Post: #1
Title: ثم ماذا بعد الانتصار؟ تحرير الفاشر… وبداية الطريق نحو تحرير السودان كله كتبه د. أحمد التيجاني سي
Author: احمد التيجاني سيد احمد
Date: 10-29-2025, 11:20 AM
12:20 PM October, 29 2025 سودانيز اون لاين احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا مكتبتى رابط مختصر
ثم ماذا بعد الانتصار؟ تحرير الفاشر… وبداية الطريق نحو تحرير السودان كله
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
منذ الاستقلال، لم تُمنح الإرادة الشعبية في السودان فرصةً حقيقية لصناعة مصيرها. كانت الأحداث السياسية الكبرى تُفرض دائمًا من أعلى، لا من قلب الشعب.
١. من الاستقلال إلى الانكسار منذ عام ١٩٥٦، توالت على السودان حكوماتٌ لم تولد من صناديق اقتراع حقيقية، بل من فوهات البنادق. فإمّا انقلابات عسكرية تُرفع على أكتاف أحزاب عاجزة عن الصبر على التداول الديمقراطي، وإمّا انقلابات شمولية ذات طابع أيديولوجي يساري أو ديني تلبس شعار الثورة لتعيد إنتاج الاستبداد. لم يُفتح للسودان، منذ استقلاله، بابُ قيادةٍ رشيدةٍ تُنهي دوامة الانقلابات أو تُرسي حكمًا مدنيًا يستند إلى الإرادة الشعبية.
٢. ثمن الانقسامات: من اتفاقيات السلام إلى انفصال الجنوب حاولت النخب مرارًا أن تبرم سلامًا مع الجنوب، لكنّ تلك المحاولات انتهت إلى انفصالٍ لا إلى وحدة. فكل اتفاق كان يحمل في أحشائه بذور فشله، لأنّ النظام الذي يوقع عليه لا يؤمن بالسلام، بل بالمساومة من أجل البقاء. ومنذ ذلك الحين، ظلّ الوطن ينزف جغرافيا وشعبيا ، بين هيمنة الجيش المُمكن أيديولوجيًا واستبداد النخب الفاسدة.او الفاشلة
٣. الفاشر... المدينة التي كسرت الصمت اليوم، بعد تحرير الفاشر، عاصمة دارفور التاريخية، دخل السودان مرحلةً جديدة من وعيه الوطني. فالفاشر لم تتحرر بالسلاح وحده، بل بإرادة شعبٍ قرر ألا يُستعبد مرةً أخرى باسم الجيش أو الدين. لقد سقط آخر رموز التمكين العسكري الإسلامي، وانهار معه المشروع الذي استعبد الناس باسم الله والوطن. تحرير الفاشر ليس نهاية الحرب، بل بداية مشروع الوحدة، ولحظة امتحانٍ حقيقي لما إذا كنا نستطيع تحويل النصر العسكري إلى سلامٍ مدنيٍ دائم.
٤. التأسيس أو التفتت الآن، يقف السودان أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التفتت والاختفاء، أو الانتصار في حرب الوحدة والتأسيس. وهذا الانتصار لا يعني سحق الآخر، بل تأسيس دولة جديدة على مبدأ المواطنة المتساوية، والاقتصاد المنتج، والعدالة الاجتماعية. تحالف التأسيس هو التعبير العملي عن هذا الخيار التاريخي؛ فهو لا يقود حربًا ضد فئةٍ من السودانيين، بل ضدّ نظامٍ فكريٍ فاسدٍ دمّر الدولة منذ ١٩٨٩. والانتصار هنا ليس في تحرير المدن فقط، بل في تحرير الوعي الوطني من قيوده القديمة.
٥. ما بعد النصر العسكري ثمّة تحدياتٌ حقيقية تنتظر سلطة التأسيس: • إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس مدنية. • إطلاق برنامج الإنعاش الزراعي والاقتصادي كمحرك للسلام. • إصلاح المنظومة الأمنية لتصبح حامية للشعب لا حاكمة له. • إدارة العدالة الانتقالية بعقلٍ لا بثأر. • فتح الباب للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية للتحقق من أولويات الحكومة الجديدة في توطيد الأمن ودحر فلول المليشيات.
النصر العسكري لا يكتمل إلا بسلامٍ عادلٍ ومستدام. والتحرير الحقيقي هو تحرير العقول من الخوف واللامبالاة، حتى يصبح السودان وطنًا يليق بشهدائه وأجياله القادمة.
خاتمة التحرير ليس نهاية الطريق، بل بدايته. لقدتم تحرير الفاشر، وبدأ السودان ينهض من تحت ركام الخراب. لكن إن لم نحسن إدارة هذا النصر بعقلٍ تأسيسيٍّ جديد، فقد نُعيد إنتاج الهزيمة بأشكال أخرى. فلنكتب من الآن دستور النور… لا بيان النصر فقط.
(تمت الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في المراجعة والتحقق).
د. أحمد التيجاني سيد أحمد قيادي مؤسس في تحالف تأسيس ٢٩ اكتوبر ٢٠٢٥ روما ايطاليا
|
|