واشنطن والسودان- استراتيجية الضغط والدور الحاسم للمكون المدني

واشنطن والسودان- استراتيجية الضغط والدور الحاسم للمكون المدني


10-04-2025, 11:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1759615962&rn=0


Post: #1
Title: واشنطن والسودان- استراتيجية الضغط والدور الحاسم للمكون المدني
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 10-04-2025, 11:12 PM

11:12 PM October, 04 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





تصريح مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأمريكي حول الوضع في السودان، لم يكن مجرد بيان عابر، بل جزء من استراتيجية أمريكية متكاملة تهدف إلى إعادة رسم موازين القوة السياسية في الخرطوم، وضبط مسار الصراع نحو التحول المدني والديمقراطي.
التحليل التفصيلي لهذا التصريح يكشف عن أهداف واشنطن ودلالاته على الخيارات العسكرية والسياسية للأطراف السودانية.
الأهداف الأمريكية الكبرى
أولاً، منع انهيار الدولة السودانية، الذي يهدد الأمن الإقليمي والعالمي. واشنطن تخشى أن يتحول السودان إلى نموذج دولة فاشلة تشبه الصومال أو ليبيا، ما يفتح المجال للإرهاب، ويزيد الهجرة غير الشرعية، ويزعزع الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
ثانياً، تحجيد النفوذ الإقليمي والدولي المنافس. الولايات المتحدة تراقب التدخلات المتزايدة لكل من مصر والإمارات، اللتين تفضلان عادة حكمًا عسكريًا مستقرًا، وروسيا عبر قوات "فاغنر"، وإيران، التي ترى في السودان ساحة للتأثير الإقليمي. الهدف الأمريكي هو الحد
من قدرة هذه الأطراف على تحقيق مكاسب استراتيجية، واحتواء أي صراع بالوكالة قد يضر بالأمن الغربي.
ثالثاً، حماية المكاسب الديمقراطية التي تحققت بعد سقوط البشير، على الرغم من محدوديتها، لأن الديمقراطية المستقرة تعتبر الوسيلة الأكثر أمانًا لتحقيق أهداف الاستقرار ومواجهة النفوذ المعادي في المنطقة.
تحليل التصريح: استراتيجية ومقاصد
إعادة صياغة الصراع: التصريح يحوّل النزاع من مجرد صراع عسكري بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى "انقلاب على الثورة والتحول الديمقراطي"، ما يسحب الشرعية من الأطراف العسكرية ويعطيها للمكون المدني، مؤكداً أن الثورة ليست ملكاً للعسكر
بل ذاكرة وطنية جامعة.
توجيه الاتهام المباشر: عبارة "الجيش متواطئ مع النظام السابق" هي رسالة مزدوجة-للجيش، بأنه ليس حامياً للوطن بل أداة لإعادة النظام السابق.
للقوى الإقليمية الداعمة للجيش، بأن دعمهم يعزز عودة حكم النظام الإخواني، مما يضعهم أمام موقف سياسي وأيديولوجي حساس.
توقيت الضغط: جاء التصريح في لحظة حرجة، مع جمود عسكري، وأزمة اقتصادية وإنسانية خانقة، واستعداد المفاوضات غير المباشرة. الهدف هو تحديد أرضية مفاوضات جديدة مع شرط وضوح دور المكون المدني.
التداعيات على الأطراف السودانية
الجيش السوداني: الخيارات ضيقة. الاستمرار في الحرب سيعني عزلة دولية، عقوبات مالية، تجميد مساعدات، وخسارة أي شرعية متبقية. الخيار الآخر، التفاوض المدني، يتطلب التخلي عن حلم "الدولة العميقة" وقبول إشراف مدني على الجيش، وهو خيار مكلف
لكنه الأقل ضرراً على المدى الطويل.
الفصائل المدنية- التصريح يمنحهم ورقة ضغط قوية ويعزز موقفهم التفاوضي، ويشجع توحيد صفوفهم. لكن عليهم توخي الحذر من الاتهامات بالعمالة للغرب، مع التركيز على استثمار الدعم لتحقيق مصالح الشعب السوداني.
قوات الدعم السريع - رغم أن التصريح يهاجم الجيش مباشرة، إلا أنه يضع هذه القوات في مأزق وجودي، حيث أن أي محاولة لتصوير نفسها كبديل شرعي ستفشل في كسب الاعتراف الغربي. الضغط قد يدفعها نحو تسوية سياسية تضمن لها دوراً محدوداً ضمن هيكل وطني موحد.

تصريح جونسون يشكل ضربة استباقية ضمن استراتيجية أمريكية لإعادة تشكيل المستقبل السياسي للسودان. الهدف هو- سحب البساط من تحت الجيش وقوات الدعم السريع.
رفع تكلفة استمرار الحرب على العسكر.
تهدئة القوى المدنية بأن الدعم الدولي معهم، مع تحذير صريح بأن عودة النظام القديم لن تمر.
المرحلة القادمة ستكون حاسمة: إما أن ينجح الضغط الدولي في دفع الأطراف العسكرية إلى طاولة التفاوض المدني، أو نشهد تصعيداً قد يشمل عقوبات شخصية على القيادات، تجميد المساعدات
وعزل النظام العسكري دولياً، مع استمرار تداعيات الأزمة على المدنيين والوضع الإقليمي.