Post: #1
Title: في تكريم الدكتور حامد فضل الله كتبه د.ياسر محمد حسن الإرياني
Author: مقالات سودانيزاونلاين
Date: 08-16-2025, 05:51 PM
05:51 PM August, 16 2025 سودانيز اون لاين مقالات سودانيزاونلاين-USA مكتبتى رابط مختصر
ــ اليمن \ برلين
تكريم اليوم الدكتور السوداني البرليني الرائد حامد فضل الله. الموسوعة الطبية والتاريخية والأدبية والسياسية وخلاصة الروح السودانية الطيبة التي تمشي على قدمين.. وما أقدمه الآن هي رسالة كتبتها له منذ أسابيع بعد صدور آخر أعماله الأدبية باللغة الألمانية.
تلقيتُ كتابكم الأخير بكل المحبة والتقدير، وقد شدّني منذ اللحظة الأولى التي فتحت فيها صفحاته، حين وقعت عيني على القصة الأولى، ولم أتوقف حتى أنهيتها
الكتاب يحمل عنوانًا لافتًا تشي مفرداته "طبيب نساء وبحيرة" بأننا سنخوض في لجة الماء، للمتعة والتأمل في مختلف الضفاف. وهو في الوقت ذاته يحوي بين دفّتيه ما هو أعمق بكثير:أولاً هو ليس فقط مجموعة من القصص، بل نسيج من الذكريات، والتجارب، والتأملات، التي تروي حياة إنسان في قلب مجتمعات متعددة، وبلغة واحدة هي الصدق. في كل قصة، نجد وجهًا من وجوه الغربة، والاندماج، والصراع، والحنين، وكأن كل حكاية تضيء جانبًا معتمًا من تجربة الكثير الذين يحملون الروح ذاتها ، والاهتمامات عينها وأنا أحدهم!
تذكّرت شاعر القبيلة الذي يعبّر عن مشاعر أفراد قبيلته، فقلت في نفسي: هذا تمامًا ما فعله الدكتور حامد فضل الله في هذا العمل. لقد كنتَ صوتًا لما لم يُقَال، وعبّرت عنا، وتناولت تيمات اجتماعية وسياسية ونفسية وثقافية، بل حتى جغرافية، وقدّمتها بلغة هادئة لكنها مشحونة بالتجربة.
كان بإمكانك أن تكتب سيرة ذاتية مباشرة، لكنك اخترت أن تقصّ علينا سيرة موزعة بين القصص، كأنك تنتقي من كل بستان زهرة. هذا الأسلوب جعل من الكتاب فسيفساء حقيقية، توثق حياة إنسان عربي مسلم في الغرب، بين العنصرية والاندماج، بين الثقافة المحلية والهوية الأصلية، بين التفاهم وسوء الفهم، بين من يُختارون للحديث باسم الإسلام والعرب، ومن يعيشون العروبة والإسلام.
أما اللغة، فكانت أدبية رشيقة، لكنها تنبض بروح عربية. كانت الألمانية التي كتبت بها جميلة، بسيطة، رقراقه، وشاعرية في المواضع التي تستدعي الشاعرية. لكن الأجمل من ذلك أنها كانت بروح عربية. بل أن بعض التراكيب العربية نقلتموها وعبّرتم عنها بالألمانية بسلاسة مدهشة، حتى أنني، في بعض اللحظات، تخيّلت أنها جزء أصيل من تراكيب اللغة الألمانية نفسها
ما ميّز الكتاب أيضًا، وترك في نفسي أثرًا بالغًا، هو حضور تجربتكم الخاصة وروحكم المميزة في الكتاب التي لا تشبه إلا الدكتور حامد فضل الله.. أيضا مهنتكم كطبيب نساء هذا أضاف بُعدا مميزا للحكي مع حساسية عالية واحترام عميق. الصور النسائية التي قدّمتها، سواء لنساء ألمانيات أو عربيات أو مسلمات، كانت غنية ودقيقة، وملأ بتفاصيل لا يلتقطها سوى مَن عاشها عن قرب.
توقفت كثيرًا أمام المفارقات الصادمة بين تعامل بعض الآباء الشرقيين والغربيين، خاصة في المواقف الحساسة. تلك القصة عن الأسرة العربية التي بدت متعلمة ومرفهة، لكنها حين عرفت أن الجنين أنثى، قررت إجهاضه، كانت موجعة، لأنها كشفت عن تناقضات لا تزال تعيش بيننا رغم مظاهر التحضّر.
وفي المقابل، تأملت طويلاً في مشهد المرأة الألمانية التي لم تكن فقط مريضة، بل كانت تبحث فيك عن طبيب نفسي، عن مرشد. وتحديدًا تلك السيدة الأولى التي نصحتَها منذ البداية، وبصرامة شديدة، أن توقف علاقتها قبل أن تصل إلى ما لا يُحمد عقباه. لكنها تجاهلت نصيحتك، ولم تُدرك ثقلها إلا بعد فوات الأوان. كانت لحظة مكثفة بالثقة الممنوحة للطبيب، لكنها كشفت في الوقت نفسه هشاشة القرار الإنساني..
كذلك النماذج النسائية الألمانية في الكتاب أثارت الكثير من التأمل. هناك من كانت تتبع شهواتها أو تقع ضحية الخداع العاطفي. إحدى هؤلاء النساء عاشت حلم الأمومة، لكنها اكتشفت أن زوجها لا يستطيع الإنجاب، رغم أنه كذب عليها مدعيًا أن له ابنًا من علاقة سابقة. وفي لحظة ضعف، انجرفت إلى علاقة مع زميل استطاع أن يغويها أخيرًا بخفة دمه وقدرته على التقليد، وربما فعل ذلك مع أخريات.
في المقابل، كانت الصحفية المحررة في قسم الشؤون، نموذجًا مختلفًا: إيجابية، متزنة، واعية، وقدمت صورة أكثر نضجًا دون أي افتعال للمثالية.
الحقيقة أن الكلام ذو شجون وقد كتبت هنا ما خطر لي من غير أن أعود إلى تأملات أُخرى كثيرة، وتداعيات للأفكار أكثر. وحتى لا ينسي الكلام بعضه بعضا سأتوقف هنا
!وللحديث بقية إلى ما بعد مفتتح المدرسة الفنية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *طبيب أسنان أختصاص صحة عامة من اليمن وصاحب مشروع (سُماية) عن الحكايات الشعبية اليمنية الألمانية
E – Mail: [email protected]
|
|