السودان وتشاد في نيويورك: فرص دبلوماسية لإعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية كتبه أدم أبكر عيسى

السودان وتشاد في نيويورك: فرص دبلوماسية لإعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية كتبه أدم أبكر عيسى


09-26-2025, 11:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1758924681&rn=0


Post: #1
Title: السودان وتشاد في نيويورك: فرص دبلوماسية لإعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية كتبه أدم أبكر عيسى
Author: ادم ابكر عيسي
Date: 09-26-2025, 11:11 PM

11:11 PM September, 26 2025

سودانيز اون لاين
ادم ابكر عيسي-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





صدى الوطن ...

في قلب المشهد الدبلوماسي العالمي، وبين جنبات اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تتجلى أهمية اللقاءات الثنائية في نسج خيوط السياسة الخارجية وإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية. كان اللقاء الأخير بين وزير الخارجية السوداني، الدكتور محي الدين سالم، ونظيره التشادي، بمثابة نقطة تحول فارقة، لا سيما في ظل ما شاب العلاقات بين البلدين من توتر واتهامات متبادلة، أبرزها اتهامات للسودان بدعم المليشيات المتورطة في حرب السودان واستخدام أراضيها لنقل الدعم للمليشات ، هذه الخطوة الدبلوماسية الرفيعة، تأتي في وقت حرج للسودان، حيث يسعى إلى كسر الحصار الاقتصادي، وتأمين حدوده، وتغيير المواقف الإقليمية الداعمة له، لا سيما في ظل وجود ملايين السودانيين اللاجئين في تشاد، والأمن القومي المشترك الذي يربط البلدين ارتباطًا وثيقًا.

سياق اللقاء وأبعاده الاستراتيجية:
لا يمكن النظر إلى هذا اللقاء بمعزل عن الأبعاد الاستراتيجية التي تحكم العلاقة بين السودان وتشاد. فالدولتان تتشاركان حدودًا طويلة، وتاريخًا متشابكًا، وتحديات أمنية مشتركة. لطالما كان الأمن القومي للبلدين مرتبطًا ارتباطًا وجدانيًا، حيث أن زعزعة الاستقرار في إحداهما غالبًا ما تنعكس سلبًا على الأخرى. يتجلى هذا الارتباط بشكل خاص في قضية اللاجئين السودانيين الذين يجدون ملاذًا في تشاد، والذين يمثلون عبئًا إنسانيًا واقتصاديًا على الدولة المضيفة، فضلًا عن التحديات الداخلية التي تواجه الحكومة التشادية نفسها، والتي قد تجعلها أكثر استعدادًا للنظر في سبل التعاون لتأمين استقرارها الإقليمي. جاء هذا اللقاء ليؤكد على أن معالجة هذه القضايا لا يمكن أن تتم إلا من خلال الحوار المباشر، وتجاوز أسباب التوتر السابقة.

الفوائد المحتملة للسودان في ظل الأزمة:
يعد هذا اللقاء فرصة ذهبية للسودان لتحقيق مكاسب دبلوماسية واقتصادية وأمنية هامة.
أولًا، قد يمثل فرصة سانحة لإقناع تشاد بتغيير موقفها تجاه ما يعرف بدعم المليشيات، وتحديدًا قوات الدعم السريع، وهو ما قد يخفف من الضغوط الدولية والإقليمية على الخرطوم.
ثانيًا، يسهم تعزيز الشراكة مع تشاد في تأمين الحدود السودانية، وتقليل المخاطر الأمنية، خاصة في ظل الصراع الدائر داخليًا. ثالثًا، يمكن لهذا اللقاء أن يفتح أبوابًا جديدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية، وتبادل المنفعة، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الحصار الاقتصادي الذي يواجهه السودان. إن استمالة دولة بحجم وأهمية تشاد، قد يعزز من موقف السودان التفاوضي على الساحة الإقليمية والدولية.

دور الدبلوماسية في كسر الجمود:
تؤكد جهود وزير الخارجية السوداني، الدكتور محي الدين سالم، في نيويورك، على الدور الحيوي للدبلوماسية النشطة في تجاوز الأزمات. وصف اللقاء بأنه "خطوة دبلوماسية رفيعة" تهدف إلى كسر الجمود الذي اعترى العلاقات السودانية التشادية بعد فترة من التوتر. إن تناول مسار العلاقات التاريخية بين البلدين وسبل تعزيزها بما يخدم مصلحة الشعبين، يعكس رؤية استراتيجية تسعى إلى استغلال الروابط العميقة بين البلدين لتجاوز التحديات الراهنة. هذه الخطوة الدبلوماسية لا تمثل نهاية المطاف، بل هي بداية لعملية إعادة بناء ثقة، تستدعي تفعيلًا مستمرًا على كافة المستويات.

التحديات المستقبلية والدعوة للعمل:
على الرغم من أهمية هذا اللقاء، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا. تقع على عاتق الحكومة السودانية مسؤولية متابعة هذه الفرصة بحكمة ودهاء دبلوماسي. يتطلب الأمر تحويل نتائج هذا اللقاء إلى خطوات عملية وملموسة على أرض الواقع. والأهم من ذلك، أن هذه الجهود الدبلوماسية الرسمية يجب أن يقابلها تكاتف وتعبئة للجهود الشعبية والأهلية، لتعزيز هذه العلاقات على المستوى القاعدي، ودعم الحكومة الشرعية في مساعيها لإعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار. إن بناء معادلة لصالح الحكومة الشرعية يتطلب تضافر كافة الجهود، الداخلية والخارجية.

يمثل لقاء نيويورك بين وزيري خارجية السودان وتشاد، نقطة تحول محتملة في مسار العلاقات الثنائية، وفرصة ثمينة لإعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية. إن نجاح هذه الخطوة لن يقتصر على ما تم الاتفاق عليه في نيويورك، بل سيعتمد على مدى الالتزام بتنفيذ ما تمخض عنه، وقدرة السودان على استغلال هذه الفرصة لتعزيز أمنه القومي، وتخفيف الضغوط الاقتصادية، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا. إنالدبلوماسية، عندما تترافق مع إرادة سياسية قوية ودعم شعبي، يمكن أن تكون المفتاح لتجاوز أصعب الأزمات.