الهدنة الإنسانية في السودان- واجب وجودي أمام انهيار مقومات الحياة #

الهدنة الإنسانية في السودان- واجب وجودي أمام انهيار مقومات الحياة #


11-02-2025, 02:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1762092056&rn=0


Post: #1
Title: الهدنة الإنسانية في السودان- واجب وجودي أمام انهيار مقومات الحياة #
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 11-02-2025, 02:00 PM

02:00 PM November, 02 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





لم تعد الهدنة في السودان ترفًا دبلوماسيًا أو مطلبًا تفاوضيًا محدود الأثر؛ إنها اليوم قضية وجودية تفصل بين بقاء وطن وانهياره الكامل تحت ركام الحرب.
فمنذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، تحوّلت الحرب إلى أكبر مأساة إنسانية في القارة الإفريقية: ملايين المشردين، مدن محاصرة، ونظام صحي منهار. ووفق تقارير الأمم المتحدة الأخيرة (أكتوبر 2025)، فإن ما بين 25 و30 مليون سوداني
يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما نزح أكثر من ثمانية ملايين داخل البلاد وخارجها.
هذا ليس صراعًا على السلطة فحسب، بل انهيار شامل لقيم الحياة نفسها.
الهدنة هي شريان حياة لا يحتمل التأجيل
الهدنة ليست مظهرًا من مظاهر الدبلوماسية، بل شريان حياةٍ مباشر يوقف النزيف الإنساني ويمنح المدنيين فرصة للبقاء.
تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن فترات التهدئة المؤقتة تخفض معدل الوفيات بما يقارب 40%، إذ تتيح مرور القوافل الطبية وإجلاء الجرحى إلى مناطق أكثر أمانًا.
في مدنٍ مثل الفاشر ونيالا والخرطوم، أصبحت الهدنة شرطًا للبقاء بعد أن تحوّلت المستشفيات إلى أهداف، والطرقات إلى خطوط نار.
وتزداد المأساة وضوحًا حين نتأمل حال الأطفال: تشير بيانات اليونيسف إلى وفاة طفلٍ كل ساعتين بسبب الجوع أو غياب الرعاية، فيما يعيش مئات الآلاف في ظروف مجاعة حادة. إن وقف النار المؤقت هو الفرصة الوحيدة لإنقاذ جيلٍ كامل من الموت الصامت.
المدنيون وقود حربٍ بلا ضمير
المدنيون لم يعودوا ضحايا عرضيين، بل الهدف المقصود في حربٍ يديرها المتنازعون بدمٍ بارد.
في الفاشر، تُقصف مخيمات النازحين بلا تمييز، وفي الخرطوم تُستباح الأحياء السكنية تحت ذريعة "العمليات العسكرية". انقطاع الكهرباء والمياه، انهيار النظام الصحي، وانعدام الأمن الغذائي جعل حياة الناس أقرب إلى الفناء منها إلى العيش.
المأساة لا تكمن في القصف وحده، بل في النفاق السياسي والإعلامي الذي يرافقه. هناك من يحوّل الكارثة إلى منصةٍ للدعاية، يبرّر الجرائم حين تصدر من طرفه، ويصرخ بالاستنكار حين تُرتكب ضده.
إنهم يبيعون الأوطان في سوق الخطاب الوطني الزائف، ويحوّلون دماء الأبرياء إلى رصيدٍ في معارك السلطة والمال.
من يربح من استمرار الحرب؟
الحرب لم تعد معركة بين جيشٍ ومليشيا، بل اقتصادٌ أسود يربح منه تجار السلاح، ومغذّو المليشيات، ومهندسو الفوضى من الخارج.
قادة الصراع يقتاتون من خراب المدن، ويشتركون مع حلفائهم في نهب الموارد واستباحة الدم الحرام. هم لا يخافون الموت، بل يخافون السلام لأنه يسحب منهم سبب وجودهم ومصدر نفوذهم.
إنهم انتهازيون بلا أخلاق، يرفعون شعارات الوطنية حين تخدمهم، ويستنجدون بالتدخل الأجنبي حين تضيق بهم الأرض.
هؤلاء هم دعاة الدمار، والسفلة الذين تاجروا بالوطن كما يتاجر المرتزق بدمه.
ما المطلوب الآن - لابد وقفة أمام الضمير الإنساني
هدنة إنسانية فورية تحت رقابة دولية فعالة
لضمان فتح الممرات الآمنة، وتسهيل عبور المساعدات دون قيد أو انتقام، وتوفير الحماية لفرق الإغاثة.
محاسبة من يستهدف المدنيين
عبر آليات تحقيق دولية مستقلة، ورفع الحصانة عن كل من تورّط في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
حماية البنى التحتية المدنية
المستشفيات، محطات المياه، شبكات الكهرباء، والمطارات الإنسانية يجب أن تُعلن مناطق محرّمة على القتال.
وقف المتاجرة السياسية والإعلامية بالحرب
فالتلاعب بالوعي الجمعي لا يقل جرمًا عن التدمير المادي. على المجتمع المدني والإعلام الحر أن يفضح خطاب الكراهية والنفاق الممنهج.
لا للحرب.. نعم للحياة
آن الأوان لأن يعلو صوت الضمير على ضجيج البنادق.
الصمت أمام هذه المأساة ليس حيادًا، بل تواطؤٌ مع الجريمة.
يجب أن نعيد تعريف البطولة: ليست في القتال، بل في إنقاذ الأرواح. ليست في رفع الشعارات، بل في حماية الأمهات والأطفال.

كل يومٍ يمر دون هدنة هو وصمة عار جديدة في جبين الإنسانية، ودليلٌ على أن الخراب لم يعد استثناءً بل قاعدة.
فلنقلها بوضوح:لا للحرب.
لا للموت المجاني.
لا لاستباحة الإنسان.
نعم للسلام.
نعم للحياة.

#حرب_عبثية
#لا_للحرب
#الهدنة_الإنسانية_الآن