المعارك تفرض طريقا واحدا للحل كتبه زين العابدين صالح عبد الرحمن

المعارك تفرض طريقا واحدا للحل كتبه زين العابدين صالح عبد الرحمن


09-12-2025, 01:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1757678414&rn=0


Post: #1
Title: المعارك تفرض طريقا واحدا للحل كتبه زين العابدين صالح عبد الرحمن
Author: زين العابدين صالح عبد الرحمن
Date: 09-12-2025, 01:00 PM

01:00 PM September, 12 2025

سودانيز اون لاين
زين العابدين صالح عبد الرحمن-استراليا
مكتبتى
رابط مختصر





أن مرحلة التحولات السياسية و الاجتماعية في تاريخ الشعوب، هي مرحلة تبدأ فيها القوى الفاعلة و المؤثرة في المجتمع ترسم طريقا جديدا مخالفا للطرق السابقة، ربما تعتقد القوى المحافظة أن ذلك مستحيلا، و سوف تعترضه العديد من التحديات و العقبات التي تحول بينه و بين النجاح، و هي تردد ذلك لأنها عطلت عقولها، و عاجزة على تجاوز ثقافتها السياسية التي أسست على إرث الفشل المستمر عبر النظم السياسية المختلفة، لذلك تريد أن تحافظ على ذات البيئة عبر المراحل المختلفة.. فالعقل الجامد الذي لم يتعود على المراجعة و النقد لتجاربه لا يستطيع أن يصنع واقعا جديدا يقوده إلي مسارات النجاح.. أن الحرب دفعت الشباب لحمل السلاح و هي الخطوة التي سوف تقود التغيير في طريقة التفكير التي كانت سائدة في المجتمعات السودانية إلي طريقة جديدة.. و أيضا نتائج المعارك هي التي تفرض الحل و التغيير في المسرح السياسي..
أن دعاة التغيير في المجتمعات لكي ينجحوا في مقاصدهم، لابد أن يفكروا تفكيرا جديدا يتجاوز كل تراكمات الفشل السابقة، و يفتحوا منافذ جديدة تسمح بمرور الضوء داخل المجتمع، فالتغيير يحتاج إلي أفكار جديدة مغايرة للسابقة التي قادت للفشل عبر النظم السياسية المختلفة.. فالحرب الدائرة الآن بالضرورة تجبر الناس على إعادة النظر في طرق التفكير السابقة، و تقديم تصورات جديدة.. خاصة الأجيال الجديدة هي وحدها التي تملك لغة الرفض للإرث السابق، و هذا الرفض هو الذي يجعلها تحاول أن تقدم أطروحات جديدة، فالحرب التي جعلتهم يقاتلوا مع الجيش و المجموعات الأخرى في صف واحد، هي التي سوف تزيل الحواجز بينهم، و تنقلهم من حدة الرفض للأخر إلي لغة الحوار العقلاني الذي يجعلهم يجتازوا كل العقبات التي تعترض طريقهم من أجل إبناء الجمهورية الثانية في البلاد.. و تبني الحوار للتفاهم مع الأخر وحده القادر على تعطيل أدوات العنف و استبدالها بأدوات جديدة تتناسب مع لغة الحوار العقلاني..
ستظل القوى المحافظة في المجتمع بكل تفرعاتها، و خاصة أصحاب النظريات القديمة التي فشلت في مواطن ميلادها و السندة التابعين لهم دون بصيرة، هم الذين يشكلون عقبة كبيرة أمام التغيير، و التحول إلي الديمقراطية.. رغم أن هؤلاء يرفعون شعارات الديمقراطية و السلام و غيرها من شعارات، لكن تجدهم لا يملكون تصورات و لا مشاريع لكيفية تنزيلها للواقع، و بهذا الخطاب المتناقض هم ينتجون ثقافة تحريضية غير بناءة.. بعد الحرب البلاد تحتاج إلي نقلة سياسية نوعية تجذر فيها ثقافة الحوار لأنها هي الثقافة التي تهيء البيئة لعملية المصالحة الاجتماعية، و إسقاط أدوات العنف، و استبدالها بأدوات جديدة تسمح للكل أن يكون مشاركا في عملية إنتاج ثقافة جديدة و طرق جديدة للتفكير... و يصبح الكل هو الحاضنة الاجتماعية السياسية للوضع السياسي الجديد بعيدا عن الاحتكارية و الوصاية، التي تحاول بعض القوى السياسية احتكارها..
أن استمرار البلاد في مسيرة الفشل السياسي تعود لمحاولة البعض أحتكار العملية السياسية، خاصة القوى الأيديولوجية، و أيضا القوى السياسية الجديدة التي تفتقد للتجربة.. و يعود ذلك لآن الكل يفكر في الوصول للسلطة بأية ثمن، و احتكارها دون الآخرين.. و رغم أن التجارب السياسية قد أكدت فشل هذا النسق، لكنهم لم يتعظوا، و حتى الحرب لم تجعلهم يستيقظوا من ثبات نومهم.. فالحرب هي وحدها التي ايقظت الأجيال الجديدة، و دفعتهم لحمل السلاح حماية للوطن و العرض، و الآن هم يحاولون أن يعيدوا النظر في طرق تفكيرهم السابقة، و يتجاوزوا الإرث السابق.. هي محاولة جادة رغم العقبات التي سوف تواجههم، و لكن تحمل هذه الأجيال الجديدة لويلات الحرب، و فقدهم العديد من رفاقهم أمام أعينهم يجعل أصرارهم على تعبيد الطريق الجديد ضرورة واجبة.. فالأجيال الجديدة التي حملت السلاح في الولايات التي تحررت من قبضة الميليشيا هم الذين يقومون بالإشراف على عملية الخدمات في مناطقهم، و هم الذين شرعوا في تشغيل مولدات الكهرباء بالطاقة الشمسية لمد مناطقه بالمياه الصالحة للشرب، و إنارة أماكن الخدمات التعليمية و الصحية و العبادات..
ستظل العقول المتحجرة، و إرث الفشل السياسي السابق يشكل تحديات أمام عملية التغيير و التحولات الجديدة في المجتمع، و لكنها سوف تتراجع بصورة كبير بنتائج المعارك العسكرية.. و الحرب الآن تفرض طريقا واحدا لمستقبل السودان الأمن و المستقر، هو القضاء تمام على الميليشيا، و الذين يدورون في منظومتها، و هزيمة الميليشيا تعد هزيمة لكل الدول التي دفعتها للحرب، و أيضا نهاية لكل الذين تبنوا مشروعها السياسي، و المشروع يتراجع بصورة كبيرة أمام انتصارات الجيش و المقاومة الشعبية، و كل انتصار هو خطوة متقدمة لعملية بناء المستقبل و الاستقرار السياسي و الأمن..
هناك البعض الذين ينتظرون الحل أن يأتي من قبل أمريكا و الغرب و غيرهم من الدول المستخدمة كأدوات، هؤلاء بإرادتهم يريدون الهروب من الواقع الذي يفرض كل يوم شروطا جديدة لإحلام اليقظة، حتى لا يواجهون حقيقة خيبة تصوراتهم، و البعض الأخر يحمل شعارات قد تجاوزتها الأحداث، هؤلاء قد تعطلت عقولهم و صدئت أدواتهم و أصبحوا خارج المشهد السياسي.. و هناك آخرين سجنوا أنفسهم في مقولات فاقدة المعنى و الرؤية.. فالأحداث يوميا تفرض واقعا جديدا يتناسب مع عملية التفكير الجديدة التي تفضي إلي الحوار العقلاني الذي يقود لتوافقا وطنيا.. و الأجيال الجديدة تشكل العمود الفقري لعملية البناء الوطني... نسأل الله حسن البصيرة..