ادريس ودبلوماسية الإسهال والهتاف كتبه الأمين مصطفى

ادريس ودبلوماسية الإسهال والهتاف كتبه الأمين مصطفى


10-12-2025, 07:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1760292988&rn=0


Post: #1
Title: ادريس ودبلوماسية الإسهال والهتاف كتبه الأمين مصطفى
Author: الأمين مصطفى
Date: 10-12-2025, 07:16 PM

07:16 PM October, 12 2025

سودانيز اون لاين
الأمين مصطفى-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



""
في أحد الأيام، قرر رئيس الوزراء، سعادة السيد خبير النفوس والمواليد ومطاردة المناصب والنفوذ، أن يُجري زيارة رسمية إلى دولة عربية شقيقة، دون تنسيق مسبق، ودون جدول أعمال، ودون أن يخبر حتى سكرتيرته التي كانت مشغولة بمسح الغبار عن شهاداته الفخرية التي لا قيمة لها.
وصل إلى المطار يتوقع استقبالاً حافلاً، بسجاد أحمر وفرقة موسيقية وربما أطفال يحملون الورود. لكن لم يكن في انتظاره أحد سوى سائق تاكسي وذباب الصيف. فابتسم ابتسامة مصطنعة وقال للمرافقين:
"نحن نؤمن بالتواضع، التواضع أساس الحكم الرشيد."
ولأنه لم يجد من يستقبله من مسؤولي الدولة، قرر أن يتصرف كـ"زعيم شعبي". فاختار أن يذهب إلى مطعم سوداني شعبي في حي مزدحم. جلس على كرسي بلاستيكي متصدّع، وأمر بطبق "كمونية" و"عصيدة بالتقلية"، وهو يلتفت للكاميرات التي أحضرها معه بنفسه، ليُظهر أنه "رجل الشعب".
وبينما كان يلوك لقمة مليئة بالشطة، بدأت عيناه تدمع، ثم بدأت معدته تصرخ، فحاول ان يتماسك، وقال وهو يتصبب عرقاً:
"طعـــم... تقليدي... أصيل... يشبه... الديمقراطية!"
بعد ساعتين، تم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى في عربة إسعاف مهترئة، يتلوى من الألم، وقد استقبلته الممرضة بنظرة تقول:
"ما الذي جاء بك إلى هنا يا معالي الوزير؟"
في غرفة الطوارئ، بينما كان الطبيب يقرأ تقرير التسمم الحاد، دخل ممرض شاب وسأله باهتمام:
"عفواً، ممكن نسجل العمر؟"
رفع سعادة رئيس الوزراء رأسه بتثاقل وقال:
"عمري 55 سنة."
رفع الطبيب حاجبه بدهشة وقال:
"لكن في سيرتك الذاتية الرسمية، وموقع الحكومة، مكتوب أنك 45 سنة!"
ابتسم رئيس الوزراء بمرارة وقال:
"ذاك كان قبل أن أتقلد المنصب… المنصب يخصم من الأعمار مثل الشاي بدون سكر."
ضحك الطبيب، وسجل في الملف:
"العمر الحقيقي: مجهول، الحالة: تسمم غذائي حاد، السبب: دبلوماسية المعدة الفارغة."
خرج الخبر في الصحف في اليوم التالي تحت عنوان:
"رئيس الوزراء يتسمم في زيارة غير مرحب بها – ويفقد 10 سنوات من عمره!"
ثم أتتِ الزِّيارةُ الثَّانية، هذهِ المرَّةَ إلى دولةٍ بوليسيَّة تُدارُ بالمكروفونِ والهراوة.
عندَ حافَّةِ العاصمة، استُقبِلَ الوزيرُ من قِبلِ الزَّعيمِ الشَّرس، ورافقَهُ في موكبٍ مهيبٍ بين جُدرانٍ سوداء، في شارعٍ طويلٍ كأنَّه سِجنٌ ممدودٌ أفقيًّا.
الحرسُ يُحيطونَ بهم من الجانبينِ كجدرانٍ متحرِّكة، والكاميراتُ تَلمَعُ فوقَ الرُّؤوسِ.
سارَ الوزيرُ إلى جوارِ الديكتاتورِ، وقد تَورَّمتْ يداهُ من التَّصفيقِ، وهتفَ بصوتٍ مجروحٍ:
– عاشَ الرَّئيس! عاشَ الرَّئيس!
وكانَ كلُّ شيءٍ حولهُ يهتفُ... حتى قلبُه.
وبعدَ أعوامٍ من الزِّياراتِ، والخُطبِ، والتصريحاتِ المعلَّبة، و"العلاقاتِ المتميِّزةِ بالتبعية"، و"المواقفِ الثابتةِ على استدامة المنصب"، وجدَ الوزيرُ نفسَهُ في جناحٍ باردٍ داخلَ مستشفى حكوميٍّ، لا يزورهُ فيه أحد.
دخلَ عليه ممرِّضٌ شابٌّ، وسأله:
– كمْ عُمرُك يا سَيادةَ الوزير؟
ابتسمَ الوزيرُ بمرارةٍ، ونظرَ إلى السَّقفِ، وقال:
– سبعةٌ وسبعون.
– لكن، المُسجَّل في ديوانِ الوزارة أنَّك من مواليدِ...
قاطَعَه الوزيرُ بهدوءٍ:
– ذاكَ هو عُمرُ الوزير... العُمرُ المَغسولُ بالرُّواتبِ والنَّشراتِ الرسميَّة.
أمَّا هذا... فهو عُمرُ السجلات الطبية لكى احافظ على الصحة واللياقة للقفز فى سيرك الوظيفة بتبديل الاعمار والمواقف حسب حالة الطقس والنشرات الرسمية.
نظرَ الممرِّضُ إليه قليلًا، ثم دوَّنَ العُمرَ الحقيقيَّ في الورقة، وانصرف.
أغمضَ ادريس عينيهِ.
فرأى أمامه:
بابَ المطارِ الفارغ،
والمطعمَ الشَّعبيَّ،
والرئيسَ البوليسيَّ،
والشارعَ الذي يُشبِهُ سِجنًا،
وصوتَهُ القديمَ وهو يَهتف:
"عاشَ الرَّئيس!"
لكنَّهُ لم يُكرِّر الهُتاف لان حباله واقدامه لم تعد تسعفه للسير فى ذلك الشارع السجن أو الذهاب الى ذلك المطعم الشعبي فهو قد اصبح وحيدا بلا كاميرات وتصحبه الذكريات التى تتحسر على عدم تقديم موقف وطنى ملتزم امام بريق الوظيفة الذى تملكه.
خرج الممرض الى الردهة وهو يتمتم كم سيكون عمر برهان ورئس هيئة الاركان فى قسم الطوارئ!!!
يتبع ،،،،،