غرائب الاخبار ،الجيش تسوية حبية!!! كتبه الأمين مصطفى

01:25 AM October, 28 2025

سودانيز اون لاين
الأمين مصطفى-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

الخبرُ:
أَفادَتِ المَصادِرُ أَنَّ عَدَدًا مِنَ الضُّبّاطِ وَالأَفْرادِ الَّذينَ تَمَّ اِعْتِقالُهُم فِي ظُرُوفٍ «غَيْرِ قانُونِيَّةٍ» قَدْ بَدَؤوا خُطُواتٍ تَصْعيدِيَّةً، رَفَعُوا خِلالَها دَعاوَى قانُونِيَّةً ضِدَّ القُوّاتِ المُسَلَّحَةِ لِلمُطالَبَةِ بِحُقوقِهِم وَالإِفْراجِ عَنْهُم، مُسْتَنِدينَ إِلى «اِنْتِهاكاتٍ تَمَسُّ الكَرامَةَ وَالخُصوصِيَّةَ».
وَبِما أَنَّ المَوضُوعَ كادَ يَأْخُذُ طابِعًا جِدِّيًّا، تَدَخَّلَتِ الإِدارَةُ القانُونِيَّةُ وَمَكْتَبُ المُدَّعِي العَامِّ العَسْكَرِيِّ، لِيُقَدِّما تَوصِيَةً عاقِلَةً جِدًّا: الإِفْراجُ عَنِ المَوْقُوفينَ وَفَتْحُ بَابِ «التَّسْوِيَةِ الحِبِّيَّةِ».
التعليق
يَبْدُو أَنَّ فَضيلَةَ «الاعْتِرافِ بِالخَطَإِ» قَدْ تَخَلَّلَتْ أَسْوارَ المُؤَسَّسَةِ العَسْكَرِيَّةِ بَعْدَ فَواتِ الأَوانِ، فَصَارَتِ المُواجَهَةُ القانُونِيَّةُ «عُضَالًا»، وَالحَلُّ الأَفْضَلُ: اِبْتِسَامَةٌ، وَمُصافَحَةٌ، وَتَسْوِيَةٌ حِبِّيَّةٌ تُنْهي الأَزْمَةَ «بِالوِدِّ».
فَالقانُونُ الَّذي كانَ يُستَخْدَمُ كَدَرْعٍ لِتَبْرِيرِ الاِعْتِقالِ، أَصْبَحَ اليَوْمَ عَكّازًا لِتَبْرِيرِ الإِفْراجِ. وَبَيْنَ الدَّرْعِ وَالعَكّازِ، يَبْقَى الجُنْدِيُّ المَظْلُومُ يَتَأَمَّلُ المَشهَدَ وَيَتَسَاءَلُ: «هَلِ الحُرِّيَّةُ هَدِيَّةٌ أَمْ مُكافَأَةٌ عَلَى الصَّبْرِ؟»

إِنَّهُ عَصْرُ التَّسْوِيَةِ الحِبِّيَّةِ، حَيْثُ يَتَحَوَّلُ خَطَأُ الاِعْتِقالِ إِلى مُبَادَرَةٍ تَصْلِحُ لِلتَّسْوِيقِ الإِدَارِيِّ تَحْتَ عُنْوانٍ رَنّانٍ: «اِدَارَةُ الأَزْمَةِ بَعْدَ وَقُوعِها». وَقَدْ نَسْمَعُ قَرِيبًا عَنْ اِسْتِحْداثِ «إِدارَةِ الشُّؤونِ الحِبِّيَّةِ» بَدَلًا مِنْ «إِدارَةِ الانْضِباطِ»، لِتُعَالَجَ كُلُّ المُخَالَفَاتِ بِالمُصافَحَةِ وَالتَّفَاهُمِ وَرُبَّمَا بِفِنْجَانِ قَهْوَةٍ أَيْضًا.

أَجْمَلُ مَا فِي المَشهَدِ أَنَّ الجِهَةَ الَّتِي اَعْتَقَلَتْ بِلا سَنَدٍ، هِيَ نَفْسُهَا الَّتِي تُوصِي بِالإِفْرَاجِ عَن طِيبِ خَاطِرٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِاِسْمِ «الْمَصْلَحَةِ العَامَّةِ». وَبِذَلِكَ يَتَحَوَّلُ القانُونُ مِن مِيزانٍ لِلْعَدْلِ إِلى زِينَةٍ جِدَارِيَّةٍ تُعْلَّقُ فِي صُورَةِ شِعَارٍ وَتُهْمَلُ عِنْدَ أَوَّلِ اِعْتِقالٍ.

وَإِذا كَانَ الاِعْتِقالُ غَيْرَ قانُونِيٍّ، وَالإِفْراجُ غَيْرَ مُبَرَّرٍ، فَقَدْ صِرْنَا أَمَامَ مَعادَلَةٍ جَدِيدَةٍ:
«نَعْتَقِلُ لِأَنَّنَا نَسْتَطِيعُ، وَنُفْرِجُ لِأَنَّنَا نُحِبُّ السَّلامَ».

وَبَيْنَ الاِسْتِهْتارِ الأَوَّلِ وَالاِسْتِهْتارِ الآخِرِ، يَبْقَى القانُونُ يَنْظُرُ مِنْ عَلَى الجِدارِ، يَتَغَبَّرُ بِالإِهْمَالِ، وَيَتَنَهَّدُ بِصَمْتٍ:
«لَيْتَنِي كُنْتُ لَوْحَةً فَنِّيَّةً… فَلَعَلَّهُمْ يَحْتَرِمُونِي أَكْثَر!»