سلام الكيزان..خراب وطن وتمكين! كتبه بثينة تروس

سلام الكيزان..خراب وطن وتمكين! كتبه بثينة تروس


09-19-2025, 02:22 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1758244948&rn=0


Post: #1
Title: سلام الكيزان..خراب وطن وتمكين! كتبه بثينة تروس
Author: بثينة تروس
Date: 09-19-2025, 02:22 AM

02:22 AM September, 18 2025

سودانيز اون لاين
بثينة تروس -كالقرى-كندا
مكتبتى
رابط مختصر






في حرب العجائب التي يعاف فيها الكيزان السلام، بينما ملايين السودانيين يطحنهم الجوع والمرض والشتات، يتمتع المخلوع البشير، في منتجع بمروي، برعاية إخوانه، محاطًا بخدمات الإنترنت والصحة والرياضة ووسائل التواصل، وفي المقابل، حكومة بورتسودان اوقفت خدمات مكالمات الواتساب عن المواطنين، رغم أنها نافذتهم الوحيدة للاستغاثة، والتواصل، وطلب العون الأسري في ظل الحرب! هذا هو اختصار عقلية تنظيم الكيزان الذي يستهين بحياة الناس ويقدّم الولاء للتنظيم على حساب الوطن. فمن يتتبع مسيرة الإسلاميين في السودان خلال ثلاثين عامًا من حكمهم، لا يستغرب هذا الانحطاط السياسي والأخلاقي، ولا عجب أن يكون السلام بالنسبة لهم خطرًا وجوديًا لا رغبة وطنية. أذ كيف ينتظر ممن أنكروا علاقتهم بانقلاب 1989 اول أمره، ثم أنكروا علاقتهم بالحرب الحالية بلا حياء، رغم أن قياداتهم توجه غرف العمليات الحربية، ومنصات الإعلام، وصفحات التحريض لكتائب الجهاد الاليكتروني ان يجدوا في استمرار الحرب مخرجاً.
ومن يرصد بحياد تخبط حكومة بورتسودان الانقلابية، مستصحباً مسيرة الحركة الإسلامية خلال ثلاثين عامًا من حكمهم، لا يستغرب هذا الانحطاط السياسي والأخلاقي، ولا عجب أن يكون السلام بالنسبة لهم خطراَ وجودياً لا رغبة وطنية، وتصريحات مثل (يا سودان بفهمنا، يا مافي سودان) و(يا الوطني يا الفوضى) لم تكن زلات لسان، بل اختصار دقيق لعقلية الحركة الإسلامية منذ انقلابها، عندما أعلنت بوضوح مشروعها لإعادة (صياغة الإنسان السوداني). تلك الصياغة التي لم تكن يومًا لصالح الوطن، بل لخدمة مشروع التمكين، وبناء منظومة أمنية واقتصادية تعزز هيمنة التنظيم الاخواني العالمي، ولو كان الثمن هو تمزيق السودان، إذلال شعبه، وإراقة دماء شبابه في حروب عبثية.
الشاهد انهم حين يعجزون عن قبول خيار السلام يلجأون الي شعارات حرب الكرامة، ويتم تغليفها بأنها جهاد ضد مؤامرات الغرب علي الاسلام وحماية للعرض، لكن خلف هذه الشعارات، لا توجد إلا أهداف بائسة لإخفاء فشل المشروع الحضاري الاسلامي، وتبرير عسكرة وأخضاع المجتمع، وتكوين مزيد من المليشيات التي تحفظ لهم السلطة، لان الإسلام الذي يحتكرون السلطة باسمه، اصله العدل والسلام والمصالحة، بل يحض عليه في هذه الأوضاع (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) أما فرية الثأر للأعراض يكفيهم عاراً انهم الذين ابتدعوا ومليشيات الدعم السريع وظيفة لهتكها (اختصاصي اغتصاب)!
وللذين تابي أنفسهم وقف الحرب، بدعوي ان ذلك تفريط في سيادة الدولة تحت إرهاب الكيزان، نقول ان السلام ليس أمنية. بل قرار شجاع ووطني، من اجل الحفاظ على سيادة الوطن وإنقاذه من التمزق، وحماية أجيال تُحرم من التعليم، ومن الصحة، ومن أبسط حقوق الحياة، هذا هو جوهر الوطنية، ويبدأ من الاعتراف بأن من يديرون هذه الحرب لا يريدون إيقافها، وهم من فرط في السيادة الوطنية وباعها بالرخيص للعملاء، وان في استمرار الحرب خلاصهم، ونجاتهم من تحمل تبعات جرائمهم، وتمكينهم من العودة للسلطة تحت لافتات جديدة.
كل مبادرة لوقف الحرب يجهضها الإسلاميون، لأنهم يرون في دعاوي الجهاد من اجل الكرامة وسيلة للبقاء، لا وسيلة للنجاة. يُسقطون مفهوم الوطنية لصالح التمكين، ويستبدلون الجيش بالمليشيات المهووسة، ويزرعون الفتن القبلية، ويشيطنون كل دعوة للحل السلمي على أنها هزيمة أو خيانة. أن الوطن أقدس من أن يُضحّى به من أجل سلطة أو تنظيم. والشعب السوداني يستحق سلامًا حقيقيًا، لا سلامًا بفهم الإخوان. لأن الحرب ليست قدرًا، والسلام ليس منّة من الطغاة؛ بل هو وعي شعبي بأن الأوطان تُبنى بالعقول لا بالبندقية، وبالعدالة لا بالولاء الأعمى. وما لم يتحرر الوعي، ويجتمع الراي العام للقوي المدنية في صعيد واحد حول ضرورة انهاء الحرب، ستظل البنادق تكتب مستقبل السودان.