هل تتدخل مصر عسكرياً في السودان؟ بين الشائعات والتكلفة الاستراتيجية#

هل تتدخل مصر عسكرياً في السودان؟ بين الشائعات والتكلفة الاستراتيجية#


11-06-2025, 03:26 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1762399584&rn=0


Post: #1
Title: هل تتدخل مصر عسكرياً في السودان؟ بين الشائعات والتكلفة الاستراتيجية#
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 11-06-2025, 03:26 AM

03:26 AM November, 05 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر






تتجدد، بين الحين والآخر، مزاعم على وسائل التواصل الاجتماعي عن ضربات جوية مصرية استهدفت مواقع تتبع لقوات «الدعم السريع» في مناطق جبل عوينات وبرديس المتاخمة للحدود.
هذه المزاعم تنتشر سريعًا ثم تخفت، لكنها غالباً ما تفتقر إلى أدلة ميدانية أو صور أقمار صناعية أو تقارير مستقلة تدعمها. وفي المقابل، تصدر القاهرة مواقف رسمية حاسمة تنفي أي تدخل عسكري مباشر، مؤكدة أن سياستها ترتكز على «الحفاظ على وحدة السودان» ودعم مسارات الحل السياسي.
وبين النفي الرسمي من جهة، وحرب الخطاب والدعاية المتبادلة من جهة أخرى، تتحول الأسئلة إلى ما هو أبعد من حقيقة الضربة ذاتها-هل لدى مصر مبررات استراتيجية للتدخل؟ وهل تستطيع تحمل كلفته؟
المصداقية تحت المجهر: حرب معلومات لا حرب طائرات
توضح مراجعة التقارير الإعلامية المستقلة أن ما يجري هو حرب إعلامية بقدر ما هو صراع مسلح.
فـ«الدعم السريع» يسعى إلى تصوير نفسه كضحية تآمر إقليمي لكسب شرعية دولية وتعاطف خارجي، بينما يحاول الجيش السوداني الإيحاء بامتلاكه دعمًا عسكريًا نوعيًا يعزز موقعه في ميزان القوة.
ما تمّ توثيقه حتى الآن يرجّح وجود دعم مصري غير مباشر يتمثل في تبادل معلومات استخباراتية وتعاون تدريبي ولوجستي — لا أكثر. أي تدخل جوي مباشر، لو وقع، كان سيترك آثارًا يمكن تتبعها بسهولة عبر الأقمار الصناعية المفتوحة المصدر، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.
التداعيات العسكرية- أثر محدود لا يغير ميزان الحرب
لو افترضنا — نظريًا — تنفيذ مصر ضربات عسكرية محدودة، فإن نتائجها على الأرض ستكون:
تأثير تكتيكي قصير المدى: تعطيل خطوط إمداد «الدعم السريع» في بعض المحاور الصحراوية.
تعقيد لوجستي كبير: المسافة الشاسعة، طبيعة الصحراء المفتوحة، التمركز غير الثابت للميليشيات.
احتمالات رد انتقامي: مثل استهداف الحدود أو مصالح اقتصادية أو بنية تحتية مرتبطة بمصر.
الحرب في السودان ليست حرب جيوش كلاسيكية، بل شبكات مسلحة متعددة تتحرك بخفة عالية، مما يجعل الضربات الجوية وحدها غير قادرة على حسم الصراع أو تثبيت مكاسب طويلة المدى.
الإقليم على الخريطة: بين الأدوار والاصطفافات
الإمارات- تواجه اتهامات دولية متصاعدة بدعم «الدعم السريع» عبر خطوط تمويل وإمداد، وقد رفعت الحكومة السودانية دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد أبوظبي.
هذا التحول القانوني يعيد صياغة المشهد: فبمجرد انتقال الاتهامات من المجال السياسي إلى ساحة القانون الدولي، تصبح ملفات الدعم العسكري العابر للحدود جزءاً من هندسة ميزان القوة الإقليمي.
السعودية- تلعب الرياض دورًا يوازن بين الوساطة وتأمين مصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر.
وهي تدرك أن انزلاق السودان إلى صراع إقليمي معلن سيهدد مشاريع استثمارية وأمنية تمتد على الشريط الساحلي الغربي للبحر الأحمر. لذلك، تفضّل تجميد الاصطفاف العسكري وتفعيل قنوات التفاوض.
مصر والاقتصاد: كلفة الحرب أعلى من مردودها
أي قرار بالتدخل العسكري لا يُقاس فقط بالميدان، بل بالاقتصاد الذي يمول هذا الميدان.
الأرقام الحالية التي يجب وضعها في الحسبان:
التضخم في مصر ~11.7% (سبتمبر 2025): تراجع، لكنه ما زال يضغط على الأسواق والأجور.
الدين الخارجي ~161 مليار دولار: أعلى مستوى تاريخي، ما يقيّد قدرة الدولة على تمويل عمليات عسكرية طويلة.
احتياطي النقد الأجنبي ~49.5 مليار دولار: رقم جيد نسبيًا، لكنه هش أمام صدمات إنفاق مفاجئة.
بمعنى مباشر-أي تدخل عسكري واسع قد يدفع مصر إلى ضغط مالي جديد، وارتفاع تكلفة الاقتراض، وتأكل الاحتياطي النقدي.
اقتصاد مصر اليوم غير مهيأ لحرب جديدة — خصوصًا في لحظة تعتمد فيها القاهرة على الاستثمار الإقليمي والتسهيلات الخارجية واستقرار البيئة الداخلية.
السيناريو الأقرب للحدوث
السيناريو درجة الاحتمال لماذا؟
استمرار الدعم غير المباشر (استخبارات، تدريب، تنسيق سياسي) مرتفع يحقق تأثيرًا بتكلفة منخفضة ويحافظ على المرونة
ضربات محدودة بإنكار رسمي متوسط محتمل فقط إذا انقلب ميزان الأرض لصالح «الدعم السريع» بشكلٍ مقلق
تدخل عسكري واسع وواضح ضعيف جدًا تكلفته تفوق فوائده عسكريًا، سياسيًا، واقتصاديًا
التقدير النهائي
في حسابات القاهرة اليوم، الحرب مكلفة أكثر مما ينبغي، والنتائج غير مضمونة، والضغط الاقتصادي الداخلي لا يسمح بفتح جبهة جديدة غير محسوبة.
ولذلك، ستظل مصر — على الأرجح — تفضل دور الداعم الحذر والفاعل الدبلوماسي على أن تتحول إلى طرف مقاتل مباشر.
الصراع في السودان لم يعد ساحة عسكرية فقط، بل أصبح فضاءً لإعادة تشكيل الإقليم كله. أي خطوة مصرية، صغيرة أو كبيرة، ستعيد رسم الخرائط لا الحدود فقط.