سقوط الفاشر… البداية الحتمية لسقوط حكومة محمد كاكا كتبه أحمد محمود كانم

سقوط الفاشر… البداية الحتمية لسقوط حكومة محمد كاكا كتبه أحمد محمود كانم


10-31-2025, 01:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1761874054&rn=0


Post: #1
Title: سقوط الفاشر… البداية الحتمية لسقوط حكومة محمد كاكا كتبه أحمد محمود كانم
Author: أحمد كانم
Date: 10-31-2025, 01:27 AM

02:27 AM October, 30 2025

سودانيز اون لاين
أحمد كانم-UK
مكتبتى
رابط مختصر







دعني أدخلك –عزيزي القارئ– ودون إطالة في المقدمة ، إلى دهاليز ما بعد سقوط مدينة الفاشر، التي باتت تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ السادس والعشرين من أكتوبر الجاري؛ بعد أكثر من مئتين وستٍ وستين محاولة فاشلة، كلفتها الآلاف من الأرواح، والمليارات من الأموال. لكن ما إن سقطت هذه المدينة الغارقة حالياً في دماء أهلها، حتى برزت في الأفق مؤشرات قوية توحي بأن زوال النظام الحاكم في جمهورية تشاد قد بات وشيكاً، نظراً للدور المحوري الذي لعبته أنجمينا في الصراع الدائر داخل السودان.

*لا يختلف اثنان على حقيقة أن آلاف الشباب التشاديين انخرطوا في صفوف قوات الدعم السريع، خاصة المنحدرين من إثنيات ذات صلة بقبيلة قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي). وقد جاء هذا الانخراط إما بدافع الطمع فيما يُسمّى بغنائم الفلول، وهي في حقيقتها ممتلكات المواطن السوداني المنكوب، أو بدافع المناصرة العرقية لابن العم، أملاً في أن يردّ لهم الجميل لاحقاً بمساندتهم في الاستيلاء على السلطة داخل تشاد بعد نهاية هذا النفير.

وهذه النقطة هي جوهر المسألة، فسقوط الفاشر، مقروناً بتصريحات حميدتي التي أعلن فيها نهاية الحرب، يعني عملياً التفرغ لترسيخ حكمه في دارفور. ولضمان استمرارية هذا الحكم، فيسعى إلى تغطية ظهره بمناصريه من التشاديين عبر مساعدتهم لتسلم السلطة في بلادهم ونقل التجربة إلى أنجمينا نفسها. إذ يؤمن أغلبهم بالمقولة الرائجة في مجالسهم: “ليس للأمباي حكم في تشاد بعد اليوم.” وبما أن الرئيس محمد إدريس ديبي (محمد كاكا) في نظرهم مجرد (امباي)، وهي كلمة بالعامية البدوية في تشاد وغرب السودان تعني (عبد)، رغم محاولاته المتكررة لاستمالتهم، فإن ذلك التودد لن يكون كافياً لبقائه في السلطة إلى ما لا نهاية.

* من ناحية أخرى، تأتي هذه المجازر المروّعة التي ارتكبتها وما فتئت ترتكبها قوات الدعم السريع بحق المدنيين العُزّل في مدينة الفاشر، والتي تابعها العالم بأسره، تأتي لتخلق واقعاً جديداً وتترك أثرها العميق في الداخل التشادي. فأبناء عمومة هؤلاء الضحايا الذين يتبوأ عدد منهم مواقع قيادية في الجيش والحكومة التشادية، لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام ما يُعتقد أنه تواطؤ أنجمينا ودعمها غير المعلن لسلخ أهلهم.
وبالتالي من المرجح أن يشهد الداخل التشادي تمرداً داخلياً يقوده هؤلاء ضد نظام ديبي، بالتزامن مع تحركات ميدانية تأتي من الأراضي السودانية، نصرة لما سيوصف هناك بالثورة التصحيحية.

وفي هذه الحالة، قد يلجأ ديبي الابن إلى الاستعانة ببعض خشوم بيوت من أخواله القرعان، وتحديداً من الإنكازا، لكن يبقى أن الكفة الأرجح من أبناء الدازا، وهم الغالبية، لن يمنحوه ثقتهم المطلقة، باعتباره “ابن أخت” لا أكثر، أي خارج دائرة الولاء التقليدي.
فلم يبق أمامه سوى الاستعانة بالدعم السريع مجدداً، لكن سينتهي به الأمر على أيديهم.

بين هذا وذاك، يظل الاحتمالان المذكوران –التمرد الداخلي والانقلاب العرقي– هما الأقرب للحدوث في الأشهر القليلة القادمة. لأن سقوط الفاشر لم يكن مجرد تحول ميداني في حرب السودان، بل ربما يكون جرس الإنذار الأول لسقوط نظام أنجمينا نفسه والدخول في دوامة صراع عرقي يكون تأثيره بليغا على كل دول الجوار الغربية… تماماً كما تتداعى قطع الدومينو عندما تسقط الأولى.

وغداً ستكتشف الأيام عما سكتت عنها الأقلام.

أحمد محمود كانم
30اكتوبر 2025