التجارة في الخدمات : فرص واعدة للتنويع الاقتصادي في السودان كتبه فضل محي الدين طاهر

التجارة في الخدمات : فرص واعدة للتنويع الاقتصادي في السودان كتبه فضل محي الدين طاهر


08-11-2025, 04:07 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754881650&rn=0


Post: #1
Title: التجارة في الخدمات : فرص واعدة للتنويع الاقتصادي في السودان كتبه فضل محي الدين طاهر
Author: فضل محي الدين طاهر
Date: 08-11-2025, 04:07 AM

04:07 AM August, 10 2025

سودانيز اون لاين
فضل محي الدين طاهر-جنيف
مكتبتى
رابط مختصر





‏بالرغم من قتامة المشهد السوداني و بالرغم من التحديات نحسب أن الأمل لا زال قائما لأحداث اختراق الوصول إلى الحل السياسي الشامل والمستند إلى أجندة وطنية بحتة ويلبي تطلعات الشعب السوداني في السلام و بناء دولة تليق بعظمته وطي صفحة عقود من النزاعات المسلحة والانتقال إلى مرحلة اعادة الاعمار والبناء .

وللحيلولة دون حدوث انتكاسة في ذلك المسار ينبغي بالتوازي تعزيز اي اتفاق قادم باصلاح ادارة الاقتصاد و استئناف جهود دمج السودان في النظام التجاري الدولي المتعدد الأطراف ،ليس فقط من اجل الاستفادة من التدابير والفرص الدولية المتاحة لمساعدة البلدان الأقل نموا، بل ايضا لايجاد البيئة المؤسسية والقانونية التي تضمن تقاسم عوائد السلام بين جميع المناطق المكونات الاثنية بصورة عادلة ولوضع السودان علي مسار التنمية والسلام. وفي هذا السياق ومواصلة سلسلة المقالات التي تتناول اهمية تسخير عضوية السودان في منظمة التجارة العالمية لبناء دولة المؤسسات يسلط هذا المقال الضوء على موضوع التجارة في الخدمات في الWTO.

اخذ قطاع الخدمات يجذب اهتمامًا متزايدًا في السنوات الاخيرة حول العالم كونه قطاعًا حيويًا وحاسمًا في تاسيس الاقتصاد القائم علي المعرفة والتقدم العلمي والتكنولوجي. فضلًا عن ذلك يلعب هذا القطاع دورًا متناميًا في كل الانشطة الاقتصادية الاخري، واليوم لا يمكننا الحديث عن سلاسل وامدادات القيمة العالمية دون وجود انشطة خدمية محركة مثل النقل والتامين والبنوك والاتصالات والبحث والتطوير. وبناءًا علي ذلك تم وضع الخدمات علي اجندة المفاوضات الدولية في اطار جولة (الجات) في اوروجواي ١٩٨٦-١٩٩٤ حيث اصبح قطاع الخدمات لاحقًا جزء من الاتفاق التجاري المتعدد الاطراف في اطار الWTO وتم إلحاقه كجزء من اتفاقيات المنظمة تحت مسمي الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (الجاتس).


اهداف وهيكل الجاتس:

‏لم تكن التجارة في الخدمات قبل جولة اوروجواي خاضعة لأي نظام على المستوى الدولي. وتحت ضغط الدول المتقدمة اتخذت في هذه الجولة الخطوة الرئيسية الأولى اتجاه إخضاع هذا القطاع لضوابط دولية بشكل تدريجي. تعتبر اهداف الجاتس مماثلة لاهداف الجات. حيث انها تهدف نظريًا إلى تعزيز مشاركة الدول النامية في تجارة الخدمات وتسعى اتفاقية إلى تحقيق ذلك من خلال تطبيق أحكام وقواعد الجات على تجارة الخدمات بعد إجراء بعض التعديلات الضرورية التي تأخذ بالاعتبار الخصائص المميزة للتجارة في الخدمات.
وتتالف الجاتس من إطار من المفاهيم العامة والمبادئ والقواعد المطبقة على التدابير التي تؤثر على التجارة في الخدمات. بالإضافة للملاحق التي تحدد المبادئ والقواعد للقطاعات النوعيةالتي تكمل نص الاتفاقية. كما تتالف الاتفاقية من التعهدات النوعية بتحرير التجارة في قطاعات الخدمات الفرعية وهي تعهدات مدرجة في الجداول الوطنية للبلدان الأعضاء.

‏وقسمت أمانة المنظمة الخدمات إلى 12 قطاعًا هي : الأعمال التجارية،الاتصالات، التشييد والخدمات الهندسية، خدمات التوزيع ،الخدمات التعليمية، الخدمات البيئة، الخدمات المالية، الخدمات الصحية، خدمات السياحة والسفر، الخدمات الترفيهية والثقافية ، خدمات النقل وخدمات اخري ذات الصلة.
‏وخلافا للتجارة الدولية في السلع التي تتطلب عبورًا ماديا عبر الحدود، يجري تقديم الخدمات على المستوى الدولي وفقًا لنمط او مجموعة انماط من الاشكال الاربعة التالية: اولا انتقال المنتجات الخدمية عبر الحدود. ثانيًا انتقال المستهلكين إلى البلد المستورد. ثالثًا إقامة وجود تجاري في البلد الذي ستقدم فيه الخدمات. رابعًا الانتقال المؤقت للأشخاص الطبيعين إلى البلد الآخر من أجل تقديم الخدمات فيه.

الفرص والتحديات للسودان:

تمثل التجارة في الخدمات ثلثي الناتج المحلي الاجمالي العالمي ولا تقتصر اهميتها علي الدول المتقدمة فحسب بل اصبحت تلعب دورًا حاسمًا في جميع الدول. وإدراكًا منها باهمية قطاع التجارة الخدمات في تحقيق اهداف التنمية المستدامة للبلدان الأقل نموًا تبنت عضوية المنظمة عام ٢٠١١ جملة من الاجراءات التي تسهل الدخول التفاضلي لخدمات تلك الفئة من الدول الي أسواقها تحت مسمي LDC services waiver ,بالاضافة الي المعاملة الخاصة التي تتمتع بها في اطار الاتفاقية . ولتوضيح اولوياتها، قدمت الدول الاقل نموًا طلبا جماعيًا في عام ٢٠١٤ يتضمن مرئياتها بخصوص قطاع الخدمات. وحتي الان قدمت اكثر من خمسين دولة اخطارت الي المنظمة تتضمن منح الدول المستهدفة معاملة خاصة في عدد من قطاع الخدمات. وللاسف لم تتمكن هذه الدول من استثمارها كما ينبغي ، اما لعدم وجود الامكانات الفنية وضعف قدراتها البشريه والمؤسسية والتكنولوجية او لصعوبة الشروط الملحقة بها كما انها لم تتضمن اسلوب التوريد المفضل لاقل البلدان نموا وهو يتعلق بالانتقال المؤقت للاشخاص الي بلد آخر .
ومع ذلك سجل عدد من الدول الأفريقية مثل رواندا وانجولا واثيوبيا نموًا واضحا في مجالات خدمية مختلفة وقدمت دورسا وتجارب مفيدة حول مسارات التعافي واعادة الاعمار بعد الحروب المدمرة حيث يمكن للسودان ان يحتذى بها. وكان لقطاع الخدمات دورًا حاسما في نجاح بعض الدول وعلي سبيل المثال قطاع النقل الجوي في إثيوبيًا وقطاع الاتصالات في مصر والخدمات التعليمية في يوغندا والخدمات المالية في نيجيريا وخدمات المواني في جيبوتي وكينيا.
بالنسبة للسودان فان الانضمام إلى الWTO يعتبر خطوة هامة واستراتيجية لتعزيز التجارة في الخدمات واستغلال الإمكانيات التصديرية الهائلة التي تتوفر في البلاد في قطاعات مثل التعليم، الصحة، السياحة، النقل والاستشارات القانونية والهندسية فضلًا عن الخدمات المالية . وكما يحبذ التركيز علي بناء قدرات مستدامة لتطوير السياسات التجارية التي تنسجم مع وضع السودان كدولة من الدول الأقل نموًا واستنادًا علي الميزة التفضيلية في قطاع الخدمات . وباعتبار أن السودان مقبل علي لحظة مفصلية لارساء دعائم السلام واعادة الاعمار ورتق النسيج الاجتماعي، فينبغي ان يصاحب ذلك تعظيم الاستفادة من تصنيف السودان ضمن فئة البلدان الاقل نموا والتي تحظي بمعاملة خاصة في اطار منظمة التجارة العالمية. وهذا بدوره يطلب بناء القدرات التفاوضية للسودان في مجال الخدمات لضمان فهم اعمق وتسخير الامكانات الهائلة التي ينطوي عليها هذا القطاع لاحداث تحول هيكلي وتنويع قاعدة الاقتصاد بعيدًا عن العقلية الريعية .