Post: #1
Title: مِنْ "بَلْ بَسْ" إِلَى "بَلَى"… الْمُؤْتَمَرُ اللَّاوَطَنِيُّ يُفَاجِئُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ! كتبه ا
Author: الأمين مصطفى
Date: 11-04-2025, 11:03 AM
11:03 AM November, 04 2025 سودانيز اون لاين الأمين مصطفى-السودان مكتبتى رابط مختصر
فِي مَشْهَدٍ سِيَاسِيٍّ يَصْلُحُ لِأَنْ يَكُونَ جُزْءاً مِنْ مَسْرَحِيَّةٍ عَبَثِيَّةٍ كَتَبَهَا بِيكِيت وَرَاجَعَهَا جُحَا، خَرَجَ الْمُؤْتَمَرُ اللاوطنى فَجْأَةً مِنْ سُبَاتِهِ الشِّتْوِيِّ الطَّوِيلِ، وَهُوَ يُلَوِّحُ بِشِعَارٍ جَدِيدٍ لَامِعٍ، يَسْطَعُ عَلَى لَافِتَاتِهِ كَمَا تَلْمَعُ دَمْعَةُ تِمْسَاحٍ فِي صَحْرَاءَ عَطْشَى:بَلَى لِلتَّفَاوُض!"نَعَمْ، يَا سَادَتِي، هَذَا هُوَ الْحِزْبُ الَّذِي أَمْضَى أَعْوَاماً وَهُوَ يُزَمْجِرُ بِشِعَارِهِ الْأَشْهَرِ "بَلْ بَسْ!" – تِلْكَ الْعِبَارَةُ الَّتِي كَانَتْ تُقَالُ بِنَبْرَةٍ تَجْمَعُ بَيْنَ الْكِبْرِيَاءِ وَالْإِنْكَارِ وَالرَّفْضِ الشَّدِيدِ لِأَيِّ فِكْرَةٍ تَشِي بِالتَّنَازُلِ.وَلَكِنْ يَبْدُو أَنَّ "الْبَلْ" تَعِبَتْ، وَ"الْبَسْ" تَقَاعَسَتْ، فَقَرَّرَ الْقَوْمُ أَنْ يُضِيفُوا أَلِفاً مَمْدُودَةً مِنَ الْوَاقِعِيَّةِ الْجَدِيدَةِ، فَصَارَ الشِّعَارُ "بَلَى"، وَكَأَنَّهُمْ اكْتَشَفُوا فَجْأَةً أَنَّ الدُّنْيَا لَا تُدَارُ بِالْإِنْكَارِ وَحْدَهُ!الْجُلُوسُ مَعَ "الْهَدْمِ السَّرِيعِ"… مُفَاوَضَةٌ أَمْ مُدَاوَاةٌ؟وَهَا هُوَ الْمُؤْتَمَرُ اللَّاوَطَنِيُّ، بِكُلِّ أَجْنِحَتِهِ وَبَيَانَاتِهِ وَبَيَانَاتِ بَيَانَاتِهِ، يُعْلِنُ قَبُولَهُ بِالْجُلُوسِ إِلَى مَائِدَةِ التَّفَاوُضِ مَعَ "الْهَدْمِ السَّرِيعِ" — الِاسْمُ الَّذِي صَارَ يُثِيرُ الْتِبَاساً عَجِيباً بَيْنَ مَنْ يَرَاهُ رَمْزاً لِلصُّلْحِ، وَمَنْ يَرَاهُ دَمْعَةَ نَدَمٍ تَأَخَّرَتْ!وَصَدَقَتْ رُؤْيَا الْبَصِيرَةِ أُمُّ حَمَدٍ!!!أَحَدُ النَّاطِقِينَ الرَّسْمِيِّينَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ لِيَقُولَ:"نَحْنُ لَا نُفَاوِضُ إِلَّا أَنْفُسَنَا، وَلَكِنْ مِنْ خِلَالِ الْآخَرِينَ!"فَصَفَّقَ لَهُ أَنْصَارُهُ بِحَمَاسٍ شَدِيدٍ، كَأَنَّهُمْ فَهِمُوا شَيْئاً. بَيْنَمَا هُمْ فِي الْحَقِيقَةِ يُمَارِسُونَ هِوَايَتَهُمُ الْمُفَضَّلَةَ: التَّصْفِيقُ قَبْلَ الْفَهْمِ.اِنْقِسَامٌ ظَاهِرِيٌّ… وَاتِّفَاقٌ بَاطِنِيٌّ عَلَى الْأَدْوَارِ!الطَّرِيفُ أَنَّ هَذَا الْقَرَارَ لَمْ يُحْدِثْ اِنْقِسَاماً حَقِيقِيّاً دَاخِلَ الْحِزْبِ، بَلْ اِنْقِسَاماً تَجْمِيلِيّاً مَدْرُوساً بِعِنَايَةٍ سِيَاسِيَّةٍ تُشْبِهُ فَنَّ الْمَاكِيَاجِ.فَبَيْنَمَا خَرَجَتْ مَجْمُوعَةٌ تُسَمِّي نَفْسَهَا "حُرَّاسُ الْبَلْ بَسْ" وَهِيَ تُلَوِّحُ بِبَيَانَاتٍ تَفِيضُ غَيْرَةً عَلَى "الثَّوَابِتِ"، كَانَتْ مَجْمُوعَةٌ أُخْرَى تُرَدِّدُ مِنْ وَرَاءِ الْكُوالِيسِ:"اتْرُكُوهُمْ يَصْرُخُونَ… سَنَلْعَبُ بِكُلِّ الْكُرُوت!"وَبِالْفِعْلِ، بَدَا الْمَشْهَدُ وَكَأَنَّ الْحِزْبَ يُفَاوِضُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ، عَبْرَ أَطْرَافٍ تَتَظَاهَرُ بِالْعَدَاءِ لِتُكْسِبَ الْمَشْهَدَ عُمْقاً دِرَامِيّاً يُرْضِي الْجُمْهُورَ الْمُتْعَبَ.إِنَّهَا نُسْخَةٌ سِيَاسِيَّةٌ مِنْ لُعْبَةِ "الْكُوتْشِينَة"، حَيْثُ الْجَمِيعُ يَحْمِلُ "الْجُوكَرَ" فِي جَيْبِهِ، وَيَنْتَظِرُ اللَّحْظَةَ الْمُنَاسِبَةَ لِيَرْمِيَهُ فِي وَجْهِ الْكَامِيرَا.اللَّعِبُ بِجَمِيعِ الْكُرُوتِ… حَتَّى كَرْتِ الدُّعَاءِ!وَلَمْ يَكْتَفِ الْحِزْبُ بِذَلِكَ، بَلْ قَرَّرَ – بِحِنْكَةٍ تَمْوِيهِيَّةٍ – أَنْ يَفْتَحَ كُلَّ الْمَلَفَّاتِ دَفْعَةً وَاحِدَةً:مَلَفَّ الْكَرَامَةِ، وَمَلَفَّ الْمَصْلَحَةِ، وَمَلَفَّ "الْمُفَاوَضَاتِ مِنْ أَجْلِ الْوَطَنِ"، وَمَلَفَّ "الْمُفَاوَضَاتِ مِنْ أَجْلِ الْمُفَاوَضَاتِ"، وَمَلَفَّ "نَحْنُ لَا نُفَاوِضُ بَلْ نُنَاوِرُ".حَتَّى إِنَّ أَحَدَ قِيَادِيِّيهِ صَرَّحَ قَائِلاً:"نَحْنُ نُفَاوِضُ لِتَوْحِيدِ الصُّفُوفِ، لَا لِتَقْسِيمِ الْغَنَائِم!"فَابْتَسَمَ الْمُرَاسِلُونَ فِي صَمْتٍ، لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّ الْعِبَارَةَ تَصْلُحُ أَكْثَرَ كَشِعَارٍ لِحَمْلَةٍ دِعَائِيَّةٍ لِمَطْعَمٍ جَدِيدٍ:"تَوْحِيدُ الصُّفُوفِ… عَلَى صَحْنٍ وَاحِد!"الْخِتَامُ: مَنْ لَا يُغَيِّرُ شِعَارَهُ، تُغَيِّرُهُ الْوَقَائِعُ!لَقَدْ أَثْبَتَ الْمُؤْتَمَرُ اللَّاوَطَنِيُّ مُجَدَّداً أَنَّ الشِّعَارَاتِ فِي السِّيَاسَةِ لَيْسَتْ إِلَّا مَلَابِسَ مُوسِمِيَّةً تُبَدَّلُ بِحَسَبِ الطَّقْسِ الدُّوَلِيِّ وَالرُّطُوبَةِ الْمَحَلِّيَّةِ.فَمِنْ "بَلْ بَسْ" إِلَى "بَلَى"، وَمِنْ "لَنْ نُفَاوِضَ" إِلَى "فَلْنَتَفَاوَضْ"، وَمِنْ "الثَّوَابِتُ خَطٌّ أَحْمَرُ" إِلَى "الْمُرُونَةُ مِنْ ثَوَابِتِنَا"… يَبْدُو أَنَّ الْحِزْبَ قَرَّرَ أَخِيراً أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ الْوَاقِعِ كَعَجِينَةٍ يُمْكِنُ عَجْنُهَا فِي كُلِّ اِتِّجَاهٍ، مَا دَامَتِ النَّارُ لَمْ تَنْطَفِئْ بَعْدُ، بَعْدَ أَنْ عَجَنَ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ فِي الْحَرْبِ الْعَبَثِيَّةِ.فِي النِّهَايَةِ، هَذِهِ الْقُدْرَةُ الْمُدْهِشَةُ عَلَى التَّحَوُّلِ مِنْ "بَلْ بَسْ" إِلَى "بَلَى" دُونَ أَنْ يَطْرِفَ جَفْنٌ سِيَاسِيٌّ، تَدُلُّ عَلَى رَمَادِ الْمُؤْتَمَرِ اللَّاوَطَنِيِّ الَّذِي يُرِيدُ السُّكْنَى فِي الدِّيَارِ عَبْرَ رَمَادِ كُلِّ الشِّعَارَاتِ، نَتْبَعُهُ فِي ذَلِكَ أَدَوَاتُهُ مِنَ الْقَبِيلَةِ إِلَى مِيلِيشِيَاتِ مَنَاوِي وَجِبْرِيل.فَرُبَّمَاكَانَ الشِّعَارُ الْقَادِمُ هُوَ"بِسْ بَلْنَا، وَالْآنَ بَلَيْنَا!"
|
|