أنا بلغتُكم .. وانتم أحرار! كتبه زهير السرَّاج

أنا بلغتُكم .. وانتم أحرار! كتبه زهير السرَّاج


08-09-2025, 03:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754748751&rn=0


Post: #1
Title: أنا بلغتُكم .. وانتم أحرار! كتبه زهير السرَّاج
Author: زهير السراج
Date: 08-09-2025, 03:12 PM

03:12 PM August, 09 2025

سودانيز اون لاين
زهير السراج -Canada
مكتبتى
رابط مختصر



مناظير السبت ٩ اغسطس، ٢٠٢٥

[email protected]




* هل تتخيلون أن تأتي شاحنات من دولة أخرى، محمّلة بالفؤوس والمناشير، تدخل بلا تصريح، تقطع ما تشاء من غابات، تحمّل الأخشاب، وتعود أدراجها إلى أسواقها لبيعها هناك، وكأن السودان أرض بلا صاحب، ولا قانون، ولا قيمة؟!


* جاءتني الرسالة التالية التي كتبتها بحرقة شديدة مصرية نوبية اسمها "ميرفت عبد العال" تقيم في محافظة اسوان بجمهورية مصر:


* "وصلتْ صباح اليوم ١٣ شاحنة قادمة من السودان الشقيق إلى سوق الخشب والحطب في أسوان، وكان اللافت للنظر أن الشاحنات تحمل أعلى كثيرا من حمولتها، لكن الشيء الذي أثار استغراب كل التجارأن الأخشاب لم يتم شراؤها وانما قطعها من السودان بدون مقابل".


* "يوضِّح السائق "بيومي" أنهم يذهبون إلى منطقة القضارف في السودان ومعهم فقط مناشير وفؤوس وعُدة قطع الحطب، ويقومون باستئجار عمّال من السوق مقابل أجر يومي مع توفير الطعام والشراب لهم، ويتوجهون بهم إلى غابات القضارف ويمكثون من يومين إلى ثلاثة أيام، لقطع الاشجار وتحميلها، ثم يعودون إلى مصر، وعندما سأله احد الصحفيين ويدعى "أحمد عمر" عن القائمين على أمر الغابات، كان الرد مفاجئًا بان "الغابات ما عندهاش سيد"، "دي نبتت لحالها من الأمطار ومفيش حد عاوزها!!"


* اختتمت "ميرفت" رسالتها قائلة: "يا جماعة بلّغوا حماية الغابات أو السلطات جهات الاختصاص هناك، هنالك قطع جائر ونهب للغابات في بلدكم .. أنا بلّغتكم، وأنتم أحرار."



* هكذا، ايها السادة، مِن قلب أسوان، مِن امرأة نوبية مصرية، جاءت الشهادة الصادمة: السودان بلد "ملهوش سيد!"


* شهادة تكفي بانه لو كانت هناك دولة تحترم نفسها لفتحت تحقيقًا لمحاسبة القتلة الذين يقتلون الغابات بصمت، ليقتلوا معها حياة اولادنا لاحقًا!


* أي ذل هذا، وأي صمت، وأي مهانة أعظم من أن تأتينا النصيحة من الخارج، ونحن نائمون كالبهائم؟!


* الغابات ليست مجرد حطب أو خشب، هى مستقبل وحياة، وحماية من التصحر والجفاف والانقراض. هي إرث الأجيال، وحائط الصد أمام الكوارث البيئية والمناخية التي تضرب العالم.


* لكن ماذا يعرف البرهان عن البيئة، وماذا يفهم الكيزان عن الأجيال، وهل في قواميس الانقلابيين مكان لكلمة "مستقبل" أصلًا؟!


* هؤلاء لا يزرعون الاشجار، بل يزرعون الموت، لا يسقون الأرض، بل يسقون نار الحرب، لا يحمون الوطن، بل يبيعونه بالجملة والقطاعي، مقابل بقاءهم في السلطة، ورضا أسيادهم!


ما يجري في القضارف يجري في الخرطوم وكردفان، والنيل الأزرق، وجبال الإنقسنا، ودارفور، وكل شبر في هذا الوطن المستباح .. هل تصدقون أن ثلاثة آلاف شجرة جوافة قطعت من منطقة الكدرو وحدها لتحويلها الى فحم؟!


* يُقتل الابرياء، تُدمر المستشفيات والمدارس، يُشرَّد الناس، تقطع الغابات، تنُهب الموارد ، ويُهرَّب الذهب والماشية والسمسم والصمغ والخشب إلى الخارج، دون أن يدخل قرش واحد إلى خزانة الدولة، فالخزانة صارت في جيوب الجنرالات، بدون ايصالات وارانيك مالية !


* العار على من سمح بهذا الخراب، والخزي على من لا يراه جريمة، والشكر للمرأة المصرية النوبية الشريفة التي كتبت تحذرنا من الهلاك، وصرخت فينا: "أنا بلّغتكم.. وأنتم أحرار!"


* نعم، نحن أحرار يا ميرفت، لكن في وطن مقيَّد بين نيران الحرب وفساد الجنرالات، فهل نفيق وننقذه قبل أن يتحول إلى رماد، أم نظل عاجزين عن فعل شئ، بينما يتم تمزيقه وتهريبه قطعةً قطعةً إلى الخارج؟! الانقلاب (كامل إدريس) إلى القاهرة، فالمسكين ينفذ البروتوكول المعهود: الانبطاح أمام النظام المصري لأخذ التعليمات والتوجيهات، كما يفعل البرهان، الذي لا يستطيع حك جلده إلا بإذن من سيده السيسي!

حسب الاعلان الرسمي الصادر من سكرتارية مجلس الوزراء فان كامل سيبحث مع رئيس الوزراء المصري العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وهو امر مضحك فأى علاقة يبحثها العبد مع السيد سوى تلقي الاوامر والتعليمات!

وما الذي يمكن أن تقدمه الدولة المصرية للسودان وهى الفقيرة المعدمة التي تعتمد على التسول والمعونات لتبقى على قيد الحياة، ولولا المعونات والاستثمارات الخليجية لذهبت مع الريح، فماذا يستفيد منها كامل والبرهان وتجار الدين غير الاوامر والتعليمات ليبقوا على كراسي الحكم ويمرغوا كرامتهم في التراب.

إذا ظن "كامل ان زيارته لمصر ستفتح للسودان باب المساعدات والدعم الاقتصادي أو حتى الوعود الفارغة فهو واهم، مثلما اوهام البرهان الذي عاد مؤخراً من القاهرة حاملاً خيبة الأمل وقائمة الاوامر التي يجب ان ينفذها قبل انتهاء فترة صلاحيته، واستبداله بخائن وعميل لا يملك من امره شيئا سوى الركوع لأسياده.

قبل أسبوعين، ظهر كامل في الخرطوم ممسكاً بعصا على طريقة المخلوع عمر البشير، ظنّاً منه أن الهيبة تُصنع بالعصي والبدلات الأنيقة، ووعد – بكل ثقة الزيف – بإعادة إعمار الخرطوم في ستة أشهر، وهو يعلم انه كاذب وسيظل كاذبا وسيكتب عند الله وشعب السودان كاذبا وفاسدا مثل البرهان والبشير وتجار الدين الفاسدين!

من أين ستأتي يا كامل بالأموال التي تعيد بها تعمير الخرطوم، من جيبك الشخصي؟ أم من عوائد الفساد الذي طردت بسببه من المنظمة العالمية للملكية الفكرية؟ أم من أفكار السيسي التي جعلت شعبه يعيش على حافة الانهيار؟!

إذا ظننت أنك عُيّنت لأنك عبقري أو خبير تنمية، كما تتوهم، فانت واهم لا تخدع الا نفسك، فلقد اختارك الكيزان رئيسا لحكومتهم الفاشلة لانك شخص فاسد يسهل التحكم به، تعميه اضواء الشهرة والسلطة التي لا يملكها، وتجعله أداة طيّعة في يد العصابة الكيزانية التي تبحث عن انسان ضعيف، مليء بالعيوب، يعشق السلطة التي لن ينال منه شيئا سوى السخرية!

يسافر المدير المطرود من المنظمة العالمية الفكرية الى القاهرة وهو يحمل فضيحته فوق رأسه، كما كان بالأمس في الخرطوم "ممسكاً بالعصا"، تارة يُحاكي البشير في بلاهته، وتارة يُحاكي البرهان في انبطاحه وهوانه، وبين هذا وذاك لا يملك شيئاً سوى ولائه الأعمى لسلطة بلا سلطة، وسيادة بلا سيادة، ثم يركع للسيسي الذي لن يمنحه مقابل ركوعه أكثر من ابتسامة باهتة وصفعة على الجبين وقائمة طويلة من الأوامر.

ولكن هل يحس الميت بالجروح والصفعات والهوان؟