Post: #1
Title: بين حكومتي (الامل) و(السلام).. ضاع السودان!! كتبه حيدر الشيخ هلال
Author: حيدر الشيخ هلال
Date: 09-02-2025, 01:43 PM
01:43 PM September, 02 2025 سودانيز اون لاين حيدر الشيخ هلال-قطر مكتبتى رابط مختصر
سيبقى تاريخ الثلاثون من اغسطس 2025 عالقا في اذهان الشعب السوداني لاعوام وعقود وربما لقرون طويلة بما شكله من نقطه فارقة في خارطة السودان الجيوسياسية والاجتماعية، وسيبقى قائما بعمق ما سيخلفه من شرخ سيرسم خارطة وجدان الاجيال القادمة بعد ان وضعهم في مفترق طرق لن يجدو الى لملمته سبيلا!!
مع ان انفصال جنوب السودان كان كارثة على السودان كوطن الا انه لم يشكل (صدمة) كبيرة على الجيل الذي عايشه لعدة اسباب، اولها واهمها الحملة الاعلامية المضللة التي انتهجتها ( الحركة الاسلامية) بكل اطيافها وبعض (العروبيين) الذين تبنوا خطاب انفصالي قائم على اساس الدين والعرق وهذه الحملة نجحت بشكل كبير لما يحمله ابناء الشمال السوداني عموما من وهم العروبة وحمية (الدين) الخادعة،، فقد تم التمهيد لهذا الانفصال بشكل جيد ووجد آذانا صاغية تمثلت في وفود ومتحركات ما يسمى (بالجهاد) إذ انخرط فيها شباب كثر عن قناعة راسخة بأن قتالهم لاجل اعلاء كلمة الله،، وبما أن العدو هو ( كافر) بالضرورة فإن مسألة ذهابه وارضه لم تشكل لديهم أي عبء اخلاقى قد يعيشون وزره يوما ما!!
الامر الثاني ان حرب الجنوب قد استمرت لاجيال طويلة ورسخت في اذهان هذه الاجيال إن فكرة( التمرد) كما كان يطلق عليها السودان الشمالي هي فكرة اجتماعية في الاساس تم تسويقها سياسيا بالتالي فإن رفض الانصهار في وطن واحد قناعة لدى السودان الجنوبي وبالتالي هم من يحملون بذرة الانفصال، دون ان يتعمقوا في حقيقة اجندة الدكتور جون قرنق التي كانت تحمل بعدا فلسفيا لسودان موحد برؤية علمانية لا تكرس لدين جماعة دون الاخرى ولا تعلى من شأن عنصر دون الاخر!! السبب الثالث هو عدم الانصهار الاجتماعي حيث لم يحصل ذلك التصاهر الحقيقي بين شعبي الدولتين قبل الانفصال إذ انطلت عليهم خدعة انهم شعبين من عرقين مختلفين وديانتين مختلفتين فصعب عليهم تجاوز هذه الفكرة ليتمسك كل طرف بامتيازاته التاريخية ونقاءه العرقي المزعوم وحظه الديني واستنكف على (اخيه) ان يشاطره هذا النقاء والاصطفاء فحملت القلوب بذرة الانفصال كواقع يتهيأ له الطرفان، دون ان يضعو في الحسبان ان الدولة كعقد اجتماعي قد تتوفر على مختلف الاعراق دون الحوجة الى ذلك الانصهار الاجتماعي،، و هذا امر فرطت في ترسيخه الحكومات المتعاقبة التي عجزت عن ايجاد صيغة قومية توفر لكل الكيانات المواطنة الحقة دون الاحساس بالتمايز، لتجئ دعاية الحرب ( الاسلاموعربية) القميئة وتطيح بما تبقى من امل قد يلملم شتيت القلوب المتناثرة!!
كما أن حدثا مهما كان له التأثير الابلغ في تعجيل عمليه الانفصال هذه فبعد ان وقع الدكتور جون قرنق اتفاقية (نيفاشا) وأدى اليمين نائبا لرئيس الجمهورية تشاء الاقدار ام ( الاشرار) لا ندري بتحطم طائرته ومقتله فيها لتخرج جموع الشعوب الجنوب سودانية ناقمة،، ناقمة على هذا الشعب الذي ما فتأ يحمل وزر كل (قدر)او (شر) وحصلت مقتله عظيمة بين ابناء الوطن الواحد كانت (مخرجاتها) ضرورة التوقيع على الانفصال وفق بنود نيفاشا التي نصت على منح ابناء الجنوب حق تقرير مصيرهم بعد ستة اعوام من توقيعها!!
وهكذا!! تم التمهيد لانفصال حتمي لم يشكل فارقا لدى جموع الشعب السوداني سواء قلة من المستنيرين من الطرفين الذين تجاوز وعيهم حدود الدين والعرق والفوارق الاجتماعية وتشربو فكرة الوطن بمنظور قومي جامع،، وهؤلا قد ذابت آمالهم مع الايام وضاعت احلامهم ادراج الرياح!!
أما الانفصال الذي نعيش وقائعه الان بأداء افراد ما يسمى حكومة (السلام) القسم سيبقى شاهدا على عمق (الصدمة) التاريخية التي سيتلقاها الشعب السوداني المخدوع الذي كان يظن ان هذه الحرب نزهة صغيرة ونزوة استبدت بمشعليها سرعان ما ستخمد،، ليستيقظ اليوم ويكتشف ان ما تبقى له من وطن قد ذهب ادراج الرياح ولن يعود مجددا!!
كثير منا لا يستشعر هول المصيبة الان طالما ان الامر لم يعدو ان يكون فصلا من فصول المكايدات ( البلبوسية) بين الطرفين الذين ما فتئوا يمارسون غيهم القديم في (مكاواة) بعضهم البعض وكأن الحرب (كورة) هلال مريخ ،، ولا يعلمون انهم وقود لنار ستلتهمهم كلهم!! إذ أن هذه الحرب كانت قصيرة جدا قياسا بحرب الجنوب ولم يتم التمهيد لنهايتها هذه بالشكل الكافي ولا تزال الوشائج الاجتماعية والوجدانية بين الشعبين (المفترضين) قائمة برغم ما اعتورها من خدوش سطحية، و العمق الانساني والتاريخي بينهم لم يتفكك بعد ليصل درجة الانفصال الكلي، لان هوية الدين واللغة والجينات المشتركة ومستوى التصاهر بينهم كبير لدرجة يصعب الفكاك منها بهذه السهولة، هذا بالاضافة الى ان الاختلافات الثقافية الطفيفة بينهم لم تشكل تحدي يقود لأنفصال في أي مرحلة تاريخية من تاريخ خلافاتهم!!
كما ان تشكيل الحكومة لم يأتي نتيجة قناعات سياسية توصل لها طرفي الحرب،بل جاءت لتقطع أي طريق امام مساعي الحلول السلمية،، بعكس حرب الجنوب التي تم انهاءها باتفاقية سلام،، مما يعني ان اسقاطات الحرب وتأثيرها على الطرفين لا تزال في مرحلة التشكل ولم تتغلغل قناعات الانفصال لدى المواطن، مما سيسبب له (صدمة) لن يحسها الا بعد ان تزول اعراض هذه الحرب، وللتخفيف اثار هذه الصدمة فقد شرع الطرفان المتحاربان في بث رسائل خادعة لطمئنة مؤيديهم بأن اجراء تكوين حكومتين ليس وراءه دوفع انفصالية وان كل حكومة تحكم السودان في ظل حدوده الحالية حتى وإن وقعت بعض المناطق خارج سيطرتها وبالطبع هذه كذبة بلقاء يفندها الواقع ويثبت عورها ان كل حكومة قد عينت مسؤول في مناطق سيطره الاخر ولكن ولا مسؤول يتجرأ الذهاب الى هناك لمباشرة مهامه!! وبالطبع فان الهشاشة التي سيخلفها وضع (المجتمعين) سيعمل على استثارة (الحفيظة) العنصرية والجهوية لدي المجتمعات لتنكفئ على نفسها وتتبنى ثقافة انغلاقية ترى في الاختلاف والتنوع عدو وشر يجب محاربته،، مما يعني مزيدا من التمزقات لما تبقى من الوطن ولقد رأينا بوادر ذلك في الحشد القبلي الذي أمه ثلة من اصحاب الاثنية الواحدة في شرق السودان!!
فبين حكومة (الامل) وليدة (اليأس) وحكومة ( السلام) وليدة (الحرب) ضاع وطن كنا نظن اننا قادرين على المحافظة على ما تبقى منه!! حكومتين لم تقويا على حمل اسميهما فتخبطت الاولى وظل (ربانها) يدور حول نفسه لا يدري ما يصنع بهذه المسؤولية العظيمة التي وضعت بين يديه، واخرى ابتدرت اول ايامها بمزيد من التصعيد ناشرة الرعب والارهاب ومنكفئة على حقيقتها المعلومة بالضرورة!!
حيدر الشيخ هلال 1 سبتمبر 2025
|
|