رداً على مقال سيف الدولة حمدنا الله حول المقارنة بين د.كامل إدريس ود.حمدوك كتبه علي الكنزي

رداً على مقال سيف الدولة حمدنا الله حول المقارنة بين د.كامل إدريس ود.حمدوك كتبه علي الكنزي


08-10-2025, 07:39 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754851194&rn=0


Post: #1
Title: رداً على مقال سيف الدولة حمدنا الله حول المقارنة بين د.كامل إدريس ود.حمدوك كتبه علي الكنزي
Author: علي الكنزي
Date: 08-10-2025, 07:39 PM

07:39 PM August, 10 2025

سودانيز اون لاين
علي الكنزي-الخرطوم - السودان
مكتبتى
رابط مختصر



بسم الله الرحمن الرحيم
من رسائل النور والظلام
علي الكنزي
[email protected]


رداً على مقال مولانا سيف الدولة حمدنا الله

حول المقارنة بين

الدكتور كامل إدريس والدكتور عبد الله حمدوك

قرأت مقال مولانا سيف الدولة حمدنا الله، قاضي المحكمة العليا السابق المعروف بمقالاته الجادة التي تتسم بالمنطق والتحليل الواقعي القائم على الحقائق، وهو أسلوب عُرف به طوال مسيرته في الكتابة. غير أن مقاله الأخير الذي عقد فيه مقارنة بين الدكتور كامل إدريس والدكتور عبد الله حمدوك، جاء شاذًا عن نهجه المعهود، إذ غيّب حقائق جوهرية تجعل هذه المقارنة غير منطقية وغير واقعية في الأساس، حتى انتابني الشك بأن كاتب المقال ليس بمولانا سيف الدولة نفسه، وسنرى ذلك فيما يلي..

أولاً: الفارق في طريقة التعيين في منصب أممي

وصل الدكتور كامل إدريس إلى منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية(WIPO ومقرها جنيف، بانتخاب مباشر من الدول الأعضاء، وكان عددها حينها 87 دولة، ثم أعيد انتخابه في مايو 2003 بعد أن تجاوز عدد الأعضاء 187 دولة، وهو ما يعكس ثقلاً دوليًا حقيقيًا وثقة المجتمع الدولي في قيادته. كما أن عملية انتخاب مدير عام لوكالة أممية متخصصة هي عملية ذات وزن سياسي وقانوني كبير، تعكس شرعية دولية راسخة.

في المقابل، تم تعيين الدكتور عبد الله حمدوك في منصب نائي رئيس رئيس قسم باللجنة الاقتصادية لإفريقيا (ECA) ومقرها أديس أبابا، بقرار إداري من مدير شؤون الأفراد، وهي وظيفة إدارية متوسطة لا تتطلب تصويت الدول الأعضاء، بل تستدعي موافقة المدير العام أو الأمين العام. والوظيفة المماثلة لوظيفة حمدوك في المنظمة العالمية للملكية الفكرية لا يتم التعيين فيها إلا بعد موافقة المدير العام (وفي هذه الحالة كامل إدريس)، ما يعني أن كامل إدريس كان يملك سلطة تعيين أمثال حمدوك، .

تبعًا لذلك، لا يمكن مقارنة التعيين الإداري المتوسط الذي شغله حمدوك بالتعيين الذي اتى بالانتخاب الدولي المباشر الذي حصل عليه كامل إدريس، من حيث الشرعية الدولية أو مستوى التأثير المؤسسي.

ثانياً: الفارق في الظروف السياسية عند التعيين في منصب رئيس الوزراء

سياسيًا واقتصاديًا، جاء تعيين الدكتور عبد الله حمدوك في ظل زخم داخلي قوي ودعم دولي غير مسبوق للثورة والحكم المدني، خاصة من الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، حيث سعت هذه الدول إلى خطبته، وأمدته عبر الأمم المتحدة بكوادر أممية ترافقه في أداء مهمته كرئيس للوزراء، بل تكفلت بمخصصاته ومخصصات وزرائه، وسعت إلى الزواج به زواجًا سياسيًا كاثوليكيًا، لكن الحرب التي فرضت على الشعب السوداني حالت دون إتمام ذلك الزواج المرتقب.

أما الدكتور كامل إدريس فقد جاء في ظروف دولية مغايرة تمامًا، اتسمت بانشغال المجتمع الدولي بأزمات كبرى مثل حرب أوكرانيا، وحرب غزة، وتصاعد المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، إضافة إلى الصراع في اليمن، والتوترات مع إيران، ما جعل السودان بعيدًا عن أولويات الدعم الدولي.

ومن المهم أن نشير إلى أن الدكتور كامل إدريس، رغم إقامته لأربعة عقود في سويسرا وتنقله لاحقًا بين بريطانيا وسويسرا لسنوات أخرى، لم تراوده فكرة الحصول على أي جنسية أخرى إلى جانب جنسيته السودانية، محتفظًا بانتمائه الوطني كاملًا. أما الدكتور عبد الله حمدوك، فقد حصل على الجنسية البريطانية إضافة إلى جنسيته السودانية، وهو ما يجعله، خلال توليه رئاسة الوزراء، في وضع يختلف عن كامل إدريس الذي بقي "كامل الدسم" من حيث الانتماء الوطني.

هذه النقطة مرتبطة بالسياق السياسي والشعبي والدولي الذي أحاط بكل منهما، وتظهر كيف أن انتماء كامل إدريس الوطني الصافي أعطاه ميزة رمزية وسياسية إضافية مقارنة بحمدوك، خاصة في ظل دور الهوية الوطنية في بناء الشرعية السياسية.

ثالثاً: الفارق في المسار الوظيفي في الأمم المتحدة

أما من حيث المسار الوظيفي، فهناك فارق جوهري بين الرجلين. الدكتور كامل إدريس وصل إلى قمة الهرم الإداري الأممي كمدير عام لوكالة متخصصة، بانتخاب من الدول الأعضاء، وقاد منظمة تستضيفها جنيف، المدينة التي تحتضن الجزء الأعظم من المنظمات الأممية المتخصصة، وعمل معه نواب ومساعدون من دول كبرى (أمريكية، فرنسي، أستراليا)، وكان نائبه الأسترالي هو الذي فاز بمنصب المدير العام بعد انتهاء ولاية كامل الثانية.

في المقابل، شغل الدكتور عبد الله حمدوك منصب نائب رئيس قسم في اللجنة الاقتصادية لإفريقيا (ECA)، وهو منصب إداري متوسط لا يتيح له مقابلة المدير العام إلا في حالة غياب رئيسه المباشر أو مرافقته له، ما يجعله بعيدًا عن صناعة القرار التنفيذي الأعلى.

رابعاً: إنجازات كامل إدريس عالميًا مقابل غياب إنجازات ملموسة لعبد الله حمدوك

على الصعيد الدولي، يُحسب للدكتور كامل إدريس أنه غيّر موقع الدول النامية في منظومة الملكية الفكرية، حيث كانت هذه الدول قبل ولايته ذات حضور ضعيف وباهت وغير مؤثر، لكنه نجح في جعلها شريكًا أساسيًا في المنظمة. كما رسّخ مفهوم أن الملكية الفكرية أداة للتنمية الاقتصادية، ما أدى إلى قفزة في عدد الأعضاء من 87 إلى 187 دولة.

كما أنه يعد أول مدير عام من خارج الدول الغربية الأربع التي احتكرت المنصب لعقود عددا (الولايات المتحدة، هولندا، سويسرا، فرنسا)، وهو أول من كسر هذا الاحتكار، وفي عهده تم تعيين مساعد مدير عام من نيجيريا، ما عزز الحضور الإفريقي في قيادة المنظمة.

أما الدكتور عبد الله حمدوك، فبالرجوع إلى سجله العملي في البنك الإفريقي للتنمية أو منظمة العمل الدولية أو اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، نجد أن المناصب التي شغلها كانت ذات طابع استشاري أو إداري متوسط، وليست مناصب قيادية عليا تُشرف على تنفيذ مشروعات كبرى على الأرض، وبالتالي لا يوجد مشروع محدد أو إصلاح اقتصادي بارز يمكن أن يُستشهد به كنجاح ملموس مرتبط باسمه خلال تلك الفترة، خاصة على مستوى دولة أو إقليم.

خاتمة

إن المقارنة التي عقدها مولانا سيف الدولة حمدنا الله في مقاله بين الدكتور كامل إدريس والدكتور عبد الله حمدوك تغفل هذه الفوارق الجوهرية التي اوردناها، في المسار المهني، وطبيعة التعيين، والظروف الدولية، والإنجازات الفعلية، وهو ما يجعلها مقارنة غير منصفة ولا تستند إلى وقائع ثابتة ومثبتة يمكن الرجوع إليها.

Ali Al-kanzi
Ashshawal village
White Nile State
Sudan