رومات البلابسة... حين تحوّل الدفاع عن الوطن إلى حفلة سبّ جماعية بقلم: زهير عثمان

رومات البلابسة... حين تحوّل الدفاع عن الوطن إلى حفلة سبّ جماعية بقلم: زهير عثمان


10-11-2025, 02:44 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1760190271&rn=0


Post: #1
Title: رومات البلابسة... حين تحوّل الدفاع عن الوطن إلى حفلة سبّ جماعية بقلم: زهير عثمان
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 10-11-2025, 02:44 PM

02:44 PM October, 11 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





في الزمن الجميل — يوم كان النقاش الوطني يعني فكرة ومبدأ — كنا نختلف فنحترم بعضنا. اليوم، دخلنا عصر “الرومات الوطنية” حيث الوطنية تُقاس بكم الشتائم التي تملكها في قاموسك
وكلما زادت شراستك في السباب، ارتفع تصنيفك في سلم “حب الوطن”.
رومات البلابسة ومناصري الجيش — تلك التي يُفترض أنها منابر وعي واصطفاف — تحوّلت بقدرة قادر إلى سيرك لغوي، يجتمع فيه الخيال الكيزاني القديم مع لغة السوق والخراب.
سقوط المبادئ على الهواء مباشرة
في تلك الرومات، المبادئ لا تسقط بهدوء... بل تُذبح أمام الجمهور مع تصفيقٍ حار.
الذين ملأوا الدنيا وطنيات وحماسة للجيش، صاروا أسرع الناس في تخوين الآخرين واتهامهم بأنهم “جنجويد” أو “عملاء”، دون ورقة أو مستند، فقط لأنهم تجرأوا على التفكير بصوت مختلف.
يبدو أن شعار المرحلة هو: “إما أن تقول كما نقول، أو فلتُدفن مع الجنجويد”.
اللغة الخبشية- الوطنية على طريقة السوق الشعبي
ما يدهشك حقًا هو اللغة: خليط من ألفاظ السوق، والمكاواة السياسية، والشتائم العائلية التي تجعل الشيطان نفسه يطلب اللجوء لدولة أخرى.
يتحدثون عن حماية الوطن، بينما يهاجمون الأسر والأعراض كأنهم في معركة ضد الشرف لا ضد العدو.
إنها وطنية “خبشية” جديدة، شعارها: “من لا يشتم لا يحب السودان!”.
حين يعجز الفكر... يتكلم القذف
الحقيقة البسيطة التي يهربون منها هي أن الإفلاس الفكري لا يُغطّى بالصراخ. هؤلاء لا يملكون مشروعًا وطنيًا، فقط حفلات شتائم متبادلة في بثٍ مباشر.
تتهم الناس بأنهم “كيزان”، ثم تكتشف أن من يدير الروم نفسه من خريجي التنظيم!
تُهاجم الإسلاميين صباحًا، وتستخدم أساليبهم مساءً. إنها نسخة “الكيزان الإصدار 2.0” — تحديث جديد بنفس الفيروس القديم.
صناعة الانقسام... شغل كيزان أصيل
يبدو أن هؤلاء اكتشفوا الوصفة السحرية لإعادة إنتاج الانقسام: خذ حفنة من الجهل، أضف إليها قليلاً من الغضب، وحرّكها بملعقة تخوين، ثم قدّمها للجمهور كـ"نقاش وطني".
كل صوتٍ مختلف عندهم هو "عدو الوطن"، وكل رأي مدني هو "عميل للدعم السريع".
وبذلك يضمنون أن لا يبقى في الساحة إلا هم... والفراغ.

الوطن ليس روم واتساب

الوطن لا يُبنى باللايفات، ولا بالشتائم الجماعية، ولا بالتخوين. الوطن يُبنى بالعقل والضمير، لا بالبوستات الساخنة التي تنتهي بإغلاق المايك وفتح بلاغ.
إذا كان هؤلاء هم “صناع الوعي”، فالسودان يحتاج إلى عطلة طويلة من هذا الوعي المزيف.
نريد وطنًا يتكلم بلغة أخلاقه، لا بلغة “خبش الرومات”... وطنًا لا يرفع شعاره من فوق المايك، بل من داخل الضمير.