Post: #1
Title: شعب يموت وقادة يتباهون- مأساة السودان المنسية#
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 09-29-2025, 01:59 PM
01:59 PM September, 29 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
بينما يستمر القصف في الفاشر، وتموت أم حامل من الجوع في مخيم للنازحين، وتتهاوى جثث المصلين في مساجد دارفور، يبدو أن قادة الحرب في السودان منشغلون بلعبة مختلفة تماماً و لعبة القوة والموارد والخطابات البطولية. إنها المفارقة الأكثر قسوة في المأساة السودانية و بينما يموت الناس بصمت، تتصاعد نبرة التبجح في تصريحات القادة. الفاشر وحصار والموت الذي لا يصدح بصوته في شمال دارفور، تتحول الفاشر إلى رمز للمأساة الإنسانية التي تمر بصمت عالمي. المدينة تعيش تحت حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، حيث تتعرض لقصف يومي بالطائرات المسيّرة والمدفعية. في هجوم على مسجد أثناء صلاة الفجر، سقط أكثر من 70 مصلّياً، في مجزرة وصفتها الأمم المتحدة بأنها من بين الأكثر دموية منذ اندلاع الحرب. ومع ذلك، تبقى هذه المأساة خارج دائرة الضوء الإعلامي العالمي. يقول أحد النازحين من المنطقة: "نحن نموت مرتين مرة من القصف، ومرة من النسيان". الأرقام التي تتحدث حين يعجز اللسان 12 مليون نازح داخلي 30.4 مليون شخص بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة 25 مليون يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد 113,600 حالة كوليرا و3,000 وفاة خلال 14 شهراً 2,000 حالة حمى الضنك في أسبوع واحد هذه الأرقام ليست إحصائيات مجردة، بل هي قصص ألم يومي يعيشه السودانيون. في الفاشر وحدها، توفي 23 شخصاً بسبب الجوع في شهر واحد، بينهم نساء حوامل. الوباء والمستشفى- حلقة مفرغة من المعاناة انهيار النظام الصحي في السودان أصبح كاملاً. المستشفيات لم تعد آمنة، كما في هجوم مستشفى المجليد في غرب كردفان حيث قُتل 40 مدنياً بينهم أطفال وعاملون صحيون. الأوبئة تتفشى في ظل انهيار شبكات الصرف الصحي، بينما تتعرض قوافل المساعدات للهجوم كما حدث لقافلة برنامج الأغذية العالمي واليونيسف قرب الفاشر. تعنت السلطات ورفض وقف إطلاق النار وسط كل هذه المآسي، تتحمل السلطات السودانية ـ سواء من قادة الجيش أو قوات الدعم السريع ـ قسطاً كبيراً من المسؤولية. فبينما تتعالى النداءات الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية آمنة، تواصل الأطراف المتحاربة تعنتها وتتعامل مع حياة المدنيين كأوراق ضغط في طاولة المفاوضات. إن هذا الرفض المستمر لأي هدنة إنسانية يضاعف من أعداد الضحايا، ويكشف أن السلطة في نظر هؤلاء القادة أهم من أرواح الملايين الذين يموتون جوعاً وقصفاً ومرضاً. لماذا لا يسمع القادة صراخ الناس؟ السؤال الذي يحير كل مراقب: كيف يمكن للقادة أن يستمروا في صراعهم بينما شعبهم يموت جوعاً ومرضاً؟ الإجابة تكمن في عدة عوامل هي - المواطن أصبح ورقة في صراع القوة: لقد تحول الإنسان السوداني إلى أداة في معادلات السيطرة. اقتصاد الحرب يغذي استمرار الصراع: الموارد من ذهب وتجارة حدودية وتمويل خارجي جعلت من الحرب مشروعاً اقتصادياً مربحاً للبعض. عزلة النخبة عن واقع الشعب: القادة محاطون بمستشارين يعززون رواياتهم البعيدة عن معاناة الناس اليومية. الخوف من البديل المدني- أي اعتراف بمعاناة الناس قد يفتح الباب لمطالب التغيير التي تخشاها النخبة العسكرية. مستقبل مجهول وخيارات صعبة أمام السودان عدة سيناريوهات، جميعها يحمل مخاطر كبيرة: استمرار الصراع دون حسم يعني مزيداً من المعاناة الإنسانية. التقسيم الفعلي للأراضي يهدد بتهجير جماعي ونزاعات حدودية. أي اتفاق مؤقت يبقى هشاً في ظل انعدام الثقة. التدخل الدولي يحمل مخاطر انتهاك السيادة. نداء للإنسانية السودان اليوم على حافة الهاوية. ما يحدث ليس مجرد صراع سياسي أو عسكري، وإنما انهيار كامل للإنسانية. المطلوب ليس مجرد اتفاق وقف إطلاق نار، بل تحرك إنساني عاجل وحقيقي. كما يقول أحد العاملين في المجال الإنساني: "الحديث عن سياسة وصراعات يمكن أن ينتظر، لكن الجوع والمرض لا ينتظران". السودان يموت بصمت، والعالم يتفرج، والقادة يتصارعون. إلى متى؟
|
|