السؤال الأهم للأستاذة رشا عوض: لماذا عجزت القوى المدنية عن أن تتوحد؟! كتبه بدر موسى

السؤال الأهم للأستاذة رشا عوض: لماذا عجزت القوى المدنية عن أن تتوحد؟! كتبه بدر موسى


09-02-2025, 05:44 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1756831475&rn=0


Post: #1
Title: السؤال الأهم للأستاذة رشا عوض: لماذا عجزت القوى المدنية عن أن تتوحد؟! كتبه بدر موسى
Author: بدر موسى
Date: 09-02-2025, 05:44 PM

05:44 PM September, 02 2025

سودانيز اون لاين
بدر موسى-USA
مكتبتى
رابط مختصر





كتبت الأستاذة والكاتبة القديرة رشا عوض مقالاً ضافيا تحت عنوان : الحرب السودانية كشف المستور والحنكشة السياسية! فصلت فيه وشخصت وعددت الكثير من الحقائق الموضوعية الهامة التي لا يمكننا الاختلاف حولها أو تجاوزها في تفكيرنا و حواراتنا حول تشخيص الأزمة الكبرى التي تعيشها بلادنا، وسبل الخروج منها لإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة التي تنشدها جميع القوى المدنية والسياسية والوطنية المخلصة،
ومن أمثلة الحقائق التي لا يمكن أن نختلف حولها في مقال الأستاذة رشا قولها: (ولكن هل الحرب اشتعلت من الطلقة الأولى فقط؟ ام من معطيات كثيرة وكبيرة على رأسها واقع تعدد الجيوش وفساد المؤسسة العسكرية الرسمية كلها بجيشها وامنها ودعمها السريع ، والاصرار على السلاح كرافعة للسلطة في ظل وجود مؤسسة عسكرية متعددة الاجنحة المتنافسة على السلطة ووجود حركات مسلحة وكتائب ظل كيزانية ، ومعارضة الانتقال الديمقراطي).
ومن أمثلة هذا أيضاً إدانة الأستانة رشا القوية لكلا الطرفين المتحاربين، الجيش والدعم السريع، وتحميلهم المسؤولية عن معاناة ملايين الضحايا من المواطنين الأبرياء من السودانيين وقولها الذي لا يمكن أن نختلف معه: (ولذلك يجب الوقوف ضد الحرب من حيث هي لانها بيئة خصبة للانتهاكات وسبب لقتل وتشريد المواطنين).
وانتهت الأستاذة رشا إلى القول: (الصور البشعة التي رأيناها هذه المرة في نمرة اثنين والمنشية والرياض والصافية هي الصور المعتادة لعشرات السنين في مناطق اخرى من السودان ! لاننا غفلنا او تغافلنا عن ما كان يحدث هناك بل كان بعضنا ينكره انتقل الينا هنا في العاصمة وحواضر المركز !! فهل نتمادى في الغفلة بعد ان رأينا وفي عقر دارنا نتائج فساد المنظومة الامنية والعسكرية المسيطرة على بلادنا ؟ اما آن الاوان ان نبحث بجدية عن مكامن الازمة ام نظل اسرى التحيزات المسبقة؟).
هذا كله تشخيص وتوصيف ممتاز للكثير من مظاهر وأسباب وجذور أزمتنا، ولكن السؤال الأهم الذي لا أشك في أن الأستاذة رشا تعلمه، والذي تناولته كثيرا في مقالاتها الأخرى، هو ما هو الحل، وكيف يكون السبيل إلى الخروج من هذه الأزمة؟! ولماذا عجزت القوى المدنية والسياسية عن توحيد مكوناتها بصورة قوية، لتكون الكتلة الصلبة والقادرة على إقامة الدولة الديمقراطية الحديثة، التي هي صمام الأمان لحاضر ومستقبل السودان، وحماية شعبه من صراعات وحروب الطامعين في السلطة على حساب معاناة الملايين من المواطنين الأبرياء؟!
خطل محاولة توحيد القوى الوطنية المدنية على أساس الحد الأدنى:
أنا أرى بأن فشل القوى المدنية في الوصول إلى وحدة متينة سببه الأساسي هو السعي إليها بحشد المكونات ولمتها قبل الاتفاق على أساس فكري ورؤية واضحة، ومحاولة بناء تحالف سياسي يجمع المتحالفين على الحد الأدنى، خشبة الإختلاف حول تفاصيل هذه الرؤية الاستراتيجية. وهذه ليست بالفكرة الجديدة التي تفتقت عنها عبقرية من يؤيدونها، بل هي فكرة قديمة، ظل القادة السياسيون أسرى لها منذ فجر الحركة الوطنية، ولقد عارضها ورفضها الأستاذ محمود محمد طه منذ زمن قديم، واستمر في رفضها على الأقل ثلاث مرات، لأسباب مبدئية، لا تتأثر بتغير الأحوال والأوضاع السياسية، ولا بتغير الظروف الزمانية والمكانية.
فقد كان فضه الأول لهذه الفكرة قديم جدا، منذ عهد الاستعمار، حين كانت دعوة قادة مكونات الحركة الوطنية وقتها تركز على التحالف المرحلي لتكوين الجبهة العريضة لإجلاء المستعمر، ثم التفرغ بعدها للبحث لإيجاد الفكرة الصحيحة لبناء الدولة، وهي الدعوة التي رفضها الأستاذ، رفضا قاطعا، ورد عليهم بما جاء في خطابه يومها:
(... دعونا ومازلنا ندعو.. قلنا لهم أن عدونا الأول، المباشر، هو الإستعمارالبريطاني، ولذا فيجب العمل على إجلائه إجلاء تاما، ناجزا وهذا العمل على إجلاء البريطانيين يتطلب ضم الصفوف، ولا تضم الصفوف إلا على كلمة موحدة وهنا يقول المتحدثون باسم الحركة الوطنية أن هذه الكلمة الموحدة هي الجلاء.. فإذا سألتهم هل الجلاء غاية في ذاته؟؟ أجابوا بأنه وسيلة فإذا سألتهم: لماذا لا نتفق على الغاية، حتى تكون الكلمة الموحدة تضم صفوفنا هي الغاية من الكفاح؟؟ قالوا هذا مستحيل، لأن لكل حزب مبدأ، وهذه المبادئ لا تتفق إلا في عداء الإستعمار.. فلنضم صفوفنا جميعا إذن حول عداء الإستعمار..
(... وهذا قول يشبه الحق، ولكنه باطل.. وهو على كل حال، قول لم يمله الدرس ولا الفهم الصحيح لطبائع الأشياء، وإنما أملته العجلة على النتيجة، ولرب عجلة أورثت ريثا..
(... وأما القول الذي يمليه الدرس، والفهم الصحيح لطبائع الأشياء ، فهو أن الناس لا يمكن أن يتكتلوا تكتلا صلبا يهدم الباطل، ويقيم مكانه الحق، إلا إذا فكروا جميعا في شئ واحد، وأحبوا جميعا شيئا واحدا، وسلكوا جميعا سبيلا واحدة.. وهذا الشئ الواحد الذي يجمع الناس لا يمكن، بالضرورة إلا أن يكون الغاية من حياة كل حي.. والغاية من حياة كل حي هي الحياة الحرة ، الكاملة ، السعيدة.. والحياة الحرة ، الكاملة ، السعيدة ، لا تحقق بجلاء الإستعمار وحده، وإنما تحقق بجلاء الإستعمار، وشئ وراءه ، هو الفهم الصحيح بأساليب الحكم الصالح الذي يخلف الإستعمار غداة جلائه...).
انتهى النفل
ثم كرر الأستاذ رفضه القاطع، لنفس الفكرة تقريبا، حين شاعت المطالبة بتوحيد قوى المعارضة لإسقاط نظام مايو، قبل الاتفاق على فكرة ورؤية وبرنامج إقامة دولة العدالة الشاملة، وهو الرفض الذي ورد تعليل الأستاذ له في لقائه بمندوبي مجلة (الجامعة) قبيل سقوط مايو، وجاء فيه:
(... ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻛﺘﻮﺑﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ.. ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻛﺘﻮﺑﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻻﺯﻡ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻜﺮﻳﺔ.. ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺟﻤﻌﺖ ﺍﻟﺸﻌﺐ، ﺗﻨﺎﻫﺾ ﺍﻟﻈﻠﻢ.. ﻫﺴﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻻﺯﻡ ﻳﺠﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺐ.. ﻣﺎ ﺑﺠﺘﻤﻊ ﺗﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻃﻔﺔ، ‏( ﺯﻱ ﺩﻳﻚ؟ ‏)، ﻭ ﻣﺎﻓﻲ ﺧﻴﺮ ﻓﻴﻬﻮ ﻟﻮ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ‏( ؟؟؟ ‏).. ﻟﻜﻦ ﻻﺯﻡ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ.. ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻳﻬﺪﻡ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻭ ﻳﺒﻨﻲ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ.. ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻙ ﻛﺄﻧﻮ ﺍﻟﺨﺮﻃﺔ ﺟﺎﻫﺰﺓ، ﻟﺘﻨﺸﺊ ﺍﻧﺖ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ، ﺑﻨﺎﺀ ﺟﺪﻳﺪ.. ﻭﺩﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺒﺨﻠﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻣﺎ ﻧﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، ﻭﻻ ﻧﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺎﺕ، ﻻﻧﻬﺎ ﻣﻬﻤﻠﺔ ﻟﻠﻤﺬﻫﺒﻴﺔ، ﻭﻣﻬﻤﻠﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ..).
ولكننا، وللأسف، فيما يبدو، نصر على تجريب المجرب، الذي حذر منه الأستاذ، وكل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها. فالوحدة القادرة على بلوغ الأهداف الكبيرة هي التي تؤسس بالاتفاق على الفكرة والمذهبية الشاملة، والتي على أساسها ترسم خارطة البناء لأي تغيير ناجح في مسعى إقامة نظام الحكم الصالح مكان النظام الفاسد بعد اسقاطه.
لقد نبهنا الدكتور عبد الله الفكي البشير كثيراً بأن سبيل استكمال ثورة ديسمبر الظافرة، التي لا تزال نارها تضطرم، سيكون بفكرنتها وعقلنتها، وهذا سيحدث عندما يكتمل وعي ومعرفة وقناعة ثوارها وثائراتها بالفكرة الصحيحة لإقامة نظام الحكم الصالح، وعندها سيكون في مقدورهم أن يرسموا تفاصيل خارطة بناء الدولة الانسانية، القائمة على الدستور الإنساني، والذي لابد أن يؤسس على المساويات الثلاث، الاشتراكية والديمقراطية والاجتماعية، في جهاز حكومي واحد، ونحن نقدم تفاصيل كل هذا في الفكرة الجمهورية، التي نرشحها لتوحيد الشعب ولاستكمال هذه الثورة العظيمة، وندعو غيرنا إلى أن يقدموا ما عندهم من أفكار أخرى لتوحيد الشعب، حتى يتواصل الحوار الفكري بيننا، عن قناعة راسخة بأن هذا هو طريق الوصول إلى الوحدة الحتمية، مثلما هو أساس النجاح في مسعانا لإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة .