Post: #1
Title: حفيد الرسول واشكالية التجاذب الطائفي كتبه خالد حسن يوسف
Author: خالد حسن يوسف
Date: 08-17-2025, 04:30 PM
04:30 PM August, 17 2025 سودانيز اون لاين خالد حسن يوسف-الصومال مكتبتى رابط مختصر
هناك بعد رمزي وحالة تعظيم من قبل الشيعة للحسين بن علي بن ابي طالب, وفي منحى اخر عادتا ما يتهم غلاة السنة اقرانهم الشيعة وتحديدا الاثنى عشرية او المذهب الجعفري, بالتعصب للحسين بن علي كما هو ماثل في اطار الصراع الطائفي بين المجموعتين, والسنية والتشيع يمكن اعتبارهم اديان متباينة رغم انتسابهم لدين مشترك وهو الاسلام, الا انهم عقائديا لا يلتقيان بعد تجاوز شهادة التوحيد الجامعة بينهم.
ويتهم السنة اقرانهم الشيعة انهم ينتصرون للحسين بن علي على خلفية ان امه شهيناز كانت بنت كسرى ملك الفرس, وان للحسين صلة عرق فارسي تقف وراء تاييدهم له, وبتالي فان دافع الشيعة الجعفرية ذو الصلة بمحبة حفيد الرسول ذاتي وينظرون اليه على انه ابنهم الفارسي.
بينما يكمن السبب الحقيقي لرمزية وتعظيم الحسين لدى الشيعة عموما, لكونه حارب خصومه ومات مقتولا في ساحة المعركة, وتلك الجزئية لها حضور استثنائ عظيم في نطاق الدائرة الشيعية,وترتب عليها طبيعة العلاقة بين السنة والشيعة الذين ينتصر كل منهم لطرفي صراع سياسي تاريخي وهم يزيد بن معاوية والحسين بن علي.
والحقيقة ان الحسين وخصومه جميعا كانوا يتقاتلون على الحكم, وليس على خلفية عقائدية كما هو ماثل فيما بعد, وبتالي فان طبيعة الصراع هي فكرية وليست لها صلة فعلية بوفاة الحسين بن علي, والذي يجمع السنة والشيعة على تعظيمه بحكم كونه حفيد الرسول محمد بن عبدالله, وان صلة القرابة بين الحسين وكسرى ليست رافعة اجتماعية يعول عليها الشيعة الجعفرية الفرس, كما انها ليست بماخذ عليهم.
والحسين لم تكن لديه صفة شرعية او تكليف من قبل المسلمين لمحاربة خصومه, بقدر ما ان صراعه كان مجرد حالة اجتهاد منه , ودلالة ذلك ان محاولته لخوض الصراع مع يزيد ب معاوية كانت ارتجالية, ولم يقف ورائها حاضنة شعبية او اجماع من قبل اهل الحل والعقد في زمانه, وكانت عبارة عن صراع سياسي نخبوي على كيفية تشكيل الواقع العام.
وما استند له الحسين لمحاربة خصومه كان مجرد توظيف لمكانة وارث جده الرسول محمد بن عبدالله, وموقفه كمعارض سياسي ضد سلطة الحكم يعتبر في الادبيات السنية حالة تمرد سياسي او خرو ج على الحاكم والسلطة الشرعية والتي يحرمون الخروج عليها, واستنكارهم لتلك الواقعة التاريخية يختزلونه عادتا تحت مبرر كونها حالة فتنة بين طرفين مسلمين.
في حين يستثمر الشيعة مقتل ومظلومية حفيد الرسول, تجاه يزيد ابن خصمهم السياسي التاريخي معاوية ابن ابي سفيان سياسيا وعقائديا - من كان عليا وليه فانني وليه - تاويل السياق التاريخي والديني لصالح حالة صراع سياسي اصبح بدوره تاريخيا وغير مفارق لذاكرة الجمعية.
وليس من الغرابة ان يفتخر الفرس او الايرانيين بصلتهم بابنة كسرى لاسيما وانها كانت منهم ناهيك عن انها كونها مسلمة في ظل اسلامهم كمجتمع, وذلك في سياق التباهي بالصلة مع الرسول واقربائه, حيث يتجسد ذلك جليا في عموم الاجتماع الاسلامي, وانطلاقا من ذلك فان الشيعة لم ياتوا ببدعة الى دائرة الادبيات الاسلامية.
والفرس يمثلون صهور اهل البيت واخوال لبعض احفاد النبي محمد بن عبدالله, وهم بمنزلة اقباط مصر ومنهم زوجته ماريا القبطية, ويفترض ان يترتب على ذلك في الاجتماع الاسلامي ان تكتسب شهيناز بنت كسرى مكانة اجتماعية على غرار مثيلاتها ذات الصلة مع ماريا القبطية المصرية, اذ نجد اثر تلك المكانة المحتفى بها تفعل لاستقطاب اهل مصر على خلفية قومية عروبية, بينما يتجلى عكس ذلك في الاشارة الى صلة شهيناز بكسرى والسعي الى ربطها بالديانة الزرادتشية لتقليل من شانها وتكريس الكراهية ضد الفرس.
ويستشف من خلفيات الصراع السني الشيعي ان له ابعاد تاريخية سياسية وقومية, اتجهت لتسويغ الدين لوجهات نظرها المتباينة ايديولوجيا وسياسيا, وانتهى بها الى مسار تراكمي اصبح من الصعب تجاوزه, بعد ان كرس كعقيدة دينية متوارثة, وان ذلك التراكم يشمل بدوره ايضا صراع مذهبي عقائدي, ليس بين السنة والشيعة فحسب, بل بين الشيعة ذاتهم و في اوساط السنة ايضا.
خالد حسن يوسف
|
|