الحوثيون في المياه السودانية.. والدولة تلتزم الصمت: الحرب الإقليمية تقترب كتبه أواب عزام البوشي

الحوثيون في المياه السودانية.. والدولة تلتزم الصمت: الحرب الإقليمية تقترب كتبه أواب عزام البوشي


10-07-2025, 10:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1759874436&rn=0


Post: #1
Title: الحوثيون في المياه السودانية.. والدولة تلتزم الصمت: الحرب الإقليمية تقترب كتبه أواب عزام البوشي
Author: أواب عزام البوشي
Date: 10-07-2025, 10:00 PM

11:00 PM October, 07 2025

سودانيز اون لاين
أواب عزام البوشي-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




السيناريو الذي كنا نحذّر منه صار أقرب إلى الحقيقة: البحر الأحمر أمامه اليوم احتمال أن يتحول إلى ميدانٍ جديد لصراعات إقليمية، والسودان شاهدٌ وموضع خطر، لا بسبب صدفةٍ جغرافيةٍ أو خللٍ إداري فحسب، بل لأن الدولة نفسها تبدو غارقة في صمتٍ مريب بينما قوى داخلية وخارجية تُعيد رسم قواعد اللعبة في المنطقة.
التقارير العالمية الأخيرة أثبتت دخول الحوثيين فعلياً إلى المياه الإقليمية السودانية، في تحركٍ وصفه مراقبون بأنه الأخطر منذ اندلاع الحرب في السودان، مشيرين إلى أن الجماعة تسعى لاستخدام السواحل السودانية كنقطة تمركز وعبور لعملياتها في البحر الأحمر، مستفيدة من حالة الفوضى وغياب الرقابة البحرية.
هذا التطور لا يمكن عزله عن المشهد الأوسع في السودان، حيث يختلط ضعف الدولة بتغلغل تيارات الإسلام السياسي في مفاصل الموانئ والنقل البحري، وهي التي احتفظت بامتدادات مع إيران منذ عهد النظام البائد. واليوم، يبدو أن هذا الامتداد عاد إلى الواجهة بشكل عملي، عبر تسهيلات لوجستية سمحت بتحركات مشبوهة في المياه السودانية دون ردع أو توضيح رسمي.
الأدهى من ذلك أن الصمت الرسمي لم يعد مجرد تقصير، بل أقرب إلى تواطؤٍ سياسي محسوب. فالدولة التي يقودها مجلس سيادي يضم عناصر من النظام السابق، ما زالت تحتفظ بعلاقات مفتوحة مع طهران، تتعامل مع التهديد البحري كأنه شأن ثانوي، رغم خطورته على الأمن القومي. وحتى الآن لم يصدر أي موقف حازم من قيادة الجيش أو الحكومة، وكأن السيادة البحرية ليست ضمن أولويات بلدٍ يعيش حرباً داخلية مفتوحة.
في المقابل، تكشف المؤشرات أن هذا التمدد الحوثي تزامن مع تزايد الضغوط الدولية من الآلية الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، وبريطانيا) على طرفي الصراع في السودان للدخول في مفاوضات مباشرة. ومع كل محاولة لإحياء المسار التفاوضي، تظهر فجأة ملفات جانبية تُعيد البلاد إلى دائرة الفوضى.
ويبدو واضحاً أن الإسلاميين وحلفاءهم داخل الدولة يسعون لاستخدام هذه التحركات كورقة سياسية لإرباك المشهد، وخلق مناخٍ أمني متوتر يعرقل أي عملية تفاوضية أو انتقال سياسي قد يُقصيهم من النفوذ.
البحر الأحمر اليوم أمام مرحلة جديدة من التصعيد. الحوثيون الذين فقدوا الكثير من قدراتهم في البحر العربي والمحيط الهندي وجدوا في الساحل السوداني متنفساً استراتيجياً. والسودان، المنهك بالحرب والانقسام، أصبح الحلقة الأضعف في هذه المعادلة الإقليمية التي تربط بين طهران وصنعاء والخرطوم.
التاريخ القريب يؤكد أن هذه ليست المرة الأولى التي يتحول فيها البحر الأحمر إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات بين المحاور: من الوجود الإيراني في إريتريا، إلى التحركات التركية في الصومال، الجديد اليوم أن السودان لم يعد مراقباً، بل طرفاً سلبياً في لعبةٍ أكبر، يدفع ثمنها بصمته وعجزه المؤسسي.
إنّ صمت الدولة السودانية على دخول الحوثيين مياهها الإقليمية جريمة سيادية قبل أن تكون خطأً سياسياً. وما لم تتحرك القيادة لإغلاق هذه الثغرات البحرية وإبعاد الصراعات السياسية عن أمن السودان وعدم التسهيل أو التغاضي، فإنّ البلاد تتجه نحو مواجهةٍ إقليمية مفتوحة، لن يكون البحر الأحمر إلا شرارتها الأولى.
لقد آن الأوان أن تُعيد الدولة تعريف أمنها القومي بعيداً عن حسابات الكيزان وتحالفاتهم الخارجية. فترك البحر الأحمر بلا حماية هو خيانةٌ صريحة لسيادة السودان، ومن يترك حدوده المائية مستباحة اليوم، لن يجد غداً أرضاً أو سماءً يدافع عنها.