دولة لهم تجمع شعثهم المبعثر في دول افريقية عدة. وبطبيعة الحال فإن جماعة الكيزان يعلمون بفكرة الموراليين تلك، لذلك بعد استلامهم للسلطة في السودان بإنقلابهمم المشؤوم في يونيو 1989م، ولحاجتهم لدعم من جهات تشترك معها في نفس التفكير، وعدوا كيان الموراليين بقيادة الدكتور/ خليل ابراهيم، احد قياداتهم الإسلامية، و من بعده فكي جبريل، و اركو ميناوي، وعدوهم بتمكينهم من دارفور لإقامة دولتهم المنشودة " دولة زغاوة الكبرى"، شريطة ان يدعم الموراليين الكيزان بشدة لتوطيد حكمهم للسودان. وكانت اولى خطوات ذلك الوعد، بأن قام الكيزان بتدبير إنقلاب على الحكومة التشادية في بواكير عهدهم. وقد تم التدبير ذلك الإنقلاب في السودان، وتحديدا في منطقة الطينة في شمال دارفور(معقل دار الزغاوة) حيث أخذ منها الرئيس الراحل ادريس دبي، ونصب رئيساً لدولة تشاد كلبنة اولى تمهيداً لإقامة دولة زغاوة الكبرى. ومنذ ذلك الوقت ظل الموراليين في نشاط دائم للقضاء على جميع القبائل المتواجدة في المناطق الممتدة من الفاشر وحتى الجنينة حيث قاموا بإبادة الآلاف من البشر والقبائل التي لا تنتمي الى كيانهم وحرقوا جميع القرى التي تسكنها قبائل غير كيان الزغاوة، وفي الوقت نفسه كانوا يستقدمون إثنية الزغاوة من مختلف دول غرب افريقيا وتوطينهم في تلك القرى. ولتأكيد هذا الكلام، فبعد ان كان عدد افراد هذا الكيان في دارفور وعموم السودان، قبل مجيء الكيزان، لا يتجاوز 3% من اجمالي تعداد سكان دارفور، الآن قد يكون عددهم وصل الى 10% من تعداد سكان دارفور. واذا نظرنا الى خارطة السودان الكبير، فإنك ستجد الزغاوة متواجدين في جميع المدن السودانية من غربها لشرقها ومن جنوبها لشمالها. ووجود هؤلاء الناس ليس كوجود القبائل الأخرى التي قد تكون نزحت بسبب التعليم او اكتساب الرزق، أو بسبب الحروب او الجفاف. فإن وجود الزغاوة منظم بدليل انهم في كل مدينة ينشئون لهم مكاتب اشبه بنظام الجاليات وقد وضعوا لها اسس ونظم وفرضوا فرض عين على كل خريج جامعي من كيان الزغاوة ان يتكفل بمساعدة احد ابناء هذه الإثنية لتكملة تعليمه الجامعي، بل وابتعثوا الكثير من ابنائهم للدراسات العليا في أوروبا ومختلف الدول الخارجية. على العموم منذ استيلاء الكيزان على الحكم، ظلت علاقتهم بالموراليين اشبه بالزواج الكاثوليكي، علاقة لا فكاك منها. طبعاً في مقابل هذا الدعم الكبيرمن الكيزان، مطلوب من قادة الموراليين تسديد فاتورة الوعد ودعم الكيزان لأحكام قبضتهم على ما تبقى من السودان. لذلك كان المرحوم د. خليل ابراهيم، من اشرس القادة الدبابين الميادنيين الذين كانوا يقاتلون في ادغال الجنوب. وقد استمعت الى احد القادة الجنوبيين في البرلمان المشترك عند تشكيل حكومة الوحدة الوطنية يقول ذلك العضو"كنا عندما نسمع ان دكتورجبريل يقود احد الحملات، لم نكن ننام على الإطلاق لأنه انسان شرس وشجاع وممكن ان يأتيك من أي اتجاه وفي أي وقت.
طبعاً بعدما تمكن الكيزان من جميع مفاصل الدولة وشعروا بعدم حاجتهم للموراليين، بدأوا في التنصيل عن وعودهم للموراليين وشابت علاقتهم فتور كبير. وعندما اتضح للدكتور خليل ابراهيم هذه الحقيقة وان الكيزان اصبحوا يتحللون من وعدهم لهم، قام الدكتور خليل بالإنشقاق عنهم وحاربهم لدرجة ان وصلت قواته الى داخل ام درمان، بما يعرف بالذراع الطويل. ولكن في نهاية المطاف غدروا به وبمساعدة بعض الدول وخيانة بعض قادته من بني جلدته، وتمت تصفيته.
الآن في هذه الحرب القذرة التي اشعلها الكيزان على اساس القضاء على الدعم السريع خلال اسبوع أو اسبوعين، فأمتدت لثلاث سنوات ولا يعرف احد مداها، وقد استنزفتهم ايما استنزاف، بشرياً ومادياً، بل اوصلتهم لمرحلة لإحباط والإعياء التام. ولما وجد الكيزان انفسهم في هذه الورطة المدلهمة، ما كان منهم الا ان أحيوا وعدهم القديم للموراليين. فأغووا وأغروا قادتهم "فكي جبريل، وأركو مناوي" ومكنوهم من مفاصل الوزارات المدرة للموارد المالية مثل وزارة المالية، ووزارة المعادن، والجمارك، كما اعطوهم مربعات للتنقيب عن الدهب وتصديره بحرية تامة. وهكذا ظل الموراليين طيلة هذه المدة، منذ انقلاب الكيزان المشؤوم، يحلبون في موارد السودان ويكنزونها لكي تعينهم على اقامة دولتهم المنشودة، التي كانوا يرونها بعيدة فأصبحت قريبة في ظل كل هذه المغريات. وفي مقابل هذا السخاء الكيزاني، طلبوا امن الموراليين التخلي عن الحياد والقتال في صفوفهم حتى يتمكنوا من القضاء على الدعم السريع. وكانت لحكامة الكيزان ندى القلعة مقولة مشهورة " تاتشر يلاقي تاتشر" . وعندما يتغلب الإثنين على الدعم السريع سوف يتم تسليم الموراليين كل دارفور صرة في خيط. فسال لعاب قادة الموراليين وقالوا هيت لكم، وانخرطوا في الحرب مع الكيزان بنشوة كبيرة ضد الدعم السريع وكان رجال الموراليين دائماً في المقدمة فكلفتهم هذه الحرب تكاليف باهظة الثمن وفقدوا فيها خيرة قادتهم وافرادهم، وقوتهم الصلبة. وخسائر الموراليين في هذه الحرب لا تقل كلفة عن خسائر الكيزان. و بالرغم من مشاركة الموراليين في الحرب بضراوة في صفوف الكيزان، استمر استنزاف الكيزان بشرياً واقتصادياً، لدرجة ان مواقعهم الإسفيرية اصبحت تبث الكثير من الإشارات السالبة تضد الموراليين، بل ويتهمونهم بأنهم يفتحون الصندوق عندما تحتدم المعارك ليوقعوا بالكيزان والجيش في شرك الدعم السريع، والمعروف بشرك ام زريده، وقد طالب بعض اللايفاتية صراحة بطرد الموراليين من الشمال.
وفي نهاية المطاف وبعد ان وجد الكيزان انهم امام عدو له لبد اظفاره لم تقلم (الدعم السريع) عدو كلما سقطت منه اعداد جاء بآخرين لا يحصى عددهم، كجراد ساري الليل، اعداد اكثر شهوة للقتال ولسان حالهم يقول " نحن رجال دقلو ما بنخاف من الموت، وان شاء الله نموت مالو؟" ، اثنين بس "نصر او شهادة". وإذء هذا السيناريو، رأي الكيزان عدم جدوى الإعتماد على الموراليين، فتركوهم لمصيرهم يواجهون الدعم السريع لحالهم في الفاشر، ولم ينفع استجداء الموراليين المتكرر للكيزان لمساعدتهم ومدهم بالعتاد العسكري والقوات لفك حصار الفاشر. ولكن الكيزان بخبثهم المعهود، وبعد ان تأكد لهم عدم جدوى الإعتماد على الموراليين، تركوهم مرة اخرى للعدو واصبحوا فراجة. انا اعتقد ان الكيزان يرون الآن ان القضاء على الموراليين يخفف عنهم الحمل الثقيل الذي اصبح فوق طاقتهم، وان تخفيض عددهم وعتادهم سوف يسهل عليهم القضاء على ما تبقى منهم في الشمال وبالتالي يستطيعوا ان يقولوا لهم في أي لحظة ورونا بياض رجليكم، وبهذه الطريقة يخرج الموراليين من المولد بدون حمص ومن الشمال وهم صاغرين.
طبعاً سبحان الله، ان الكيانيين "الكيزان وقادة الموراليين" اشبه بالمربعين المتطابقين في الأضلاع والزوايا. فهما متطابقان في السلوك والأخلاق، تماماً. حيث يمثل الضلع الأول الشبق الشديد للحكم والسلطة، والضلع الثاني يمثل الجشع الشديد لإكتناز المال بأي وسيلة كانت، والضلع الثالث يمثل السادية والولوغ في الدماء وبدون ان يجف لهم رمش، الضلع الرابع الكذب البواح والنفاق كامل الدسم. وبهذه العقلية فسوف لن يكون خروج الموراليين من الشمال سهلاً كما يتخيل البعض، لأنهم ايضا يجيدون الكيد تماماً كما هم الكيزان، فكلا الكيانين يقول للآخر" يكيدون كيدا وأكيد اكيدا" لذلك سوف يكلف خروج الموراليين من الشمال كلفة باهظة للكيزان واهل الشمال، وخروجهم لن يكون بتلك البساطة الا بماء حامي وطبق ضرابة "ويكة" كما يقول المثل الدارفوري.
الخلاصة، مع استمرار الحصار القاسي للفاشر والتدوين المستمر للقيادة انتهى الأمر بسقوط الفاشر. وسقوط الفاشر صاحبها الكثير من اللغط، حيث يقول قائد الجيش البرهان انهم انسحبوا نتيجة للضغط الكثيف على الجيش وشركائه في القيادة، وهناك اقوال اقرى منسوبة للدعم السريع تقول بأن القيادة حررت بالقوة وقد اظهروا جزء من قوات الجيش والمشتركة الذين تم اسرهم، وعلى رأسهم قائد القيادة في الفاشر. على العموم، أياً كانت طريقة التي سقطت بها القيادة في الفاشر، وما صاحبها من تجاوزات فظيعة وانتهاكات مؤسفة طالت المدنيين وبعض العسكريين الذين لم يستسلموا، بهذه النتيجة قد اسدل الستار عن الفاشر وأصبح الموراليين في وضع غاية في التعقيد والأحباط. فهل يا ترى بسقوط الفاشر يكون قد سقط وعد بلفور الذي وعده الكيزان للموراليين، وبالتالي سقطت معه فكرة دولة زغاوة الكبرى؟

لا للحرب، نعم للسلام.
كلنا سودانيين ويضمنا وطن واحد ولا يهمنا ان ننتمي لهذه القبيلة او تلك.

اوهاج م صالح