Post: #1
Title: وزير التجارة ثم المسجل التجاري – الحصان أمام العربة كتبه إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 10-11-2025, 02:14 PM
02:14 PM October, 11 2025 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله-الامارات مكتبتى رابط مختصر
طالعتنا الوسائط الاجتماعية والمنصات الإعلامية بوثيقة تأمين لسيارة أحد مواطني العاصمة – نيالا، صادرة من شركة اسمها "البوادي للتأمين المحدودة"، المدهش في الأمر أنه وحتى هذه اللحظة لم تتم تسمية وزير للتجارة ولا تعيين للمسجل التجاري، لو أن "شركة البوادي" كانت من ضمن شركات النظام القديم فهذه كارثة، وإذا لم تكن كذلك وتم تأسيسها قبل تشكيل وزارة التجارة فالكارثة أعظم، أما وقد أعلن الرئيس في خطابه حل المجلس الاستشاري الذي شكل ازدواجية وعبئاً ثقيلاً على الجهاز التنفيذي، فإنّ ظهور شركات حكومية وخاصة تجبي أموال المواطنين، في ظل غياب هياكل وزارة التجارة، يعتبر تطور فوضوي آخر يضع الرئيس ورئيس الوزراء في مأزق، ويؤشر على وجود خلل بنيوي مصاحب للمشروع، الذي يجب أن تكون حكومته حريصة كل الحرص على إغلاق جميع منافذ الفساد المحتمل، وإلّا فلن يكون هنالك فرق بين حكومة الأمر الواقع ببورتسودان، وبين حكومة تأسيس في نيالا، إنّ البون شاسع بين الأكاديميين الذين شغلوا مواقع في هيئات التدريس بالجامعات، وبين ذوي الخبرات من الاقتصاديين المهنيين الذين ولجوا الحقل التجاري وصقلتهم التجربة العملية، وشتان ما بين من يلقن طلاب الجامعات علم التجارة ومن يمارس مخرجات هذا العلم بين أروقة المؤسسات، على رئيس الوزراء أن يعلن عن وزير للتجارة عاجلاً غير آجل. العاصمة نيالا كانت نعم الاختيار لتكون حاضرة الدولة الجديدة، لكونها ثاني أكبر عمق اقتصادي بعد الخرطوم، وهي مدينة ودود ولود احتضنت التجارة مع دول الجوار والتجار القادمين من بقاع السودان، وهي مطمع لكثيرين في أن ينتهزوا سانحة التخلق الأولى لخلية الاقتصاد الجديد، لذلك يجب الحذر كل الحذر من أن نعيد طفيلية الدولة القديمة، فلسنا بأفضل حال من الجوقة التي ورثت الدولة من البريطانيين، لو لم نتحلى بالأخلاق قبل البداية الاقتصادية الصحيحة، نحن نريد أن نؤسس لشركات تجارية تختلف عن شركات عبد الرحيم محمد حسين وأولاده، ونرنو لأفق مالي شفاف لا ينزلق إلى جشع اللوبي الاجتماعي، إنّه أكبر تحدي أخلاقي يواجه الرئيس ورئيس الوزراء، لأن ما تم تسريبه من وثيقة يشي بوجود سوس ينخر في عظم التأسيس وأناس يزعمون أنهم يحسنون صنعا، لكنهم في الواقع يعملون على إغراق سفينة تأسيس في يم الفساد، وبالتالي يقدمون خدمة مجانية لحكومة الأمر الواقع ببورتسودان، بهذا الانحراف الذي لا يقبله الثوار الذين ضحّوا من أجل تطهير البلاد من الفساد، فالأرواح المبذولة في معارك الخلاص من إرث الدولة القديمة الفاسدة، هي الضابط لأداء الوزراء والمديرين ووكلاء الوزارات كي لا يحيدوا عن جادة الطريق، التي ما تزال محفوفة بالمخاطر ووعثاء السفر، وغير آمنة حتى يتكئ المناضلون، فمعركة التأسيس الدستوري ليست بأقل أهمية من المعارك الحربية. بعد أن تتم تسمية وزير التجارة يعين المسجل التجاري، الذي لا تخضع إجراءات اختيارهما للمزايدات الاجتماعية الطافح كيلها هذه الأيام، فالذي يفصل بين نظام الحكم القديم ومشروع "تأسيس" طيف وخيط رفيعان، ألا وهما النزاهة والعدالة الاجتماعية – ركنا الخلاص، اذا لم يتخذ التأسيسيون من هذين الركنين دليلاً قبل كل خطوة يخطونها، فليعلموا أن الذي أهلك الطاغية – مجرم الحرب عمر حسن أحمد البشير وقومه، هو الفساد وتمكين ذوي القربى، فقد بدأ يهلك بن حوش بانقا عندما نقل الحوش إلى "كافوري"، وحينما سلّط أشقاءه – عبد الله وعلي والعباس – على الناس، فالتجارة النزيهة رافد من روافد الاقتصاد المتين، اذا تم كبح جماح الفاسدين والطفيليين، فالمجتمعات الخارجة من الحروب متأثرة بإغراءات الغنائم، وللأسف إنّ بعض ممن حمل السلاح والقلم في هذه الحرب تكالب على الوظيفة العامة، وهذا لعمري انتكاسة لا محالة سوف تودي بالمشروع إلى الفشل، فلا تؤسسوا تجارتكم على منطلقات المغانم والفيء، إنّ هذه الدولة تتبنى مشروع طموح حفّز المواطن على أن يضع قبضة يده تحت ذقنه فرح مستبشر بمقدم الحكم الرشيد، فلا تخذلوه بمثل هذه البداية غير الموفقة، التي تتنافى تماماً مع أعراف السوق المعاصرة والشراكات التجارية الذكية، فليتدارك الرئيس ورئيس الوزراء هذا الإخفاق، ويسرعا في تسمية وزير للتجارة وفاءً لهذه العاصمة التجارية العريقة.
إسماعيل عبد الله [email protected]
|
|