Post: #1 
Title: ثورة إكتوبر 1964 أول ثورة شعبية في المنطقة العربية والإفريقية كتبه الطيب الزين 
Author: الطيب الزين 
Date: 10-21-2025, 12:14 PM 
 
01:14 PM October, 21 2025  سودانيز اون لاين الطيب الزين-السويد مكتبتى رابط مختصر 
 
  في ذاكرة الشعوب محطات لا تنسى لا لانها فقط غيرت مجرى الاحداث بل لانها اعادت تعريف المفاهيم الكبرى الوطن الحرية الكرامة وثورة اكتوبر 1964 في السودان كانت من تلك اللحظات لم تكن مجرد انتفاضة ضد نظام عسكري بل كانت تصحيحا لمسار الاستقلال وتجديدا للعهد بين الشعب وتاريخه
  الاستقلال الناقص حين ترفع الراية وتغتال الارادة في 01 01 1956 انزل السودانيون العلمين المصري والبريطاني ورفعوا علمهم الوطني ايذانا بميلاد الدولة المستقلة لكن سرعان ما اتضح ان الاستقلال السياسي لا يكفي وحده ان لم يتبعه استقلال في الارادة وفي القرار وفي بناء مؤسسات تعبر عن الشعب لا عن الطوائف او الامتيازات
  تولى اسماعيل الازهري قيادة الدولة الوليدة ثم خلفه عبد الله خليل من حزب الامة لكن الصراعات الحزبية الضيقة وغياب الرؤية الوطنية الجامعة سرعت بانهيار التجربة الديمقراطية وفي 11 1958 سلم عبد الله خليل السلطة للعسكر فدخل السودان عهد الفريق ابراهيم عبود الذي علق الدستور والغى الاحزاب وفرض على البلاد صمتا سياسيا خانقا متكئا على دعم مؤقت من زعيمي الطائفتين الكبيرتين الانصار والختمية لكن هذا الدعم كان سحابة صيف اذ بقيت الاحزاب جمرا تحت الرماد ومن خلفها شعب لا يرضى بالديكتاتورية. إكتوبر 1964 الثورة التي أعادت تعريف الوطن جاءت قضية الجنوب لتكشف هشاشة النظام العسكري اذ لم يتقبل الجنوبيون سياسة التعريب والاسلمة القسرية فاندلعت شرارة التمرد حاول عبود امتصاص الغضب بتشكيل لجنة الخمسة والعشرين ودعا طلبة جامعة الخرطوم للمشاركة لكنهم ناقشوا كل شيء وفتحوا ابواب النقد على مصراعيها خرجوا في مظاهرات صاخبة تبعهم الموظفون وعمال المواصلات فاهتزت اركان النظام وقمعت الحكومة الاحتجاجات لكنها لم تستطع اخماد جذوة الثورة في 21 10 1964 إندلعت أول ثورة شعبية في إفريقيا والعالم العربي أطاحت بنظام عبود وأثبتت ان الشعب السوداني قادر على إسقاط الطغاة مهما كانت قوتهم لم تكن ثورة نخب بل ثورة شعب باكمله استعاد بها صوته ووعيه وكرامته من إكتوبر الى أبريل إلى ديسمبر مسار لا ينكسر وارث لا يمحى لم تكن ثورة اكتوبر حدثا معزولا بل كانت تاسيسا لمسار طويل من المقاومة المدنية والوعي الشعبي ومن رحمها ولدت انتفاضة ابريل 04 1985 ضد جعفر نميري ثم ثورة ديسمبر 12 2018 ضد عمر البشير في كل مرة كان الشعب السوداني يخرج من تحت الركام يواجه الرصاص بالهتاف ويعيد تعريف معنى الكرامة الوطنية الحاضر الجريح حين تختبر الارادة وتصان الفكرة اليوم وفي ظل الحرب التي اشعل فتيلها مجرم الحرب عبد الفتاح البرهان يعيش السودان لحظة من الالم العميق المدنيين يقتلون والبلاد تنهب. لكن وسط هذا الخراب تتجلى إرادة الشعب السوداني من جديد إرادة لا تنهار لا تنكسر بل تقوى وتنتصر فكما اسقط عبود واسقط نميري واسقط البشير وابن عوف فان الشعب السوداني سيسقط البرهان وداعميه من فلول النظام السابق وقطاع الطرق قادة حركات الارتزاق السودان تاريخه مرصع بالبطولات والتضحيات التي جعلته اول دولة تتحرر في افريقيا في القرن التاسع عشر فالحرية ليست سحابة صيف عابرة في حياة السودانيين والسودانيات بل فكرة خالدة تسكن في وجدان الرجال والنساء والشباب والاطفال الكل يهتف للحرية. الثورة ليست حدثا بل روح تسري في دماء السودانيين من اكتوبر الى ديسمبر من الخرطوم الى الجنينة من الشهداء الى الامهات الصامدات يكتب السودان تاريخه بالدماء والارواح. التحية لصناع ثورة إكتوبر عام 1964 الذين أكدوا أن النصر ليس وعدا بل حتمية تصنعها الشعوب التي لا تنكسر
  الدولة المدنية قادمة شاء من شاء وابى من ابى
  الطيب الزين   كاتب وباحث في قضايا القيادة والاصلاح المؤسسي
 
 |   
 |