إصلاحات دستورية تأسيسية كتبه إسماعيل عبد الله

إصلاحات دستورية تأسيسية كتبه إسماعيل عبد الله


09-17-2025, 01:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1758112285&rn=0


Post: #1
Title: إصلاحات دستورية تأسيسية كتبه إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 09-17-2025, 01:31 PM

01:31 PM September, 17 2025

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




لا يستقيم الظل والعود أعوج، قبل البدء في تشكيل الجهازين الرئاسي والتنفيذي لتأسيس، كان من الواجب حل المجلس الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع – رئيس التأسيس، وإقالة رؤساء الإدارات المدنية بالولايات وتكليفهم بتصريف الأعمال، إلى حين اختيار الولاة والمحافظين وحكام الأقاليم، الهيئة الاستشارية الماضية والخاصة برأس النظام الحاضر، عليها من المآخذ ما عليها، وجلها تنحصر في انتماء بعض من عضويتها للحركة الإسلامية المبادة، وهذا يكبل انطلاقة المنظومة التأسيسية، ويشوّه صورتها بالمشهد (الرباعي) الممهد لمرحلة ما بعد الحرب، ودونكم وزير مالية حكومة الأمر الواقع ببورتسودان، وكيف أن خطيئة الانتماء السياسي الحركي الإسلامي، أضحت الحرس المانع دخوله جنة الحكم المدني الرشيد، وأمسى المنتمون لهذه الجماعات الأصولية، غير مرغوب في وجودهم داخل مطبخ السياسات الإقليمية، بعلة أن نشاطهم الهدام وسلوكهم الغارق في الغلو والتزمت، كان المتسبب الرئيسي في إشعال الحروب بالمنطقة، السلوك الذي لا يتماشى مع محددات التعاون الاقتصادي المشترك بين البلدان، ولا يشجع العمل على إخلاء المنطقة من الأسلحة الكيماوية والنووية، أما حليفة تأسيس الاستراتيجية – الحركة الشعبية – لا خوف عليها ولا هي تحزن، فهي منسجمة مع هذه التحولات، عكس المتكدسين من بقايا كوادر الحركة الإسلامية الذين تسللوا إلى مكاتب قوات الدعم السريع.
المشرعون التأسيسيون يواجهون تحدي الازدواج الدستوري ومشكلة بقاء المؤسسات الموازية، والبت في إزالة الشوائب من مؤسسات "التأسيس" أمر عاجل غير آجل، والتأخر عن حسم الملف مؤداه الأزمة الدستورية، فبطء إيقاع العملية التكوينية غير مضمون العواقب، لا سيما وأن هنالك أيضاً إقليم جديد على الخارطة – جبال النوبة / جنوب كردفان، وربما يجئ إقليم آخر – جنوب دارفور – كما تابعنا خلال السنوات التي أعقبت اتفاق جوبا، من بروز لهيئة الحكم الذاتي لإقليم جنوب دارفور، التي يقودها السياسي والأكاديمي الدكتور صديق أحمد الغالي، وكيف أن هذه الهيئة قد حذّرت من العواقب الوخيمة للتكالب القبلي والجهوي عقب "جوبا"، التي كشف خباياها مني أركو مناوي بأنها في حقيقتها اتفاقيتين، الأولى فوق الطاولة والثانية تحتها، التصريح القنبلة الذي لم ينفه الجانبان، مثل هذه التحديات السياسية والدستورية جديرة بالتنظير الإيجابي والعصف الذهني المحايد، من جهابذة القانون الدستوري الضليعين في أروقة "تأسيس"، وعلى ذكر الأقاليم، فإنّ نموذج إقليم جبال النوبة سيكون فأل حسن، لكثير من الولايات ذات المشتركات المشابهة في أن تتحد في إقليم واحد، وأملنا أن لا يكون هذا النموذج نقمة على المؤسسين، لما لحساسية التكوين القبلي لولايات السودان من أثر، فهو جرس إنذار مبكر لفقهاء القانون الدستوري، حتى يتجبنوا مخاطر الأشواك المحفوفة بها طرقات إنشاء أقاليم جديدة.
الدرس الأول المستفاد من تجربة الحكم الفاسدة للحركة الإسلامية بالسودان، والتي وسمتها أعراف إدارية غريبة وشاذة مثل "التجنيب"، وإعدام الإيصال المالي الخامس عشر الضابط للإيرادات (أورنيك 15)، وانشاء مؤسسات تحصيل للمال العام موازية، ذلك الخطأ الخطيئة الذي أدى إلى الترهل الإداري والفساد المالي، على المؤسسين أن يجنبوا دولتنا الوليدة هذا الموروث البيروقراطي القديم، الذي ما يزال يعشعش في رؤوس بعض الذين تدربوا تحت مظلات مؤسسات النظام البائد، وفي هذا الخصوص، لو تم الاعتماد على الكادر الإداري والمهني القادم من وراء البحار والخلجان، بخبراته الحقيقية وقدراته المهنية ذات الجودة العالية، سوف يخطو المشروع التأسيسي خطوات عملاقة نحو آفاق بناء الدولة الحديثة، فالأوطان لا تبنى بالعاطفة والوشيجة العرقية ولا بالآصرة الرحمية، والبناء الوطني يستوجب التجرد من الانتماء الضيّق، ويلزم المؤسسين بالاتساق مع المبادئ المعلنة، فلطالما تخاذل السابقون عندما حانت لحظة الفعل الحقيقي ودقت ساعة العمل، فحصلنا على نتيجة صفرية كبيرة، في كل شيء، لذا عبر هذه النافذة المتواضعة نوجه رأينا لا نصحنا، إلى القائمين على أمر صناعة الدستور وتعديله وترميمه، أن يجعلوا هذه الإصلاحات الدستورية الحافظة لكيان التأسيس ناجزة، فالدستور روح الدولة، فاجعلوه كروح الأشوس المنافح عن وجود وشرف وكرامة الإنسان السوداني.

إسماعيل عبد الله
[email protected]