Post: #1
Title: الأمن كقيمة إنسانية: تأملات في العلاقة بين الحقوق والواجبات في مجتمع هش كتبه ادم أبكر عيسي
Author: ادم ابكر عيسي
Date: 09-19-2025, 01:53 AM
01:53 AM September, 18 2025 سودانيز اون لاين ادم ابكر عيسي-السودان مكتبتى رابط مختصر
صدى __ .
الأمن كضرورة وجودية في مقال سابق، تناولنا موضوع "الأمن أولاً: نحو استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن وحماية المواطنين في ظل الأوضاع الهشة"، مُدركين الأهمية الجوهرية للأمن والأمان في حياة الفرد والمجتمع. الأمن، كقيمة أساسية، يتجاوز مجرد غياب الخوف؛ إنه ركيزة الوجود الإنساني، وأساس التنمية والازدهار. إنها تلك الركيزة التي تتطلب منا وعياً عميقاً بمفهوم الأمن، وتقديراً لكرامة الإنسان وحقوقه، وسعياً دؤوباً لتحقيق التوازن الدقيق بين هذه الحقوق والواجبات المترتبة عليها.
●الأمن في المنظور القرآني: دعائم الإيمان والعمل الصالح● إذا ما نظرنا إلى جوهر الدين الإسلامي، نجد أن القرآن الكريم يربط الأمن بالإيمان والعمل الصالح، ويعتبره نتيجة طبيعية للتوافق مع إرادة الله. ففي آيات الذكر الحكيم، تتجلى أهمية الأمن كنعمة وهبة من الله، وكمطلب أساسي لوجود مجتمع سليم ومتماسك. يقول تعالى في سورة الملك: "أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَـٰنِ ۚ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ" (الآية 20)، مُبيناً عجز الإنسان في حماية نفسه إلا بالتوكل على الله. وفي آيات أخرى، يرتبط الأمن بالرزق، كما في الآية 21 من نفس السورة، ليدلل على أن الأمن والازدهار هما وجهان لعملة واحدة.
●تحقيق التوازن: الأمن كحماية للحرية● إن التوازن بين الأمن وحقوق الشعب ليس مجرد شعار، بل هو جوهر الفلسفة الأمنية التي تسعى إلى بناء مجتمع يحترم كرامة الإنسان. هذا التوازن يتطلب دمج سياسات أمنية تحترم الحقوق الأساسية للإنسان، وتعزز سيادة القانون، وتضمن المساءلة والشفافية، وتشجع على المشاركة المجتمعية، وتكافح التمييز بجميع أشكاله. الأمن الحق هو الذي يحمي حرية الفرد، وليس الذي يسلبها.
●مبادئ أساسية: أسس الأمن العادل● ▪︎ سيادة القانون: يجب أن تكون جميع الإجراءات الأمنية مستندة إلى قانون واضح وعادل، يحترم حقوق الإنسان، ويضمن العدالة للجميع. ▪︎ المساءلة والشفافية: يجب أن تكون هناك آليات فعالة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان أو الإجراءات الأمنية غير المبررة، لتعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسات الأمنية. ▪︎ المشاركة المجتمعية: يجب تشجيع الحوار والتعاون بين المؤسسات الأمنية والمجتمع المدني والمواطنين، لضمان أن السياسات الأمنية تلبي احتياجات المجتمع وتراعي خصوصياته. ▪︎ مكافحة التمييز: يجب أن تضمن الإجراءات الأمنية عدم التمييز بين الأفراد على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو أي اعتبار آخر، لضمان المساواة في الحقوق والواجبات.
●أدوار المؤسسات: تضافر الجهود●
▪︎ الدولة: تتحمل الدولة المسؤولية الأساسية في وضع الإطار القانوني والتنظيمي اللازم لحفظ الأمن، مع احترام حقوق الإنسان كمسؤولية متكاملة. ▪︎ المؤسسات الأمنية: يجب عليها الالتزام بمدونات سلوك واضحة، والتدريب المستمر على معايير حقوق الإنسان، مع التركيز على الحساسية الثقافية والاحتياجات المجتمعية. ▪︎منظمات المجتمع المدني: تلعب دوراً حيوياً في الرقابة والنقد البناء، وفي تعزيز الشراكة مع المؤسسات الأمنية لضمان عدم تجاوز الإجراءات الأمنية لحقوق الإنسان.
■التحديات والاعتبارات: نحو رؤية شاملة● ▪︎المفهوم الشامل للأمن: يجب أن يشمل الأمن الإنساني حماية الأفراد من جميع أنواع التهديدات، وليس مجرد الأمن للدولة أو النظام السياسي. ▪︎ العلاقة المعقدة: العلاقة بين الأمن القومي وحقوق الإنسان معقدة ودائمة التوتر، حيث أن الدول غالبًا ما تواجه صعوبة في الموازنة بينهما، ويتطلب الأمر حكمة وبعد نظر. نحو مجتمع آمن وعادل ' بتطبيق هذه المبادئ، والعمل المشترك بين جميع الأطراف، يمكن تحقيق توازن فعال يحمي أمن الشعب ويصون حقوقه الأساسية. إن تحقيق الأمن ليس مجرد مسألة تقنية، بل هو قضية أخلاقية وفلسفية، تتطلب منا التمسك بالقيم الإنسانية، والعمل على بناء مجتمع آمن وعادل للجميع..إن تشجيع فتح حوار بين القائمين على إنفاذ القانون والمؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني للاستفادة من أفضل الممارسات الدولية في مجال تحقيق الأمن وضمان إعمال حقوق الإنسان، هو خطوة ضرورية نحو تحقيق هذا الهدف.
|
|