الوعي المفقود والبلادة المُهددة كتبه كمال الهِدَي

الوعي المفقود والبلادة المُهددة كتبه كمال الهِدَي


09-05-2025, 00:20 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1757028020&rn=0


Post: #1
Title: الوعي المفقود والبلادة المُهددة كتبه كمال الهِدَي
Author: كمال الهدي
Date: 09-05-2025, 00:20 AM

00:20 AM September, 04 2025

سودانيز اون لاين
كمال الهدي-عمان
مكتبتى
رابط مختصر




تأمُلات



ما يحدث في بلدنا على مستوي العقول وطرائق التفكير صار مُحيراً للكثيرين، فغالبيتنا لا يتعلمون من الأخطاء ولا يستصحبون تاريخهم القريب جداً عند اتخاذ المواقف، ويتجاهلون المؤشرات الواضحة. فتبدو هذه الأغلبية مثل ديك المسلمية الذي ظل يصيح أثناء تحمير بصلته إلى أن لاقى مصيره المحتوم.

الأمر الآخر أنك تستطيع أن تكذب على الجموع عشرات المرات، وفي كل مرة يصدقونك.

وبعد وقوع الفأس في الرأس يسهل عليك التملص من كل شيء، وتعليق جميع أخطائك على أقرب شماعة ولن تجد - بطبيعة الحال – سوى قلة ممن ينتبهون لذلك.

ولنأخذ على سبيل المثال آخر محاولة للجماعة الضالة تحميل أخطائها للآخرين: فما أن أعلنت مجموعة الجنجويد عن تأسيس حكومتهم حتى صُور للبعض أنهم من بادر بتهيئة الظروف لانفصال جديد. وللأسف، نسي الكثيرون سريعاً أن حكومة الخائن البرهان كانت قد فعلت ذلك قبل إعلان حكومة التأسيس بزمن طويل.

وإلا فقولوا لنا: إلى ماذا كان يرمي كيزان بورتسودان من وراء تغيير العملة في مناطق سيطرة الجيش؟ ومنع طلاب مناطق بعينها من حضور امتحانات الشهادة؟ ومن سن قانون "الوجوه الغريبة"؟ ومن تعمد تصوير مشاهد الذبح وبقر البطون لأفراد يتبعون لإثنيات بعينها؟ ومنع مواطنين منحدرين من أقاليم محددة من تجديد جوازاتهم؟

كل ما تقدم لم يكن سوى دفعٍ للجنجويد لإعلان حكومتهم، حتى يُحمْلوا لاحقاً الوزر وحدهم. فالكيزان الخبثاء خبروا شعبنا جيداً وعرفوا كيف يتلاعبون بعقول أعداد كبيرة من أفراده.

ومع اقتناعي الراسخ بعدم جدوى حكومة الكيزان ولا صنيعتهم الجنجويد، إلا أن الأمانة تقتضي أن نُحمل كل طرف مسئوليته المباشرة. وأؤكد دائماً أن ما يجري حالياً كان أحد الأهداف الرئيسية لهذه الحرب، ولم يكن البرهان والعطا وبقية خونة الجيش جادين في القضاء على آخر جنجويدي كما ظلوا يكذبون، وإلا فكيف نفسر أنهم أفسحوا لهم المجال مرتين: الأولى لدخول المناطق والأحياء والثانية الانسحاب منها بمعظم عتادهم؟

الغريب أن ما جرى مؤخراً صورة طبق الأصل لما فعله الكيزان في الفترة التي سبقت استفتاء الجنوب، حيث سعوا بكل قوة لدفع إخوتنا الجنوبيين نحو الانفصال، لكن المؤسف أن الكثيرين لم يستحضروا تلك التصرفات والقرارات الوزارية، ووجدناهم يصدقون فبركات أغبى إعلاميين يمشون على هذه البسيطة. وكيف لا يصدق السذج والسطحيون مثل هذه الفبركات، إذا كان جُلهم يرددون حتى اليوم فرية أن "صمود" هي الجناح السياسي للجنجويد، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء السؤال: كيف يشكل الجنجويد حكومتهم في نيالا، بينما أفراد حاضنتهم السياسية المفترضة يرفعون شعار وقف الحرب وهم يعيشون في بلدان الآخرين مرغمين؟

لكن كل ذلك لا يحدث مصادفة، بل يعود إلى أن أحزابنا وإعلامنا ومعظم مثقفينا أهملوا جانب التوعية، وركزوا على أمور لا تحتاجها قطاعات واسعة من شعبنا بقدر حاجتها الماسة للتثقيف والوعي.

أسأل نفسك يا مواطن: كم عدد المقالات التي تستهدف رفع الوعي المباشر كل يوم؟ ستجد أنها شبه معدومة، إذ تركز الغالبية على نقل الأخبار مع تحليل معقد نسبياً للأحداث.
. وأسأل أيضاً: كم هو حجم الجهد الذي بذلته الأحزاب السياسية لرفع وعي الناس منذ أيام الثورة وحتى اليوم؟ ستجد أنه ضئيل جداً، حيث تهدر هذه الأحزاب الكثير من الوقت فيما لا طائل من ورائه. متجاهلة الأمية السياسية التي يعاني منها الملايين في هذا السودان، بمن فيهم بعض عضوية هذه الأحزاب نفسها.

وأمام ما تقدم، يصبح من المستحيل إنقاذ وطننا مما يُحاك ضد وحدته وسلامته وضد إنسانه وموارده.