Post: #1
Title: أحلام لم تمت ج3: الذين يمرّون دون صوت كتبه الأمين مصطفى
Author: الأمين مصطفى
Date: 10-22-2025, 08:07 PM
08:07 PM October, 22 2025 سودانيز اون لاين الأمين مصطفى-السودان مكتبتى رابط مختصر
سكن الغياب في المكان. حتى المكاتب بدت أهدأ، وكأنّها فقدت حرارةً لا تُقاس بالمكيّف. الذي سأل عنها أول مرة… أصبح لا يسأل. لكنّه كان يُراها. ليس حضورًا… بل أثرًا. ظلّها عند الباب. صورتها الغائمة في زجاج الفرع حين تغرب الشمس.
وفي أحد الأيام، وصل ظرفٌ بريدي بلا عنوان. داخله ورقة، كُتب عليها: "حين لا تجد مكانًا لتعود إليه… امشِ أكثر."
وظنّوا أنّها رسالة خاطئة. لكن الشاب الجديد، أخذها، ووضعها في دُرجه. ومنذ ذلك الحين… صار يأتي أبكر من الجميع. وينظر طويلاً إلى الباب الزجاجي. ولا يسأل عن أحد.
**
في آخر يوم من الشتاء، لم تُمطر. لكن الهواء كان مشبعًا بما يشبه الانتظار.
كان الباب نصف مفتوح، حين لمح شيئًا يُشبهها: خطوة مترددة. نظرة خاطفة إلى الداخل. وجهٌ خفيف، كأنّه قادم من حلمٍ قديم.
رفع عينيه، فلم يجد أحدًا. لكن على الأرض، كان هناك شيء ما… منديل صغير، معطّر. من النوع الذي لا يُباع في الأسواق.
تناوله كمن يلمس ذكرى. وفي جيبه… وجد ورقة لم تكن له. نفس الخط. نفس الحبر الرمادي. لكن الرسالة هذه المرة كانت له وحده:
"لم أكن أريد الرحيل. كنت فقط أبحث عن صوتٍ يشبه صمتي."
**
في اليوم التالي، لم يأتِ مبكرًا. تأخر لأول مرة منذ شهور. لكنه دخل بخطى ثابتة. فتح دُرجه، أخرج الرسالتين، ووضعهما في مظروف جديد. وكتب بخطّه:
"إن عاد صمتكِ يومًا… سأكون هنا."
ثم خرج. وعند الباب، توقّف. نظر إلى الزجاج… ورآها. هذه المرّة، لم تكن صورة غائمة. كانت تقف حقًا. تبتسم له. ولأول مرة… يسمعها.
|
|