تجّار الحرب وتجّار في الحرب! كتبه د. أنور شمبال

تجّار الحرب وتجّار في الحرب! كتبه د. أنور شمبال


10-11-2025, 11:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1760220484&rn=0


Post: #1
Title: تجّار الحرب وتجّار في الحرب! كتبه د. أنور شمبال
Author: أنور شمبال
Date: 10-11-2025, 11:08 PM

11:08 PM October, 11 2025

سودانيز اون لاين
أنور شمبال-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




بات جليّاً من الممارسات اليوميّة لسلطات ولاية الخرطوم، والأشخاص الذين يمثلونها على المستوى القاعدي؛ إنّ التخبط، والابتزاز، والتجارة والسمسرة في الإغاثة، وتقديم الخدمات هي السمة والعنوان. فلا تطابق بين ما يقوله المسؤولون والواقع على الأرض.
القصة ببساطة فوضى إداريةٍ خلّاقةٍ، واستغلالٍ للنفوذ للكسب الشخصي، أو كسب مجموعة من أصحاب المصالح. والتحكم في كل شيء بما فيها الأسواق التي يكسب منها البسطاء قوت يومهم. يتم التعامل مع المواطن كأنّ أثقال الحرب المستمرة لحوالي ثلاث سنين عجاف لم تقع عليه، وما أقسى مرارةً على الذين عايشوا الحرب في الخرطوم من بداياتها وواجهوا ما واجهوا من ضنك في المعيشة، لينتهي بهم الأمر بحمى الضنك!.
أغراض ضيقة:
ليس هذا كيلٌ للتهم من غير أسانيد، أو حكمٌ بلا حيثيات، بل هو واقع ووقائع يعيشها أي مواطن مستقر بالخرطوم في الثماني أشهر الأخيرة. ومع كامل تقديرنا لظروف الحرب اللعينة التي لم تنته بعد، وآثارها الثقيلة السالبة على كل شيء؛ لكن أن تمارس جهة مسؤولة ذات الأنشطة التي كانت سبباً لحروب السودان المتواصلة، الحافر بالحافر، فهذا هو الخطل وعدم الاعتبار والاتعاظ، بما جرى ويجري.
ظللت أتابع كيف تقدم الخدمات، بدءاً من التكايا التي تقدم خدماتها إلى الذين نزحوا من ويلات الحرب، ثم إلى كل سكان الحي، وكانت بداياتها صادقة وهادفة، تقدّم الوجبات، والماء في بعض المناطق، بلا منٍّ ولا أذى. وتحولت في الفترة الأخيرة إلى أصحاب ولاءات ومعارف، فوظفها البعض لأغراض ضيقة، والتسوّق بحاجة المواطن، حيث يتم تصوير معاناته وعرضه على وسائل التواصل الاجتماعي بتكرار ممل للتكسب منها مادياً، واعتماده كرافعة سياسية لهم. ثم لا تقدم الخدمة بكرامة الإنسان، الذي كرّمه الله.
الإغاثة:
ووصلت الإغاثات إلى ولاية الخرطوم بعد دخول القوات المسلحة السودانية الخرطوم وأحكمت السيطرة عليها، ووفرت الأمن فيها، وهي المرة الأولى التي تصل فيها الإغاثة منذ اندلاع الحرب في ابريل 2023م، ومن منظمة الأغذية العالمية (برنامج الغذاء العالمي)، ووزعت الإغاثات في أكثر من منطقة من بينها منطقة الوادي الأخضر بشرق النيل، لأكثر من مرة. وعلى قلتها وبقدرة قادر تدخلت الولاية بقراراتها فأوقفت تلك الإعانات البسيطة ومن غير تقديم أي مبرر أو مسّوق إلى ذلك.
والغريب إنّ بعض السلع الإغاثية وجدت طريقها إلى الأسواق وقد أحدثت خفضاً في أسعار بعضها، من بينها الدقيق ثم اختفى، وعادت الأسعار إلى ارتفاعها. مما يدلل على وجود سماسرة ووسطاء أوحوا إلى إدارة الولاية لفعل ذلك فأكملوه فكان ما كان.
حمى الضنك:
وأمّا الخدمات الصحيّة، فحالها مفضوح ومكشوف للجميع من انتشار الوبائيات، وضعف الوقائيات، وتكبيل تدخل المنظمات المعنية المباشر. ويكفيني من الاستطراد في هذه الخدمات ما ينشر من تقارير يومية بوسائل الإعلام المختلفة، وحمى الضنك التي زارت كل سكان الخرطوم، بيت بيت ودار دار، وزنقة زنقة.
ابتزاز!
والماء والكهرباء، وما أدراك ما الماء والكهرباء، ثم ما أدراك ما الماء والكهرباء، إنّها محل ابتزاز وتجارة وسمسرة كبرى، خاصة في محلية شرق النيل، وبصفة أخص منطقة الوادي الأخضر. فهناك "كونسورتيوم" خطير يدير هذه الخدمات المهمة مع أصحاب مصالح أنانية، فقيرة في التفكير والتدبير. فكيف لا تستطيع محلية ايصال مياه شرب لمواطنها لمدة تسعة أشهر وتتركه على التزامات ووعود كاذبة خادعة، ومجموعة أخرى يتاجرون الماء فيه.
فأمر هذه الخدمات يذكرني ما يحكى ويتداول عن الجبهة الإسلامية القومية في فترة الديمقراطية الثالثة، إنّها من أجل خلق أزمة في سوق السكر حينها تشتري السكر من الأسواق وتسكبه في نهر النيل ليتحلى به السمك، على ذمة الرواة.
وعجبٌ!
وعجبٌ على ما يدور في الكهرباء وهيئتها؛ الأمر الذي يعيد تكرار جملة من الأسئلة: من الذي يقف وراء سرقة كوابل الكهرباء ومحولاتها؟ وأين ذهبت؟ وهل للمواطن الحق في التصرف في ممتلكات الهيئة القومية للكهرباء؟ وإلى أي مدى إنّ العقد المبرم بينها والمستهلك ملزم للطرفين؟ وفي حال إخلال أيّ طرف، هل تقع العقوبة على الطرف الذي أخل بالعقد، أم العقوبة تقع فقط على المستهلك (المواطن) في كل الأحوال؟ وإلى متى يكون العقد ملزماً للطرفين؟ وهل من صيغة مثلى للتعامل مع الأمر بعد الحرب؟ وأين هي؟ إجابات بعض هذه الأسئلة يمكنك أن تستشفها مما يرد من معلومات وأخرى متروكة لك، وللأيّام!
منتفعون:
إنّ الذي سمعناه من وعود وحديث معسول كثير ومثير، وكذب من تحدّث بكل ما يسمع. وهنا نقف على الوقائع فقط لا شيء غير ما هو واقع على الأرض، ووقفنا على آثاره، ورأيناه رأي العين. تبنى مجموعة من الوسطاء، والسماسرة، أن يكونوا حلقة وصل بين المستهلك (المواطن)، وبين منتفعين من شركات الهيئة القومية للكهرباء المختلفة. يقوم هؤلاء الوسطاء تحصيل أموال من المواطن، ومن روابط مغتربين ومنظمات ذات صلة، لشراء كوابل ومحوّلات واسبيرات متعلقة، من أولئك المنتفعين لإعادة تشغيل الكهرباء. فهؤلاء وأولئك هم ذات المجموعة التي حالت دون أن تقدم المنظمات الإنسانية الاقليمية والعالمية، خدماتها لمواطن الخرطوم بطريقة مباشر، ولم تصلهم خدمة تلك المنظمات بالطرق غير المباشرة.
والأعجب من العجب أن يطلب من مواطن ينتظر طويلاً أمام التكية من أجل وجبة تسد رمق من يعولهم، ليدفع مبلغاً من المال لإعادة التيار الكهربائي... فما لكم كيف تحكمون؟!
تجارة مربحة:
هناك عدة مناطق بشرق تم اعادة التيار الكهربائي فيها بتلك الكيفية، وبالتالي تجد الكهرباء في منطقة ولا تجدها في أخرى، والاحياء المجاورة، بل تجدها في جزء من الحي والجزء الآخر مظلم... وهناك أحياء درجة أولى سكانها قلة عاد التيار الكهربائي إليها.
وأسوأ السوءا أن تعتمد عملية الوساطة والسمسرة بين المنظمات الإنسانية، والمواطن المغلوب على أمره، كتجارة مربحة، تدر الدخل الوفير... حيث تمارس هذه الأنشطة –إن جاز تسميتها بنشاط- في جو من الرجاء والأمل، والتهويل والتخويف، وبالمقدمات التي لا علاقة لها بالخواتيم والنهايات.
حسبنا الله ونعم الوكيل