Post: #1
Title: الأبعاد الاقتصادية لزيارة رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس للمملكة العربية السعودية
Author: محمد سنهوري الفكي الامين
Date: 09-17-2025, 02:14 AM
02:14 AM September, 16 2025 سودانيز اون لاين محمد سنهوري الفكي الامين-UAE مكتبتى رابط مختصر
صورة داخلية
بقلم : ا. محمد سنهوري الفكي الأمين زيارة رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس إلى السعودية التي بدأت في 15 سبتمبر لا يمكن قراءتها كحدث عابراً، بل محطة سياسية واقتصادية تعكس حجم التحديات التي يواجهها السودان في هذه الفترة العصيبة من تأريخه، وحجم الرهانات التي يضعها على شركائه الإقليميين والدوليين . جاءت الزيارة في وقت السودان يعاني فيه من آثار الحرب المدمرة من عملة متراجعة، وبنية تحتية مدمرة ، لذلك، جاء الرهان واضحاً: الحصول على دعم مالي عاجل واستثمارات استراتيجية وما الحديث عن وديعة سعودية تصل إلى ملياري دولار سوى جزء من الصورة، أما جوهر الزيارة فهو جذب استثمارات طويلة الأمد في قطاعات الزراعة والطاقة والثروة الحيوانية. هنا يلتقي الاحتياج السوداني بالاستراتيجية السعودية؛ فالمملكة التي تسعى عبر “رؤية 2030” إلى تعزيز أمنها الغذائي والطاقي ترى في السودان أرضاً بكرًا وفرصاً نادرة. من أبرز الملفات المطروحة إعادة الإعمار ،فالحرب عطلت محطات الكهرباء ودمرت الطرق، ما جعل إصلاح هذه القطاعات شرطاً أساسياً لاحراز اي تقدم اقتصادي ، السعودية تبدو مرشحة لتمويل مشاريع في مجال الطاقة والموانئ والبنى التحتية، إدراكاً منها أن استقرار السودان لا يتحقق بالسياسة وحدها، بل بتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة والإنتاج. كما انه لا يمكن قراءة الزيارة بمعزل عن الصراع الخفي على النفوذ الاقتصادي في المنطقة ، فالسعودية لا تتحرك فقط بدافع المساعدة أو الاستثمار، بل بدافع بناء هيمنة اقتصادية على جوارها المباشر، وبخاصة في البحر الأحمر وشرق إفريقيا، حيث تتقاطع مصالحها مع قوى إقليمية أخري وتراجع العلاقات بين السودان والإمارات منح الرياض فرصة ذهبية لاقتناص دور أكثر حضوراً في السودان ، عبر تقديم نفسها شريكاً أوحد يمكن الوثوق به ، والجدير بالذكر ان استيراد السودان للمشتقات النفطية من الإمارات بين عامي 2024م و 2025م بلغ 1.5 مليار دولار ، في الوقت الذي تخسر فيه أبوظبي جزءاً من نفوذها التقليدي في السودان، تتحرك الرياض بخطوات محسوبة لتوسيع نفوذها، ليس فقط في الزراعة والطاقة، بل أيضاً في الموانئ والتجارة واللوجستيات، وهو ما يضع السودان في قلب لعبة تنافس إقليمي على من يملك مفاتيح اقتصاده ومستقبله. كما تعد المملكة العربية السعودية وجهة رئيسية للذهب السوداني الذي يعد من اهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد مما يعزز فرص الشراكة في مجالات اكثر أهمية وبحجم اكبر . وبطبيعة الحال هنالك مواضيع مهمة ستجد حظها من النقاش مثل استئناف الطيران بين البلدين وموضوع العودة الطوعية للسودانيين وأوضاع الجالية السودانية بالمملكة العربية السعودية . الزيارة تكشف أيضاً عن تداخل الاقتصاد بالجغرافيا ، موقع السودان على البحر الأحمر يعني أن استقراره جزء من أمن الملاحة العالمية الذي يهم السعودية مباشرة. لذلك، فإن أي دعم اقتصادي سعودي ليس منحة مجانية، بل استثمار في استقرار إقليمي يحمي مصالحها التجارية والاستراتيجية. لكن يبقى السؤال: هل تكفي الأموال لإحداث فرق؟ السودان بحاجة إلى ما هو أبعد من الدعم المالي؛ يحتاج إلى إصلاح مؤسسي يحمي الاستثمارات من الفساد والمحاصصات من دون ذلك قد يتحول الدعم السعودي إلى مجرد مُسكّن اقتصادي لا يعالج الجذور العميقة للأزمة. في المحصلة، الزيارة تحمل دلالات أوسع من مجرد أرقام وصفقات. إنها اختبار لقدرة السودان على استعادة الثقة، وقدرة السعودية على تحويل دعمها إلى شراكة مستدامة. السودان يراهن على المال السعودي ليبني اقتصاده، والسعودية تراهن على موارد السودان
لتؤمّن مستقبلها الغذائي والطاقي. نجاح هذه المعادلة أو فشلها سيحدد ملامح مستقبل العلاقة بين البلدين، وربما مستقبل استقرار المنطقة بأسرها. ١٧/٩/٢٠٢٥م
|
|