مصر والسودان- بين ثوابت الأمن القومي وضغوط الحرب قراءة في المواقف المصرية الرسمية

مصر والسودان- بين ثوابت الأمن القومي وضغوط الحرب قراءة في المواقف المصرية الرسمية


10-02-2025, 07:15 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1759428915&rn=0


Post: #1
Title: مصر والسودان- بين ثوابت الأمن القومي وضغوط الحرب قراءة في المواقف المصرية الرسمية
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 10-02-2025, 07:15 PM

07:15 PM October, 02 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





بمناسبة زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى بورتسودان ولقائه الفريق عبد الفتاح البرهان، يكتسب النقاش حول الموقف المصري من الحرب السودانية أهمية مضاعفة. فالزيارة لم تكن بروتوكولية عابرة،
بل حلقة في سلسلة تحركات إقليمية تضع السودان في قلب معادلة الأمن القومي المصري.
العمق التاريخي والجيوسياسي
العلاقات بين مصر والسودان ليست وليدة اللحظة. فهي نتاج أكثر من قرن من التداخل الثقافي والسياسي، جعلت من استقرار السودان مسألة مصرية بقدر ما هي سودانية.
ولعلّ العبارة الأدق لوصف هذا العمق هي أن الخرطوم بالنسبة للقاهرة ليست "الجار الجنوبي" فقط، بل "العمق الإستراتيجي".
النيل.. شريان الحياة
حين تنظر مصر إلى الخرطوم، فإنها ترى أولاً النيل. فالقاهرة تعتمد بنسبة 97% على مياهه، ما يجعل أي اضطراب في السودان تهديدًا مباشرًا لبقائها المائي. ولهذا، تتجاوز النظرة المصرية للأزمة السودانية اعتبارات السياسة العابرة
لتصبح قضية أمن قومي وجودي.
المصالح المباشرة: الحدود والعمق الإستراتيجي
الحدود الممتدة لأكثر من 1200 كيلومتر بين البلدين تجعل من كل هزة في السودان ارتدادات محتملة على الأمن المصري. من هنا يأتي الحرص على التعاون الأمني لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وفي ظل التوتر مع إثيوبيا حول ملف سد النهضة، تتضاعف أهمية السودان كعمق إستراتيجي يتيح لمصر هامش توازن إقليمي لا غنى عنه.
رؤية القاهرة- وحدة الدولة فوق كل اعتبار
من الثوابت الراسخة في الموقف المصري رفض أي مسار يؤدي إلى تقسيم السودان. تجربة انفصال الجنوب عام 2011 كانت درسًا باهظ الثمن في المنطقة، ما جعل القاهرة ترى أن وحدة السودان ضمانة للاستقرار الإقليمي.
إلى جانب ذلك، تضع مصر دعم مؤسسات الدولة السودانية في صميم مقاربتها. فالقوات المسلحة بالنسبة للقاهرة ليست مجرد طرف عسكري، بل ركيزة لاستمرار الكيان الوطني ومنع انزلاقه نحو التفكك.
دبلوماسية التوازن والشراكات الإقليمية
في إدارة الملف السوداني، تتحرك القاهرة وفق مقاربة مزدوجة:
العمل في إطار إقليمي منسق مع السعودية والإمارات، حيث تلتقي الرؤى حول استقرار وادي النيل والبحر الأحمر.
اعتماد نهج الوساطة النشطة التي ترفض فرض حلول خارجية، وتفضل تسهيل الحوار بين الأطراف السودانية بما يحافظ على السيادة ويخدم المصالح المشتركة.
سلم الأولويات المصرية
يمكن تلخيص الأجندة المصرية تجاه السودان في ثلاثة مستويات-
الفوري: وقف نزيف الحرب وحماية المدنيين عبر هدنة إنسانية عاجلة.
المتوسط: الدفع بحوار سياسي شامل لا يُقصي طرفًا رئيسيًا.
الاستراتيجي: بناء دولة سودانية مؤسساتية مستقرة تحقق التنمية وتقطع الطريق على أسباب الصراع المتكرر.
ما بين الثابت والحدود الواقعية
رغم وضوح هذه الثوابت، يواجه الدور المصري تحديات موضوعية. فالقاهرة لا تملك وحدها أدوات حاسمة لفرض مسار التسوية، وتبقى قدرتها محكومة بتنسيقها مع الفاعلين الإقليميين والدوليين.
كما أن انحيازها الواضح إلى مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش، يجعلها عرضة لانتقادات بعض القوى المدنية السودانية التي تخشى تهميشها. إضافة إلى ذلك، فإن أولوية الأمن القومي المصري
قد لا تتطابق دومًا مع أولويات الداخل السوداني المتشظي، ما يفرض على القاهرة معادلة دقيقة بين المصالح الذاتية وضرورات التوازن السوداني الداخلي.
سياسة بوجه مكشوف
الموقف المصري من الأزمة السودانية لا يحتاج لكثير من التأويل. فهو يقوم على حسابات واضحة: أمن قومي، مصالح اقتصادية، عمق تاريخي، ورؤية إقليمية ترى أن استقرار السودان شرط لاستقرار المنطقة.
مصر لا تتحرك بأجندة خفية، بل بما هو معلن: سودان موحّد، مستقر، وقادر على أن يكون شريكًا في معادلة أمنية وتنموية تخدم الجميع.