ابتلاء الشعب السوداني بين فساد الساسة وضجيج الإعلام وزيف النشطاء كتبه الطيب محمد جادة

ابتلاء الشعب السوداني بين فساد الساسة وضجيج الإعلام وزيف النشطاء كتبه الطيب محمد جادة


09-15-2025, 02:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1757941216&rn=0


Post: #1
Title: ابتلاء الشعب السوداني بين فساد الساسة وضجيج الإعلام وزيف النشطاء كتبه الطيب محمد جادة
Author: الطيب محمد جاده
Date: 09-15-2025, 02:00 PM

02:00 PM September, 15 2025

سودانيز اون لاين
الطيب محمد جاده-السودان
مكتبتى
رابط مختصر







كاتب وصحفي مستقل

لم يكن الشعب السوداني عبر تاريخه الطويل يستحق ما آل إليه حاله اليوم من تشرذم سياسي، وانحدار إعلامي، وتلوث في الخطاب العام. فقد صبر هذا الشعب على صروف الزمان، وخرج من كل محنة أكثر تماسكاً وإيماناً بقدراته، لكنه ابتُلي – وما يزال – بفئة من الساسة الفاسدين الذين جعلوا من السلطة مغنماً شخصياً، لا أمانة ومسؤولية وطنية.

السياسة في السودان، بدلاً من أن تكون فضاءً للتنافس الشريف على خدمة الوطن، تحوّلت إلى سوق للمساومات، يبيع فيها السياسيون مواقفهم، ويشترون الولاءات، غير عابئين بما يجرّونه من ويلات على المواطن البسيط. وبينما يئن الناس من الفقر والجوع، يظل خطاب هؤلاء الساسة أسيراً للوعود الفارغة والشعارات الباهتة.

أما الإعلام، الذي يُفترض فيه أن يكون سلطة رابعة ورقيباً على الأداء السياسي، فقد انقسم هو الآخر إلى أبواق مأجورة، بعضها يروّج لأكاذيب الساسة، وبعضها الآخر يغذّي خطاب الكراهية ويعمّق الشروخ بين أبناء الوطن الواحد. إعلاميون كُثر اختاروا طريق التضليل بدلاً من التنوير، ففقد الناس ثقتهم في الكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية.

ولم يكن المشهد ليتكامل إلا بظهور فئة من النشطاء الذين يرفعون راية الحرية والعدالة، لكن ممارساتهم كثيراً ما تنقض غزلهم بأيديهم؛ فهم يزرعون خطاباً عنصرياً تقسيمياً، ويقدّمون أنفسهم أوصياء على الحقيقة، في حين أنّ الوطن لا يحتمل مزيداً من الانقسام.

في خضم هذا الخراب، يبقى الشعب السوداني هو الضحية الأولى: شعب يتطلع للعيش بكرامة، ويستحق قيادات نزيهة وإعلاماً صادقاً ونشطاء مخلصين. لكن التاريخ علّمنا أنّ الشعوب قد تصبر طويلاً، غير أنّها لا تستسلم أبداً. ومن رحم هذه المحن، سيولد جيل جديد أكثر وعياً وصلابة، يضع حداً لهذا الابتلاء المستمر.