الحرب الأهلية السودانية تُدمّر صميم إنسانيتنا كتبه ألون بن مئير

الحرب الأهلية السودانية تُدمّر صميم إنسانيتنا كتبه ألون بن مئير


11-06-2025, 03:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1762399636&rn=0


Post: #1
Title: الحرب الأهلية السودانية تُدمّر صميم إنسانيتنا كتبه ألون بن مئير
Author: ألون بن مئير
Date: 11-06-2025, 03:27 AM

03:27 AM November, 05 2025

سودانيز اون لاين
ألون بن مئير-إسرائيل
مكتبتى
رابط مختصر




تُعدّ الحرب الأهلية السودانية من أعظم المآسي التي نشهدها اليوم. ويشعر المجتمع الدولي بالخزي لوقوفه مكتوف الأيدي، مُشاهدًا بلا مبالاة هذه الكارثة الإنسانية المُستمرة.
اندلعت الحرب الأهلية السودانية في أبريل/نيسان 2023، وحتى الآن لم تُجدِ عدة جولات من محادثات السلام نفعًا في إنهاء هذا الصراع المُروّع والمستمر. أصبح الجنرالان اللذان تحالفا في قيادة انقلاب 2021 قائدَي طرفي الصراع: الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية ورئيس البلاد من حيث الجوهر. أما نائبه السابق وخصمه الحالي فهو الفريق محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع التي يبلغ قوامها 100 ألف جندي.

حققت قوات الدعم السريع في يونيو/حزيران 2025 انتصارًا كبيرًا عندما سيطرت على المنطقة الواقعة على طول حدود السودان مع ليبيا ومصر. اتُهم الرجل القوي في ليبيا، الجنرال خليفة حفتر، بدعم قوات الدعم السريع من خلال تزويدها بالأسلحة والمقاتلين. كما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم منظقة دارفور وجزء كبير من كردفان المجاورة. وهناك مخاوف في الواقع من احتمال تقسيم البلاد مرة أخرى إلى دولتين إذا نفذت قوات الدعم السريع خطتها المعلنة لتشكيل حكومة منافسة.

فظائع لا تُوصف
لعل أفظع عواقب الصّراع هي اغتصاب وقتل الأبرياء بمن فيهم الأطفال والرضع. لقد أفادت الأمم المتحدة بمقتل أكثر من 40 ألف شخص ونزوح أكثر من 14 مليونًا؛ وقد حدّد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي مجاعة واسعة النطاق تؤثر على ما يقرب من 400 ألف شخص. كما كان هناك عنف جنسي واسع النطاق ومروّع ضد الأطفال الصغار جدًا، وتقارير عن أطفال يحاولون الإنتحار نتيجة لهذه الهجمات.

كان شعب المساليت وغيرهم من المجتمعات غير العربية في ولاية غرب دارفور بالسودان هدفًا للتطهير العرقي. ارتكبت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها فظائع وهجمات متواصلة في أحياء المساليت في الجنينة، عاصمة غرب دارفور، مما أسفر عن مقتل الآلاف وترك عدد مماثل دون ملجأ أو مأوى.

وفي فبراير/شباط قصف الجيش السوداني نيالا، أكبر مدن جنوب دارفور، بقنابل غير موجهة. أسفرت هذه الضربات عن مقتل العشرات وتدمير أحياء مدنية، في مثال صارخ على الحرب العشوائية. وفي غضون ذلك، تعرضت قوافل الأمم المتحدة للهجوم عدة مرات، بما في ذلك في أوائل يونيو/حزيران وأواخر أغسطس/آب، مما يثبت مجددًا أن العاملين في المجال الإنساني محاصرون أيضًا.

الدول المتواطئة في فوضى السودان
يتلقى الجنرال البرهان دعمًا رئيسيًا من قطر التي تزوده بالدعم المالي والأسلحة. كما تدعمه إيران، التي يُقال إنها تزوده بالطائرات المسيرة، وإريتريا، التي تستضيف معسكرات تدريب للجماعات الموالية للقوات المسلحة السودانية، وخاصة بالقرب من الحدود الشرقية. وتتلقى قوات الدعم السريع دعمًا كبيرًا من الإمارات العربية المتحدة التي اتُهمت بإرسال أسلحة وطائرات مسيّرة إليها. وشاركت شركات دفاع تركية أيضًا في توفير طائرات مسيرة يستخدمها كلا الجانبين.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن تعاطي مقاتلي الميليشيات للمخدرات – وتحديدًا الكبتاجون، وهو أمفيتامين صناعي – “أدخل متغيرًا جديدًا وخطيرًا إلى ساحة معركة فوضوية أصلًا”. وحبوب الكبتاجون، التي يمكن إنتاجها بمئات الملايين، تجعل المقاتلين أكثر ميلًا للعنف وأكثر عرضة لارتكاب فظائع شنيعة.

يعتمد نصف سكان السودان الآن على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة – ويعتمد أكثر من 25 مليون شخص على شحنات الغذاء لمجرد البقاء على قيد الحياة من يوم لآخر، هذا في بلد تتساقط فيه القنابل باستمرار وتُحرق القرى حتى تتحول إلى رماد. ترتكب كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية فظائع دون عقاب مع حصار المدنيين في خضم هذه الحرب الكابوسية: عمليات قتل عرقية مستهدفة واغتصاب جماعي وضربات جوية على المستشفيات والمنازل ونهب المساعدات وحصار يؤدي إلى تجويع مدن بأكملها.

وإذا ضغط أي من الجانبين لتحقيق نصر كامل، وهو ما يبدو في هذه المرحلة بعيد المنال تقريبًا، فسوف ينطوي ذلك على تصعيد المذبحة إلى أبعاد كارثية حقًا – كما سيعني ذلك أن الدول الأخرى (روسيا وإيران والإمارات العربية المتحدة وليبيا وتشاد وإثيوبيا ومصر، إلخ)، التي انضمت إلى أحد الجانبين أو الآخر، سيتعيّن عليها تكثيف دعمها بشكل كبير في المساعدات العسكرية وتوفير أسلحة أكثر تطورًا. لا يزال كلا الجانبين متمسكين تمامًا بمعارضتهما المتبادلة، ولا يبدو أن الدول الداعمة لهما مستعدة للنظر في ممارسة ضغوط دبلوماسية لتغيير الوضع الراهن.

وإذا استمر الصراع لسنوات، فسيدمر ما تبقى من السودان وسيعمق فقط الكارثة التي حلت بملايين المدنيين السودانيين.

لا وقت نضيعه
الحرب الأهلية في السودان فضيحة أخلاقية وإنسانية – صراع على السلطة بين قائدين عسكريين قاسيين، لا يكترث أي منهما لمصالح بلاده الحقيقية، لكن كل منهما طماع في المزيد من السلطة والثروة، بينما يدفع المدنيون ثمنًا باهظًا من الموت والدمار.

يجب على المجتمع الدولي أن يستعيد صوابه ويبذل جهدًا دبلوماسيًا متضافرًا لوضع حدّ لهذه المذبحة العبثية والقتل العشوائي والإغتصاب والنهب.

قد يبدو هذا الجهد ضربًا من الخيال، ولكن كم من الأطفال يجب أن يروا والديهم يُقتلون أو يُعتدى عليهم جنسيًا ؟ وكم من الأمهات يجب أن يشاهدن أطفالهن يُقتلون أمام أعينهن؟ وكم امرأةً أخرى يجب أن تُغتصب جماعيًا قبل أن تُقتل بوحشية على يد ميليشيات شبه عسكرية مثارة بالمخدرات؟ وكم طفلًا آخر يجب أن يُحاول الإنتحار هربًا من رعب وجوده؟

على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن
يجب استيفاء عدة شروط لإنهاء الحرب. لا يوجد للأسف ما يدعو للإعتقاد بأن ترامب سيفعل أي شيء لإنهاء الحرب. إن تواطؤه في الإبادة الجماعية في غزة يكشف الكثير عن لامبالاته وقسوته. لذا، فإن إنهاء الحرب يتطلب جهدًا دبلوماسيًا دوليًا دقيقًا، وخاصة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

أولًا، يجب على المجتمع الدولي دعم تحقيقات موثوقة وفرض حظر شامل على الأسلحة على جميع الأطراف المتورطة في السودان لقطع تدفق الأسلحة وإنهاء دعمها الساخر والأنانيّ.

ثانيًا، يمكن للإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تنسيق عقوبات محددة على الأفراد والكيانات التي تُقدم الدعم المالي أو العسكري للمقاتلين وضمان حماية الملايين الذين ما زالوا عالقين في هذه الحرب.

ثالثًا، يمكن للاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الدفع نحو بعثة حفظ سلام بقيادة دولية لحماية المدنيين وإنشاء مناطق آمنة للمساعدات الإنسانية.

رابعًا، يجب على الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي رعاية محادثات سلام شاملة لا تقتصر على الأطراف المتحاربة فحسب، بل تشمل أيضًا قادة المجتمع المدني المحلي والجهات المعنية الإقليمية.

خامسًا، ينبغي على المجتمع الدولي زيادة التمويل الإنساني والدعم اللوجستي لضمان وصول الغذاء والمساعدات الطبية والمأوى إلى المحتاجين.

سادسًا، يجب إنشاء تحقيق أو محكمة دولية لتوثيق جرائم الحرب ومحاسبة مرتكبيها، مما سيضغط على كلا الجانبين للتفاوض.

سابعًا، يجب على المفاوضين الإستفادة من الدبلوماسية الإقليمية من خلال إشراك الدول الأفريقية والشرق أوسطية المجاورة لدعم جهود سلام موحدة.

هذه حرب بلا أي مزايا إيجابية – لا توجد مُثُل عليا على المحكّ، ومن غير المرجح أن يضمن أي من الجانبين، في حال انتصاره، مستقبلًا أفضل أو أكثر إشراقًا للبلاد. ولكن إنهاء الحرب يعني وضع حدٍّ لأزمةٍ متفاقمة تُؤثِّر على ملايين الرجال والنساء والأطفال الذين تُعاني حياتهم من المجاعة والتهديد اليومي بالعنف الجنسي والتشويه والموت.

لقد حان الوقت للقوى الغربية للتحرك، وإلا فإن إفلاسها الأخلاقي سيتجلى جليًا، حيث ستستمر الأوضاع في التدهور لتتحول في النهاية إلى جحيمٍ لا يُطاق لعشرات الملايين من السودانيين الأبرياء.