تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على القرار السياسي- بين النظرية والواقع

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على القرار السياسي- بين النظرية والواقع


08-23-2025, 07:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1755972359&rn=0


Post: #1
Title: تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على القرار السياسي- بين النظرية والواقع
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 08-23-2025, 07:05 PM

07:05 PM August, 23 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مجرد منصات للترفيه أو للتواصل العائلي، بل تحولت إلى لاعب أساسي في الحياة السياسية وصنع القرار.
ملايين الناس باتوا قادرين على التعبير والضغط بشكل لم يكن ممكنًا من قبل، لكن هذا الواقع الجديد يحمل في طياته أيضًا مخاطر على استقرار المؤسسات والديمقراطية التقليدية.
فضاء عام جديد
الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس تحدث عن مفهوم "المجال العام"، حيث يناقش المواطنون قضاياهم بطريقة عقلانية ومنظمة.
اليوم، تقدم مواقع مثل فيسبوك وتويتر نموذجًا مختلفًا- فهي تتيح النقاشات الواسعة والسريعة، لكنها تعاني من فوضى وتشظي، حيث يطغى الخطاب العاطفي على النقاش الهادئ.
كيف تتشكل الأجندة؟

وفقًا لنظرية وضع الأجندة (Agenda-Setting) لماكومبز وشو، كانت وسائل الإعلام التقليدية تحدد القضايا التي تشغل الناس.
لكن الآن، ظهر ما يمكن تسميته "أجندة الشبكات"، حيث يحدد الترند والهاشتاغ أولويات السياسيين.
أما نظرية التأطير (Framing)، فباتت أكثر تأثيرًا بفعل الخوارزميات، التي تقرر كيف تُعرض الأخبار- هل يُقدَّم اللاجئون كقضية إنسانية أم كتهديد أمني؟
طريقة العرض تغير اتجاه القرار السياسي.

من النظرية إلى الواقع
الضغط المباشر- أحيانًا تُسحب قرارات حكومية أو تُعدَّل تحت ضغط حملات جماهيرية واسعة على الإنترنت.
التعبئة الشعبية- في أحداث مثل الربيع العربي أو الثورة السودانية (2018–2019)، لعبت المنصات دورًا حاسمًا في الحشد ونقل الروايات البديلة.
ظهور نخب جديدة- لم تعد السلطة الإعلامية والسياسية محصورة بالنخب التقليدية؛ نشطاء ومؤثرون أصبحوا قادة للرأي العام.
أزمات خاطفة- قضية صغيرة قد تتحول إلى أزمة وطنية خلال ساعات، وهو ما يكشف "فجوة السرعة" بين الجمهور الرقمي والمؤسسات الرسمية.

الوجه المظلم
هذا التأثير لا يخلو من إشكالات- تراجع دور الخبراء- المنصات ساوت بين رأي المتخصص ورأي الهاوي.
انتشار الأخبار الكاذبة- التضليل أصبح سلاحًا تستخدمه دول وفاعلون سياسيون.

هيمنة الشركات الرقمية- شركات كبرى مثل #### وGoogle تمارس "رقابة خاصة" على المحتوى دون مساءلة ديمقراطية.
تآكل المؤسسات- الاعتماد على التفاعل اللحظي يضعف دور الأحزاب والبرلمانات والإعلام التقليدي.

نحو وعي رقمي جديد
إن مواقع التواصل الاجتماعي اليوم قوة مزدوجة: تمنح صوتًا للشعوب، لكنها قد تزعزع استقرار النظم السياسية إذا تُركت بلا ضوابط. المطلوب هو نشر ثقافة رقمية نقدية
ووضع أطر تنظيمية عادلة تحافظ على حرية التعبير مع مكافحة التضليل، إضافة إلى تطوير مؤسسات مرنة قادرة على الاستجابة السريعة دون التضحية بالعقلانية.

فالسؤال لم يعد- هل تؤثر التكنولوجيا على القرار السياسي؟ بل- كيف نستفيد من هذا التأثير لتعزيز مشاركة شعبية واعية، بدل أن نقع في فخ الفوضى والشعبوية.