كديس رواندا (٨) كتبه كمال الهِدَي

كديس رواندا (٨) كتبه كمال الهِدَي


09-30-2025, 12:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1759231235&rn=0


Post: #1
Title: كديس رواندا (٨) كتبه كمال الهِدَي
Author: كمال الهدي
Date: 09-30-2025, 12:20 PM

12:20 PM September, 30 2025

سودانيز اون لاين
كمال الهدي-عمان
مكتبتى
رابط مختصر







كنت قد وعدتكم في الجزء السابق من هذه السلسلة بأن أوجز ما تبقى من القصة في مقالين، غير أنني وجدت نفسي مضطراً لإضافة مقال ثالث، حتى لا أطيل إذا حاولت ضغط بعض التفاصيل المهمة اللازمة لاكتمال الصورة في مقالين فقط. لذلك ستعقب هذه المادة مقالتان أخريان.

بعد أن بقيت بضاعة حاوية الصين عالقة في الميناء الجاف بكيغالي أكثر من سبعة أشهر دون إيجاد حلول تسويقية، فكر صاحبنا في إعادة تصديرها لبلد آخر في المنطقة. لكن تبين له سريعاً أن الأمر شديد الصعوبة، إذ لم تكن بلدان شرق أفريقيا سوقاً جيدة لمثل هذه الأجهزة الإلكترونية الجديدة، حيث تنتشر هناك تجارة الأجهزة المستعملة. وهو ما أكد لصاحبنا أن قريبه و" الكديس" لم يدرسا السوق أصلاً، وأن تعجلهما في شحن البضاعة لم يضع في الاعتبار ما قد يجره ذلك من خسائر عليه.

وبما أنه لم يكن أمامه خيارات كثيرة بعد انسحاب من وعدا بتسويق البضاعة من الشركة التي ضمت ثلاثتهم في رواندا، اتفق مع صديق له على إعادة تصدير الحاوية إلى أوغندا، حيث أبدى صديقه هناك استعداداً لبذل جهد كبير في تسويقها. وبالفعل تكبد صاحبنا المزيد من النفقات وأرسل الحاوية إلى كمبالا، وسدد هناك 20 الف دولار كرسوم جمارك، لكن للأسف لم ينجح في بيعها أيضاً بالرغم من المجهود الكبير الذي بذله صديقه على مدى ثلاثة أشهر.

ومع كل تلك الخسائر والوقت المهدور بسبب مقترحات قريبه ووعودهما هو و " الكديس" ، لم يلحظ صاحبنا أي انزعاج حقيقي من جانبهما، لا سيما من قريبه الذي أقحمه في المشروعين الفاشلين. وبدا له وكأنهما لا يدركان حجم المبلغ المُستثمر، الأمر الذي ضاعف حسرة صاحبنا وندمه الشديد علي فكرة الوثوق بمقترحات قريبه أو الركون إلى وعود " الكديس".

والأنكأ من ذلك، أن صاحبنا – إلى جانب هذه الخسائر - لم يحصل على الأرباح الشهرية من مشروع الشاحنات الذي استثمر فيه مبلغ ال 140.000 دولار الذي حدثتكم عنه سابقاً. فقد تأكد له بما لا يدع مجالاً للشك أن الأمر كان احتيالاً مكتمل الأركان. صحيح أن " الكديس" وقع معه عقداً صحيحاً ونافذاً، غير أن الكارثة تمثلت في العقدين الذين أبرزهما " الكديس" لصاحبنا مع شركة الشاحنات ومصنع الأسمنت، والذين أرسلهما له قريبه قبل وصوله لرواندا بمدة. إذ تبين لاحقاً أنهما كانا مزورين، ولم تكن للكديس أي علاقة تعاقدية مع شركة الشاحنات أو المصنع عند توقيع عقد ال 140.000 دولار مع صاحبنا.

والواقع أن مؤشرات عملية الاحتيال الذي مارسه " الكديس" ظهرت لصاحبنا منذ وقت مبكر، إذ لم يجد أثراً لمكتب،أو محاسب، أو مستشار قانوني متمرس كما صور له قريبه قبل وصوله إلى رواندا. غير أن قريبه الذي نصحه لاحقاً بتقديم شكوى ضد " الكديس" لم يكن قد ترك له خياراً للجوء المبكر إلى القضاء لأن " الكديس" نفسه كان قد تولى أمر حاوية بضاعة الصين بصفته المدير الإداري للشركة، ولذلك وصلت الحاوية إلى كيغالي باسمه وبريده الإلكتروني ورقم هاتفه، ولو أن قريب صاحبنا تولى تلك الإجراءات بنفسه لربما بدا حديثه لاحقاً عن تقديم الشكوى أكثر منطقية وواقعية.

المهم لم يتسلم صاحبنا الأرباح الشهرية المنصوص عليها في العقد، إذ نص الاتفاق على أن يحصل و" الكديس" وقريب صاحبنا على٣٠٪ من أرباح مشروع الشاحنات، مقابل حصول صاحبنا على ٧٠٪ على افتراض انهما سيديران المشروع من مكتب " الكديس" الذي اتضح لاحقاً أنه غير موجود أصلاً. وظل " الكديس" يتذرع في كل مرة بمشكلات يواجهها المصنع، ويعد بحلها قريباً مع دفع جميع الأرباح المتأخرة من غير أن يدرك أن صاحبنا قد تأكد بالفعل من عملية التزوير.

وفي المقالين القادم نكمل بقية القصة مع نشر العقد الموقع بين صاحبنا و "الكديس" ، إضافة إلى العقدين المزورين اللذين أوهم " الكديس" صاحبنا بأنهما موقعان مع شركة الشاحنات ومصنع الأسمنت حتى يستدرجه لاستثمار ذلك المبلغ الكبير.