خرائط الوجع.. عندما يفضل البرهان -النيل على دارفور وجبال النوبة!! كتبه عبدالغني بريش فيوف

خرائط الوجع.. عندما يفضل البرهان -النيل على دارفور وجبال النوبة!! كتبه عبدالغني بريش فيوف


08-09-2025, 07:52 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754722366&rn=0


Post: #1
Title: خرائط الوجع.. عندما يفضل البرهان -النيل على دارفور وجبال النوبة!! كتبه عبدالغني بريش فيوف
Author: عبدالغني بريش فيوف
Date: 08-09-2025, 07:52 AM

07:52 AM August, 09 2025

سودانيز اون لاين
عبدالغني بريش فيوف -USA
مكتبتى
رابط مختصر





في ضمير كل أمة وشعب لحظات فارقة، لحظات تختبر فيها معدنها، وتُعرّي حقيقة انتمائها، وتكشف ما إذا كان الوطن، مجرد بقعة جغرافية على الخريطة، أم هو عقد اجتماعي مقدس، دمه واحد، وكرامته لا تتجزأ.
في سودان اليوم، الذي تمزقه حرب كارثية منذ أبريل 2023، تبدو هذه اللحظات ككوابيس لا تنتهي، وتتجسد الصرخة الأكثر ألما في سؤال بسيط، لكنه يحمل في طياته مرارة تاريخ طويل من التهميش والغبن!!
ماذا لو كانت مدن الفاشر وكادقلي والدلنج المحاصرة تقع في ولاية نهر النيل يا جنرال عبدالفتاح البرهان؟
هذا ليس سؤالا للاستفزاز، ولا هو محض مزايدة عاطفية في زمن الحرب اللعبنة، بل هو سؤال جوهري، يشرّح بمنطق بارد وحارق في آنٍ واحد، سياسة الكيل بمكيالين التي تبدو وكأنها العقيدة الراسخة للمؤسسة العسكرية والسياسية التي تقود دفة البلاد من بورتسودان.
إنه التساؤل الذي يهمس به أطفال الفاشر الجوعى، وتصرخ به أمهات كادقلي الثكالى، ويئن به شيوخ الدلنج المحاصرون.
سؤال يضعنا أمام حقيقة صادمة، وهو: هل كل المواطنين متساوون في حقهم بالحياة والأمن تحت راية هذا العلم السوداني، أم أن هناك مواطنة من الدرجة الأولى، محمية بالحديد والنار والخطوط الحمراء، وأخرى من الدرجة الثانية، متروكة لمصيرها تواجه الموت والتجويع على أطراف وطن نسي أبناءه؟
عزيزي القارئ..
للإجابة على التساؤل أعلاه، لا بد من تفكيك المشهد على جبهتين متناقضتين بشكل صارخ: جبهة المركز المقدس، وجبهة الأطراف المنسية.
عندما زحفت قوات الدعم السريع (الجنجويد)، بعد سيطرتها على أجزاء واسعة من العاصمة والجزيرة، باتجاه الشمال، نحو ولاية نهر النيل. تغيرت لهجة الخطاب الرسمي بشكل جذري، وفجأة، تحولت الحرب من كونها تمردا، إلى خطر وجودي يهدد قلب الدولة السودانية، واستنفرت كل الطاقات، وأُعلنت التعبئة العامة ليس فقط كقرار عسكري، بل كواجب وطني مقدس، حيث رأينا القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، يتنقل بين مدن الشمال، من شندي إلى عطبرة والدامر، متوعدا ومحذرا، بإعتبار أن هذه المناطق خطاً أحمر، لا يمكن للميليشيا تجاوزه.
تحرك الجيش، ومعه ما يُعرف بالمقاومة الشعبية التي تم تسليحها على عجل، بكفاءة وسرعة لافتتينن لتأمين ما يسمى بالشريان الحيوي للبلاد، وصد الهجمات قبل أن تتحول إلى تهديد حقيقي، وبدت الدولة، بكل ثقلها العسكري والسياسي ومقاومة شعبية، وكأنها استيقظت من سباتها لتعلن بصوت جهوري مناطقي، من هنا وهناك، لم ولن تمروا يا جنجا.
هذا التحرك، في حد ذاته، محمود ومطلوب، فواجب أي جيش وطني هو حماية كل شبر من أرضه، ولكن هنا بالضبط يكمن وجه المأساة الأولى.
هذه الحماية، هذه الخطوط الحمراء، وهذا الاستنفار العاجل، لم تظهرن بنفس القوة والجدية عندما كانت مدن أخرى، لا تقل سودانيةً عن شندي أو مروي، تسقط وتُحاصر وتُباد تِباعا.
أين كانت هذه العقيدة القتالية عندما سقطت نيالا، حاضرة جنوب دارفور، بل أين كانت هذه الغيرة الوطنية عندما تم اجتياح الجنينة، في واحدة من أبشع الفظائع العرقية التي شهدها القرن الحادي والعشرون، وأين هي اليوم، والفاشر، عاصمة دارفور التاريخية وملجأ ملايين النازحين، تتعرض لحصار خانق وقصف يومي يطال المستشفيات ومخيمات الإيواء منذ ما يزيد على العام؟
الفاشر ليست مجرد مدينة، إنها آخر قلاع الدولة في دارفور، وسقوطها لا يعني مجرد هزيمة عسكرية، بل يعني تسليم إقليم بحجم فرنسا لميليشيا متفلتة، ويعني حكما بالإعدام على مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء، ورغم ذلك، نرى تعاملا باردا، وبيانات خجولة، وتحركات عسكرية محدودة لا ترقى لحجم الكارثة والماساة والألم.
الحصار يشتد، والجوع يفتك بالناس، والقذائف تتساقط كالمطر، والقيادة في بورتسودان، تبدو وكأنها تدير أزمة بعيدة على قناة إخبارية، لا كارثة إنسانية تقع ضمن حدود مسؤوليتها المباشرة.
المرارة تمتد جنوبا إلى جبال النوبة. كادقلي، حاضرة جنوب كردفان، والدلنج، تعيشان تحت وطأة حصار متعدد الأوجه، من جهة، تضغط قوات الدعم السريع، ومن جهة أخرى، تفرض الحركة الشعبية -شمال، سيطرتها على الطرق، بينما يقف الجيش في موقف دفاعي هش، حيث يعاني المواطنون من انعدام الغذاء والدواء والوقود، وأصبحت الحياة جحيما يوميا، والصراع على البقاء هو القانون الوحيد السائد.
والسؤال يعود ليطرق الرؤوس بقوة.. ماذا لو أن هذا الحصار الخانق، كان مفروضا على مدينة عطبرة، أو على شندي، فهل كان الصمت الرسمي سيستمر كل هذه الأشهر الطويلة؟
هل كانت الدولة ستكتفي بالفرجة على مواطنيها وهم يموتون جوعا ومرضا؟
الجواب، الذي يعرفه كل سوداني بمرارة، هو (لا). لو كانت الفاشر تطل على نهر النيل، أو لو كانت كادقلي تقع على الطريق بين الخرطوم وعطبرة، لتغير المشهد تماما، ولرأينا الجسور الجوية تنقل الإمدادات، ولسمعنا خطابات نارية تتعهد بفك الحصار خلال أيام، ولتحركت الأرتال العسكرية الضخمة كأنها يوم الحشر العظيم.
هذا التناقض الصارخ، هو ما يولد الدهشة الممزوجة بالغضب، وهو ما يدفعنا للغوص أعمق في عقلية صانع القرار.
في عقل الجنرال: حسابات السلطة أم هموم الوطن؟
لفهم هذا الانفصام في التعامل، لا يمكن الاكتفاء بالتحليل العسكري البحت، فالأزمة أعمق من مجرد تكتيكات حربية أو تحديات لوجستية.
إنها تمس بنية الدولة السودانية العميقة، وتكشف عن تحيزات تاريخية متجذرة تحولت اليوم إلى استراتيجية بقاء للنظام الحالي، حيث يمكن تفكيك منطق القيادة عبر ثلاثة أبعاد متداخلة:
1/ نظرية القلب والأطراف: البقاء السياسي أولاً.
منذ استقلال السودان في عام 1956، تمحورت السلطة والثروة والنفوذ حول ما يُعرف بالوسط النيلي أو مثلث حمدي. هذه المنطقة، التي تضم ولايات الخرطوم والجزيرة ونهر النيل والشمالية، لم تكن فقط المركز الاقتصادي والإداري، بل كانت أيضا الخزان الاجتماعي والسياسي للنخب الحاكمة، سواء كانت مدنية أو عسكرية، والجنرال برهان، ومعه معظم قيادات الجيش والمؤسسة الأمنية، ينتمون إلى هذا القلب الجغرافي والاجتماعي.
من هذا المنظور، فإن الدفاع عن ولاية نهر النيل والشمالية، ليس مجرد دفاع عن أرض سودانية، بل هو دفاع عن معقل السلطة وعن الحاضنة الاجتماعية للنظام.
إن وصول ميليشيا الدعم السريع إلى هذه المناطق، يعني انهيارا كاملا لشرعية النظام في عيون قاعدته الصلبة، ويعني تهديدا مباشرا لمصالح النخبة الاقتصادية والسياسية التي تدعمه، وبعبارة أخرى، إنها معركة وجودية للنظام، وليس بالضرورة للدولة بمفهومها الشامل.
في المقابل، لطالما عُوملت الأطراف (دارفور، كردفان، جبال النوبة، النيل الإزرق)، كاحتياط استراتيجي للموارد، ومناطق عازلة، وساحات للصراعات بالوكالة، فمعاناة أهلها، وإن كانت مؤلمة إنسانيا، إلا أنها لا تهز كراسي الحكم في المركز بالقدر الكافي.
لقد اعتادت النخب الحاكمة على حروب الأطراف منذ عقود، من التمردات العسكرية في الجنوب إلى حركات دارفور المسلحة، والحركة الشعبية في جبال النوبة والنيل الأزرق.
هذه الحروب، كانت تُدار عن بعد، وتُعتبر مشاكل أمنية في مناطق نائية، لا تهديدا وجودياً للدولة، ويبدو أن هذه العقلية القديمة لا تزال هي السائدة اليوم، إذ أن موت الآلاف في الجنينة أو الفاشر هو مأساة تُدان في البيانات، لكن تقدم ميليشيا الدعم السريع بضعة كيلومترات نحو شندي، هو خيانة عظمى تستدعي النفير العام.
الدولة التي تحمي أجزاءا من جسدها وتترك أخرى للنهش والتعفن، ليست دولة، بل هي كيان مشوه يحتضر.
إنها تعلن لمواطني الأطراف أن دماءهم أرخص، وأن ولاءهم غير مطلوب، وأن مصيرهم لا يعنيها، وهذا هو التعريف الدقيق لخيانة العقد الاجتماعي.
2/ البعد الإثني والجهوي: الحرب كآلية فرز ديمغرافي.
لا يمكن الحديث عن الحرب في السودان دون التطرق، بحذر وألم، إلى بعدها الإثني والجهوي. لقد تأسست ميليشيا الدعم السريع نفسها على أسس قبلية عربية في دارفور (الجنجويد)، واستُخدمت في البداية من قبل نظام البشير لقمع التمردات ذات الطابع الأفريقي في الإقليم.
واليوم، ورغم أن الصراع يبدو كصراع بين مؤسستين عسكريتين على السلطة، إلا أنه يحمل في طياته كل إرث الاستقطاب العرقي والجهوي الذي غذته الأنظمة المتعاقبة.
عندما يدافع الجيش والمقاومة الشعبية عن الوسط النيلي، فإن الخطاب السائد يصور المعركة على أنها دفاع عن أهل البلد وأصل السودان في مواجهة ناس لا يشبههم.
هذا الخطاب، وإن كان يهدف إلى التعبئة، إلا أنه يعزز الانقسام الخطير بين سودانيي النيل وسودانيي الأطراف.
على الجانب الآخر، فإن ترك دارفور وكردفان لمصيرهما يُقرأ في هذه المناطق على أنه تواطؤ أو لامبالاة من المركز الجلابي بمعاناة المكونات غير النيلية.
يشعر الكثيرون في دارفور بأن الجيش تخلى عنهم، وأنهم يُتركون عمداً لقمة سائغة للدعم السريع، ربما كعقاب على تاريخهم من التمرد، أو ببساطة لأنهم لا ينتمون إلى الدائرة الضيقة التي يراها النظام جديرة بالحماية.
إن الفظائع التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في الجنينة، والتي حملت بصمات تطهير عرقي واضحة ضد قبيلة المساليت، لم تقابل برد فعل عسكري حاسم من الجيش، مما عمق الشعور بالخذلان والغدر.
هذه السياسة لا تخلق مجرد أزمة إنسانية، بل تزرع بذور تقسيم حقيقي للبلاد، ذلك انه عندما تفشل الدولة في توفير الحماية لمواطنيها على أساس المواطنة المتساوية، فإنها تدفعهم للبحث عن حماية بديلة في الهويات الأصغر: القبيلة، الإثنية، أو المنطقة.
وهذا ما يحدث الآن، حيث تتشكل الميليشيات القبلية والجهوية للدفاع عن نفسها، مما ينذر بتفتيت السودان إلى كانتونات متقاتلة حتى بعد انتهاء الحرب الحالية بين الجيش والدعم السريع.
3/ حسابات العجز العسكري والرهانات الخارجية.
قد يجادل البعض بأن المسألة ليست ازدواجية معايير بقدر ما هي انعكاس لعجز عسكري حقيقي، فالجيش السوداني منهك، ومنقسم، ويعاني من مشاكل لوجستية هائلة، وقد تكون حماية القلب النيلي هي أقصى ما يستطيعه في ظل الظروف الحالية، وأن فتح جبهات واسعة في الغرب البعيد هو مغامرة غير محسوبة.
هذا التحليل، وإن كان يحمل جزءا من الحقيقة، إلا أنه غير كاف لتفسير المشهد كاملا، فلو كانت المسألة مجرد عجز، لكان الخطاب الرسمي أكثر شفافية وصراحة، بدلا من ذلك، نسمع وعودا متكررة بالحسم القريب وسحق التمرد، وهو ما يتناقض مع الأداء الفعلي على الأرض في دارفور وكردفان.
كما أن ترك هذه المناطق، يعني تسليم موارد اقتصادية هائلة (مثل الذهب في دارفور)، لميليشيا الدعم السريع، مما يمكنه من تمويل حربه إلى ما لا نهاية.. فهل هذا قرار استراتيجي سليم من منظور عسكري بحت؟
الأمر الأكثر ترجيحاً هو أننا أمام مزيج معقد من كل هذه العوامل: استراتيجية سياسية تعطي الأولوية لبقاء النظام وحماية قاعدته الاجتماعية في المركز، وتتداخل مع تحيزات تاريخية ضد الأطراف، ويغطي على كل ذلك ستار من العجز العسكري النسبي.
ربما هناك رهان خفي أيضا على أن العالم الخارجي، أو حتى الدعم السريع نفسه، سيرتدع عن تدمير الفاشر بشكل كامل، أو أن الإنهاك المتبادل سيؤدي في النهاية إلى حل ما، لكن هذا الرهان يتم على حساب أرواح ودماء مئات الآلاف من المدنيين، وهو قمار غير أخلاقي بحياة شعب بأكمله.
سؤال لن يموت: ماذا بعد أن يسكت الرصاص؟
نعود إلى السؤال الأول، الصرخة التي افتتحنا بها هذا المقال: ماذا لو كانت الفاشر في نهر النيل؟
لقد أصبح هذا السؤال هو ضمير هذه الحرب، والمقياس الذي سيُحاكم به التاريخ كل من قادوا هذه البلاد نحو الهاوية.
إنه سؤال يفضح زيف الشعارات الوطنية الطنانة، ويكشف أن الوطن في عقلية النخبة الحاكمة، هو كيان انتقائي، جغرافيته ضيقة، ومواطنوه ليسوا سواسية.
إن الكارثة الحقيقية، ليست فقط في الدمار المادي الذي تخلفه الحرب، بل في الدمار المعنوي الذي تحدثه في روح الشعب، فكل قذيفة تسقط على الفاشر ولا تجد ردا حاسما، وكل طفل يموت جوعا في كادقلي دون أن تهتز له شعرة في رأس مسؤول، هو مسمار جديد يُدق في نعش السودان الموحد.
هذه السياسة لا تهزم ميليشيا الدعم السريع، بل على العكس، هي تمنحه الشرعية في عيون الملايين من المهمشين والمخذولين، وتقدم له سردية المحرر من ظلم المركز على طبق من ذهب.
حتى لو انتصر الجيش غدا بمعجزة، وفرض سيطرته على كامل تراب السودان، فكيف سيحكم بلدا شعر نصف سكانه بأنه تخلى عنهم في أحلك لحظاتهم؟
كيف سيقنع شابا من الجنينة رأى أهله يُذبحون بأن هذا الجيش هو جيشه الوطني؟
كيف سيقنع امرأة من الفاشر فقدت أطفالها تحت القصف بأن حكومة بورتسودان، هي حكومته الشرعية؟
إن الجروح التي تتركها الرصاصة يمكن أن تندمل، والمدن التي دُمرت يمكن أن تُبنى، ولكن جرح الخذلان والشعور بالدونية الوطنية هو جرح غائر لا يبرأ بسهولة، إنه السرطان الذي ينهش في جسد الأمم ويقودها حتما إلى التفكك.
إن صرخة الفاشر وكادقلي والدلنج، اليوم، ليست مجرد طلب للنجدة، بل هي إنذار أخير، إنها تقول للجنرال البرهان ولكل النخبة الحاكمة. إن الوطن الذي تحكمونه أكبر بكثير من ضفاف النيل، إما أن يكون وطنا للجميع، يتساوى فيه ابن حلفا مع ابن الجنينة في حق الحياة والكرامة، وإما أن لا يكون وطنا لأحد على الإطلاق.
في النهاية، ليس الوطن نشيدا يُرتّل أو خريطة تزين جدران القصور، إنما هو إحساس عميق بالعدالة والانتماء والمصير المشترك.
السودان اليوم يقف عند مفترق طرق خطير، إما أن يختار قادته شجاعة العدل، وينحازوا لصوت المظلوم في الأطراف كما ينحازون لصوت المركز، أو أن يواصلوا ترديد الأسطوانات القديمة وجمع أطلال الخراب فوق بعضها، إلى أن لا يبقى من السودان إلا الذكرى وصور الماضي البعيد.
إن خرائط الوجع باقية ما بقي التمييز، ولن تُمحى دموع الأمهات في الفاشر ولا آهات الجوعى في كادقلي بكلمات التعاطف، بل بإعادة رسم حدود الوطن في القلوب قبل الخرائط، فقط عندما يصبح البرهان ابن دارفور كما هو ابن النيل، وحين يشعر أهل الهامش أن لهم وطنا لا يُدار عن بعد، يمكن أن نؤمن أن الفجر السوداني قادم، وما يزال الأمل ممكنا.