اجتماعات نيون السويسرية- قراءة في مخرجات التحول السياسي للسودان ودلالاتها الاستراتيجية #

06:49 PM November, 02 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

اختتمت الاجتماعات الجارية في مدينة نيون السويسرية، والتي جمعت القوى المدنية والسياسية السودانية، بإعلان مجموعة من المخرجات العملية التي تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي السوداني على أسس مدنية تشاركية.
وقد مثلت هذه الاجتماعات منعطفًا مهمًا في مسار الحوار الوطني بعد سنوات من الأزمة والصراع.
أولًا: البعد الاستراتيجي لاختيار سويسرا
اختيار سويسرا كمكان للاجتماعات لم يكن صدفة؛ حيادها السياسي ومكانتها كوسيط دولي موثوق وفرت بيئة مناسبة لحوار حر بعيد عن ضغوط الميدان والتدخلات الأمنية، مما سمح للقوى السودانية بالتعبير عن رؤاها بحرية والعمل على بلورة حلول عملية.
ثانيًا: تشكيلة التحالفات المشاركة
شارك في الاجتماعات قوى متعددة، من بينها:
الكتلة الديمقراطية بمشاركة قوى مسلحة سابقة وقوى مدنية.
تحالف صمود الذي ضم أطيافًا سياسية متنوعة.
شخصيات نسوية ومدنية مستقلة.
هذا التنوع ساهم في تجاوز الانقسامات التقليدية، وبناء تحالف واسع قادر على تمثيل تعددية المشهد السوداني.
ثالثًا: المخرجات الرئيسية للاجتماعات
تمخضت الاجتماعات عن مجموعة من القرارات والمخرجات العملية، أبرزها:
خارطة طريق سياسية واضحة تحدد الأهداف قصيرة وطويلة المدى مع مؤشرات أداء قابلة للقياس.
آليات تنفيذ محلية لربط نتائج الحوار الخارجي بالواقع السوداني، بما يضمن فعالية التحول السياسي على الأرض.
إشراك أوسع للفئات المجتمعية، بما في ذلك النساء والشباب ومنظمات المجتمع المدني، لضمان تمثيل شامل وعادل.
تعزيز الشفافية والمساءلة في كل مراحل العملية السياسية.
تأكيد القيادة السودانية للعملية السياسية مع الاستفادة من الدعم الدولي كعامل مساعد وليس بديلاً عن المبادرة الوطنية.
رابعًا: تحليل دور الاجتماعات – بعد الحرب أم ضغط سياسي؟
يمكن قراءة الاجتماعات في نيون في محورين استراتيجيين:
التحضير لما بعد الحرب:
تتيح الاجتماعات وضع الأسس القانونية والسياسية والاتفاق على آليات للحكم المدني المستقبلي، بما يشمل توزيع السلطة، مشاركة الفئات المهمشة، وضمان استقرار مؤسسات الدولة.
هذا السيناريو يعكس رغبة القوى المدنية في بناء مشروع سياسي متكامل يصل بالبلاد إلى مرحلة ما بعد الصراع، بحيث تصبح المخرجات مرجعًا للقرارات الوطنية المستقبلية.
تحالف سياسي للضغط على الأطراف المتحاربة:
الاجتماعات يمكن أن تُقرأ أيضًا كتحالف استراتيجي للقوى المدنية للضغط على الأطراف العسكرية المتحاربة، عبر توحيد المواقف السياسية أمام المجتمع الدولي وفرض شروط للحوار أو وقف إطلاق النار.
في هذا السياق، تمثل الاجتماعات أداة لتقوية نفوذ المدنيين على مائدة التفاوض، ولضمان أن أي تسوية مستقبلية تأخذ بعين الاعتبار مصالح القوى المدنية والشعبية.
خامسًا: الرسالة الاستراتيجية
سواء كانت الاجتماعات تحضيرًا لما بعد الحرب أو تحالفًا للضغط على الأطراف المتحاربة، فهي تؤكد أن التحول السياسي في السودان يعتمد على قدرة القوى المدنية على نقل نتائج الحوار إلى أرض الواقع، وتحويل القرارات السياسية
إلى مشاريع عملية ملموسة تشارك فيها كل الفعاليات الوطنية.
*تظل اجتماعات نيون نموذجًا مهمًا للحوار المدني في السودان، وفتحًا جديدًا أمام مرحلة سياسية يمكن أن تحدد ملامح المستقبل بعد الحرب. نجاح هذه المرحلة مرتبط بقدرة الأطراف المشاركة على تنفيذ المخرجات وتحويلها إلى واقع ملموس
يلامس حياة المواطنين ويحقق تطلعاتهم في الاستقرار والتنمية والديمقراطية.