Post: #1
Title: حين صار شعار (نعم السلام لا للحرب) جريمة..!! كتبه خالد ابواحمد
Author: خالد ابواحمد
Date: 09-19-2025, 02:12 AM
02:12 AM September, 18 2025 سودانيز اون لاين خالد ابواحمد -البحرين مكتبتى رابط مختصر
انتشر قبل يومين مقطع صادم يُظهر جثث مقاتلين بزيّهم العسكري، والنيران تلتهم أجسادهم داخل غرفة،مشهد قاسٍ هزّ القلوب وأوجع النفوس، جعلني أشعر بحزن وألم عميقين، كيف لا وهؤلاء من أبناء جلدتنا، لهم أسر تنتظرهم كما لنا أسر تنتظرنا، حتى وإن كانوا يتبعون مليشيا مجرمة، فالموت بتلك البشاعة لا يليق بإنسان.
ويشهد الله أننا منذ اليوم الأول رفعنا الصوت عاليًا لا للحرب، نعم للسلام لم نقلها ضعفًا ولا هروبًا، انما انطلاقا من مسؤوليتنا تجاه وطننا العزيز، قلناها بوعي كامل، مدركين لما تعنيه الحرب، وقد خبرناها وعشنا لحظاتها المريرة وما خلفته من فقدٍ للأرواح وضياع لمقدرات الوطن. قلناها ونحن نعرف من تجارب الأمم أن الحرب لا تخلّف سوى الخراب. وأمامنا مثال حي: الحرب الطاحنة بين إثيوبيا والجبهة الشعبية لتحرير التيغراي، والتي لم تجد نهايتها إلا على طاولة السلام في 2 نوفمبر 2022، حين وقع الطرفان اتفاقًا يقضي بوقف دائم للأعمال العدائية وإنهاء نزيف الدم، فماذا لو أن (حكومة آبي أحمد) في أثيوبيا تمسكت يومها بشعار التعنت (بل بس)؟ كيف كان سيكون الحال؟
اليوم نرى النتيجة أمام أعيننا: شعار زائف ظل يردده الجهلة والمتنطعون، لم يكن سوى وهم دمّر البلاد وأهلك العباد، وكان هؤلاء أول ضحاياه، افتقدتهم أسرهم وافتقدهم الوطن، فيما الشعب السوداني كله لا يزال يدفع الثمن الأفدح: دمًا ولحمًا ومالًا وكرامةً.
حين رفعنا شعارنا الصادق: "لا للحرب، نعم للسلام"، لم يواجهونا بالحجة ولا بالرأي، بل صوّبوا سهامهم نحونا وأطلقوا علينا حربًا أشرس من تلك التي خاضوها ضد المليشيا في الميدان، اعتبرونا العدو الأخطر، فقط لأننا قلنا كلمة حق ورفضنا نزيف الدم. مارسوا ضدنا سقوطًا أخلاقيًا لم يعرفه تاريخ السياسة السودانية من قبل، إذ بلغ بهم الحقد أن أوعزوا لوزارة الخارجية برفض تجديد جوازات السفر للمعارضين، وبالفعل نُفذ القرار على أرض الواقع، فوجد كثيرون أنفسهم بلا هوية ولا أوراق. إنها سابقة سوداء ستظل محفورة في ذاكرة الشعب السوداني، شاهدة على أي دركٍ سحيق يمكن أن ينحدر إليه الإسلامويون الحاكمون في عدائهم لكل من يخالفهم الرأي.
وما دامت المصالح الضيقة تتحكم في القرار، والتعنت حاضر، والأهواء الشخصية غالبة على مصلحة الوطن، فسيظل نزيف الدم متواصلًا، وما دام الإعلام المأجور والأقلام المضللة يمارسون التزييف ويحجبون الحقيقة، فسيبقى الشعب عالقًا في دوامة الحرب والخراب، ينتظر فجرًا جديدًا يضع حدًا لهذا الجنون.
|
|