ما فوق الواقعية كتبه سابل سلاطين

ما فوق الواقعية كتبه سابل سلاطين


10-15-2025, 11:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1760567775&rn=0


Post: #1
Title: ما فوق الواقعية كتبه سابل سلاطين
Author: سابل سلاطين
Date: 10-15-2025, 11:36 PM

11:36 PM October, 15 2025

سودانيز اون لاين
سابل سلاطين-USA
مكتبتى
رابط مختصر



بسم الله الرحمن الرحيم





الحركات الأدبية التي كانت تعبر عن خلاصة الفكر الواقعي في الفن والأدب كانت حركات أدبية خالصة استوحي أصحابها نظرياتهم الفكرية عن التعبيرية عن العقل الباطن بصورة يعوزها النظام الإجتماعي ومنطق الواقع , وهي تعبر عن آلية أو تلقائية خالصة مجرده , وهي تنم عن أصل العمل الانساني الخالص الذي يعبر عن رسالة الإنسانية في الأرض منذ الخلق والخليقة . ومن خلال ذلك يمكن للإنسان أن يعبر عن واقع اشتغال فكره وأفكاره أما شفويا أو كتابيا أو بأية طريقة أخري ترضي طموحاته وإمكانياته الفكرية أو الخيالية .

لذلك اعتمدت المدرسة ( السريالية ) في رسوماتهم على الأشياء الواقعية في إستخدامها كرموز للتعبير عن الأحلام و الارتقاء بالأشكال الطبيعية والرسومات التجسيدية إلى ما فوق الواقع المرئي .

وصفت المدرسة ( السيريالية) بأنها تلقائية فنية ونفسية تعتمد على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام في التعبير عن مادية الأشياء وترجمتها بشكل يجسد الأبعاد الخيالية الإنسان .

تأثرت المدرسة ( السريالية ) بأراء (فرويد ) عالم النفس في تحليله للنفس الإنسانية وخاصة تلك التي تتحدث عن اللاشعور والأحلام وتجسيد الفكر الداخلي بشكل مختلف للعين والخيال وإطلاق عنان الأفكار في ترجمة الاشياء .

في مدينة (فلوريدا) بالولايات المتحدة الامريكية هنالك متحف كبير يضم لوحات للرائع الفنان ( سلفادور دالي ) الذي يعتبر من عمالقة المدرسة السريالية حيث تعرض معظم لوحاته الفنية ومن ضمنها لوحته الرائعة (ثبات الذاكرة) التي كلما تراها وتتمعن في تفاصيلها توحي لك دواخلك بمعني مختلف وعميق ينساب عبر افق الفكر ويتدفق بكل المعاني الرائعة . وحينما تتمعن في أعماق فكرة هذه اللوحة تتعربد الافكار في دواخلك وتجعل دواخلك تغازل أبعاد الأشياء وتخلق منها معاني كفراشات زاهية ترفرف علي حقل من الورود وتطلق عنان الأفكار والخيال دون أفق محدود .

ومن وحي عكس هذه الأفكار الرائعة لهؤلاء العمالقة الذين صاغوا تاريخ الفن باروع لمحاتة , اقتبس هؤلاء (النرجسيون) الذين أملت لهم نفوسهم وشخصياتهم المتعالية المتكبرة و أوهامهم بالأهمية والتمييز ومحاولة الكسب ولو على حساب شعوبهم وأوطانهم ويمكنهم من أجل ذلك أن يتحالفوا مع الشيطان أو أيه كائن يمكن أن توصلهم الي أهدافهم وغاياتهم وهم بطبيعتهم شخصيات ليس لها شعور إلا بالعظمة التي يستفزها التجاهل ويخنقها النقد للذات الانانية .

قوما لا يريدون ان يسمعوا إلا المديح وكلمات الاعجاب . ويسيطر عليهم حب الذات وأهميتها وأنهم أشخاص نادرون لا يفهمه إلا خاصة الناس . ودائما ما ينتظرون من الآخرين احترامهم والتعامل معهم من نوع خاص شخصيات أستغلالية أبنزازيه ووصوليه يستفيدون من مزايا الآخرين وظروفهم في تحقيق مصالحهم الشخصية . وهي تلك عيوب متمركزة ومستوطنة في ذاتهم لا يستطيعون التخلص منها و يستميتون من أجل الحصول على المناصب لا لمصلحة الاخرين والوطن بل لتحقيق ذاتهم واهدافهم الشخصية وذلك من أجل تحقيق تلك الرغبة ( النرجسية ) التي في دواخلهم .

من كان منا لا يحلم أن يسكن في وطنا تتزين فيه الحرية ببراءة الطفولة المجردة , الكل يحلم بأن يكون (روميو) محبا لوطنه الجميل العظيم ذات الشعب المدجج بأصالة الوعد الممهور ببسالة الرجال الأقوياء وخصوبة الأرض الغنية بالمعادن . أن ابتعاد الإنسان عن أبتسامة التفاؤل جعل منه عديم المعرفة بجوهر إشراقة الصباح الباكر واستنارة منارات الموانئ البعيدة الى السواحل .

أذن نجد هنا (سريالية) المشهد و(نرجسية ) الشرذمة والشخصيات الذين لعبوا تلك الأدوار اختطفوا أحلام الغلابة والمساكين وقتلوا الأطفال وشردوا البرية في كل الموانئ البعيدة ونهبوا ودمروا واغتصبوا .

من منا لم يرسم لوحة رائعة جميلة لمستقبله قبل مجيئ هؤلاء الشرذمة الغاصبة .

لقد رسم لنا سياسيون بلادنا ( السودان) لوحة ( غرانيكا) لوحة ترهب أعداء الحياة والحرية كانوا بشعين في معاني تلك اللوحة التي مازالت عالقة على ذاكرة الشعب السوداني يمكن قراءتها وتفسير . لوحة يعجز الكثيرون في تفسير رموزها ومعانيها لوحة توحي بالظلام رغم أن الحرب بدأت في وضع النهار أنها لوحة تفنن في رسمها العملاء والأجراء والساسة النرجسيون رسموا للسودان لوحة مروعة ومجازر ودمار وبقايا حريق وأجساد مقطة وأشلاء ممزقة وضحايا تستغيث وتصرخ وتنحب وتتحشرج وتحتضر وأجساد ملتوية وفزعة , وعلى وجهها كل ألوان الهلع وكل شئ علي الأرض في الأسفل يختلط بأشلاء الضحايا, وأطفال أبرياء تقتلهم فزعة أصوات القنابل والرصاصات وفقدان أبنائهم وذويهم .

لقد تفنن هؤلاء في رسم لوحة لا نجد لها في المنابر اسما ولا في صفات الوقاحة صفة . ولا بين أرشفة المتاحف موقعا .....

تفننوا في التلاعب والتحكم في العقل البشري وتقليل قدرة الشخص على التحليل المنطقي في الأشياء التي حوله وذلك من خلال تعرية الحقائق و إلباسها ثوب المنطق العاطفي لمنظور السرد المقتبس من الحقائق وتلوينها بألوان زاهية تسر الناظرين ومخاطبة العقل الباطني , وهنا تبد قضية السياسيون السودانيون الذين قبضوا علي عصا غليظة ظنوا بأن تعبر النيل ... أسمها ( الدعم السريع ) وظنوا أنهم أمسكوا بعصا مثل عصا سيدنا (موسى) عليه الصلاة والسلام وقال لهم سيدهم آنذاك سنعبر الجسر , عبر العمالة والارتزاق عبر السفارات التي كانت تنسج لهم دهاليز السلطة والجاه من خلال النسج الإستعماري الحديث الذي تنتهجه تلك الدول الكبري عبر سفاراتها ومناديبها وهيئاتها ومنظماتها , ظن هؤلاء الذين يدعون انهم نخب سياسية أن يرسمون هذه اللوحة (السريالية ) للحلم السوداني , لوحات رائعة من لوحات الرسام الأسباني العالمي الرائع (سلفادور دالي ) ( لوحة ثبات الذاكرة) تلك اللوحة تعد من اللوحات الجذابة والمثيرة في تاريخ الفن تجعل الناس يفكرون في في أسلوب الحياة والطريقة التي يقضون بها أوقاتهم , وفي هذه اللوحة يظهر فيها عدد من الساعات التي تشير إلي الوقت وهي تبدو مرتخية وفي حالة مائعة وتعرف هذه اللوحة أحيانا بلوحة الزمن .

فعلوا فعلتهم الرديئة من وراء ستائر المسرح وظنوا أن ذاكرة التاريخ الانساني ستغفر لهم وظنوا أن كلماتهم الملونة الزاهية التي يتشدقون بها عبر وسائل الإعلام ستغفر لهم , وتستطيع أن تغير أو تمحوا لهم ما خططوا ودبروا له قبل ليلة ( الخامس من إبريل ) .

أن الشعب السوداني الأصيل الذي يتميز بالقوة والجسارة في مواجهة التحديات و خاصة في الدفاع عن أنفسهم وأرضهم وهويتهم الثقافية والفكرية وعرضهم حينما ينتهك . شعب وثق ولجأ لمؤسسته الصلبة ( قوات دفاع السودان ) ومصنع الرجال المؤسسة التي يمكن أن تمرض ولكنها بعزم رجالها وعقيدتهم العسكرية لا يقهرون لأنهم يعلمون أن عمق إحساس الوطن في حريته التي كادت أن تنهار أمام

ذاك المخطط الدنيء الذي أحيك ليلا وغدرا , أن الشعب الأصيل يدرك عدوه جيدا ولا يعبأ بتصرفات تستهدف زعزعة الإستقرار والنيل من نسيج تماسكه فالشعوب الأصيلة يصنع المستحيل من أجل الحفاظ علي وطنه عزيزا كريم .

سنقول في التحقيق ذات يوما أن حبيبتي (الوطن) اغتيلت وصار بوسعكم أن تقبضوا ثمنه تلك الأوراق الخضراء , وسيشهد التاريخ بأنكم أمة أغتات وطنها من أجل إرضاء ( نرجسيتها ) . وسنقول في التحقيق أن وطنيتكم التي كنتم تدعونها كانت زائفة وأن بطولاتكم كانت كاذبة , وسنقول في التحقيق أن الديمقراطية ودولة (56) وكل الروايات كانت أسخف نكتة قيلت في تاريخ السياسة اعترفتم بألسنتكم بأنكم قوم لا تفرقون بين الحدائق والمزابل ولا تفرقون بين الحق والباطل . إن دموع الحزن والأسي التي تناثرت بين الشعوب كفيلة في أن تغرقكم جميعا .

وسنقول في التحقيق إن الذين ماتوا شهداء من أجل عرضهم وأرضهم سافرت أرواحهم الطاهرة تدعوا عليكم .

نحن مطعونون في الأعماقنا ودماؤنا تملأ المكان وأحداق أطفالنا يملائها الذهول من شدة هول الفاجعة التي وقعت الحزن يثقبنا وينداح في دواخلنا كسم الأفاعي , ففي كل ركن من أركان الوطن كانت قصة مأساة وفي كل بيت شمعة تنطفئ كانت تنير الطريق الآخرين , وجع المكان والزمان أصبح ديدنا وأطلالا تجسد نوعية القافلة التي مرت من هنا .

فهذه الصدمة التي حدثت في الوطن أحداثه هذه السيولة الفكرية بعدم تحجيم الوقت كونه زمن سائل ومتغير , ومتغير تتغير معه الأفكار والتوجهات وكذلك أخراج مكونات العقل الباطن الممنوعة من البوح التي يعجر النظر واللسان من البوح بها وترجمتها إلى واقع .

إستيعاب هذه الصدمة في ذهن الإنسان السوداني أصبحت حالة تفوق حد الواقع المعاش , كانت الإرهاصات تنم علي أن الحرب قائمة ولكنهم لا يتوقعون أنها سوف تستهدف الوطن والمواطن كانوا يظنون أنها ستكون بين العسكر كما هو حال الانقلابات التي تحدث دائما ولكنها فاقت حد الواقعية وأصبحت ضد الوطن والمواطن وشرفه وكرامته ومقتنياته ووجوده .وأصبح الحدث فوق الواقعية والخيال.