كامل إدريس بين واجهة مدنية للحكم العسكري ووعود بلا تمويل: أين الشرعية وأين القدرة؟

كامل إدريس بين واجهة مدنية للحكم العسكري ووعود بلا تمويل: أين الشرعية وأين القدرة؟


08-08-2025, 01:43 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754657008&rn=0


Post: #1
Title: كامل إدريس بين واجهة مدنية للحكم العسكري ووعود بلا تمويل: أين الشرعية وأين القدرة؟
Author: احمد التيجاني سيد احمد
Date: 08-08-2025, 01:43 PM

01:43 PM August, 08 2025

سودانيز اون لاين
احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا
مكتبتى
رابط مختصر



كامل إدريس بين واجهة مدنية للحكم العسكري ووعود بلا تمويل: أين الشرعية وأين القدرة؟
د.احمد التيجاني سيد احمد

في زمن تتكالب فيه قوى الداخل والخارج على ما تبقى من وطن، يأتي تعيين الدكتور كامل الطيب إدريس رئيسًا للوزراء في الخرطوم تحت راية المؤسسة العسكرية و بامر حزب الموتمر الكيزاني المحلول ليطرح أسئلة كبرى لا عن شهاداته أو خبرته الدولية، بل عن أحقيته وواقعيته في قيادة سودان لا يعرفه كثيرًا ولم ينتخبه أحد، وأهم من ذلك: مدى خضوعه لمحور إقليمي تقوده مصر (و تغذيه بالسلاح و البطش ايران و تركيا و دويلة قطر )، ويعمل على إضعاف السودان منهجيًا كي يظل حديقة خلفية بلا سيادة ولا مشروع.

أولًا: تعيين بلا شرعية… واجهة بلا تفويض
عُيِّن كامل إدريس رئيسًا للوزراء يوم ١٩ مايو ٢٠٢٥ بقرار منفرد من الفريق عبد الفتاح البرهان، في لحظة مفصلية من الحرب الأهلية المندلعة بين الجيش وقوات الدعم السريع. لم تأتِ تسميته عبر انتخاب شعبي، ولا عبر توافق بين قوى الثورة أو حتى اتفاق سلام جديد، بل كانت خطوة تهدف إلى تجميل وجه سلطة أمر واقع عسكرية تسعى لإعادة تأهيل ذاتها أمام الخارج¹.

ورغم محاولات تسويقه كبديل مدني متوازن، فإن تحليلات دولية رصينة اعتبرت التعيين "واجهة ناعمة" لمسار عسكري عنيف²، وجاء في أحدها: "الهدف هو امتصاص الضغوط الدولية عبر إضفاء طابع مدني دون تغيير فعلي في بنية السلطة".

ثانيًا: منصب محاصر بفلول المؤتمر الوطني والمخابرات الإقليمية
لم تكن التحديات أمام كامل إدريس إدارية فحسب، بل سياسية عميقة ومتجذرة. فور مباشرته العمل، أعلن عن حل حكومته المؤقتة السابقة، ودخل في مشاورات لتكوين حكومة جديدة. لكن تقارير مؤكدة أفادت أن بعض القوى التي استُشيرت تضم عناصر نافذة من النظام البائد، لا سيما تيارات الحركة الإسلامية التي أعادت تموضعها في شرق السودان³.

في الوقت نفسه، لا يمكن إغفال الدور المصري. فالدعم الذي تتلقاه قيادة الجيش من القاهرة بات مكشوفًا، سياسيًا واستخباراتيًا. ما يثير المخاوف من أن كامل إدريس ليس فقط بلا سلطة تنفيذية فعلية، بل قد يكون خاضعًا بالكامل لإملاءات محور خارجي ينظر إلى السودان كمنطقة نفوذ، لا كشريك سيادي⁴.

ثالثًا: السجل المهني لا يمحو الجدل الأخلاقي.
لا جدال في أن إدريس شخصية دولية ذات سجل أكاديمي لامع، تقلّد مناصب رفيعة في الأمم المتحدة، وترأس المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) لسنوات. غير أن هذا السجل تعكّر بسبب قضية شهيرة عام ٢٠٠٧، حين كشفت تحقيقات أممية أنه قدم تواريخ ميلاد مختلفة ضمن وثائقه الرسمية. لم تُثبت عليه تهم جنائية، لكن الحادثة شكّلت ضربة لمصداقيته، وأجبرته تحت ضغوط أمريكية و دولية على الاستقالة قبل نهاية ولايته⁵.

ثم جاءت اتهامات باستغلال موارد المنظمة لأغراض شخصية، مما عزّز صورة التهاون الإداري وطرح علامات استفهام حول ممارساته حين تكون السلطة بيده دون رقابة مستقلة⁶.

رابعًا: مشروع مارشال… خطة بلا تمويل
منذ تعيينه، روّج إدريس لما أسماه بـ"مشروع مارشال" للسودان، مستلهِمًا النموذج الأميركي في إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. تحدث عن خطة تنموية شاملة لإنهاض السودان اقتصاديًا واجتماعيًا، وذكر أنها قُدمت بالفعل.

لكن التدقيق في التفاصيل يكشف أن ما يسميه إدريس "مشروع مارشال" لا يعدو كونه رؤية شخصية منشورة على موقعه الرسمي وضمن كتاب أصدره بنفسه⁷، ولا توجد أي وثيقة تشير إلى اعتماد هذا المشروع من قبل أي جهة دولية مانحة كالبنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي أو صندوق النقد الدولي. كما لا توجد التزامات تمويل أو خطط تنفيذية زمنية أو مؤسسات شريكة فعلية.

وعليه، فإن طرح المشروع في الخطاب السياسي دون أساس تمويلي واقعي، يُعد تسويقًا سياسياً أكثر منه خطة عمل جادة، خاصة في ظل شلل المؤسسات والبنية المدمرة نتيجة الحرب.

خامسًا: وعود مطار الخرطوم والحكومة "العائدة"
صرّح إدريس في يوليو ٢٠٢٥ بأن مطار الخرطوم سيُعاد للعمل قبل نهاية العام، وأن الحكومة التنفيذية ستنتقل تدريجيًا إلى العاصمة. لكن هذا يتجاهل واقع وجود حكومتين متنافستين، إحداهما مدعومة من الجيش، والثانية توافقية مجتمعية وحدوية سلمية بقيادة تحالف تأسيس. كما يتجاهل هشاشة الوضع الأمني في العاصمة، واستمرار القصف الجوي والنزوح الجماعي.

فمن دون وقف شامل للقتال وإعادة هيكلة السلطة وتوافق سياسي وطني حقيقي، فإن كل وعود العودة تبدو ككلام فوق ركام المدن، لا أكثر⁸.

خلاصة تحذيرية: الرجل الخطأ في لحظة مفصلية.
إن تجربة كامل إدريس حتى الآن تكشف عن تناقضات حادة: تعيين بلا تفويض، مشروع بلا تمويل، وخطاب بلا أرضية داخلية. وتزداد خطورة الموقف إذا ما ثبت أن وجوده يغطي على حكم عسكري مؤدلج مدعوم من الخارج، بدل أن يكون خطوة نحو الاستقلال والسيادة.

وعليه، فإن الواجب اليوم هو التحذير من بناء مستقبل السودان على واجهات مدنية مزيّفة، وعلى وعود بلا سند، وعلى خضوع لمحاور ما زالت ترى في هذا الوطن منطقة عبور، لا دولة ذات قرار.



د. أحمد التيجاني سيد أحمد

عضو موسس في تحالف تأسيس

٨ أغسطس ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا



الهوامش:
1. 1. Washington Post: https://www.washingtonpost.com/archive/politics/2007/10/02/wipo-chief-admits-to-falsifying-agehttps://www.washingtonpost.com/archive/politics/2007/10/02/wipo-chief-admits-to-falsifying-age
2. 2. The Washington Institute – Analysis: 'Kamil Idris and the Illusion of Civilian Leadership' – http://http://www.washingtoninstitute.orgwww.washingtoninstitute.org
3. 3. Africa Confidential, June 2025: Cabinet appointments and Eastern Bloc influence – http://http://www.africa-confidential.comwww.africa-confidential.com
4. 4. Majalla Report: Egypt’s Role in Sudan – http://http://www.majalla.comwww.majalla.com
5. 5. Reuters: 'WIPO head resigns amid credibility controversy' – https://www.reuters.com/article/idUSL19962692
6. 6. UN Oversight Reports on WIPO internal audit, 2007–2008.
7. 7. Official site of Kamil Idris: Sudan’s Marshall Plan – http://http://www.kamilidris.orgwww.kamilidris.org
8. 8. Al-Raya News (July 2025): Idris’s statements on return to Khartoum – https://alrayanews.net/82808https://alrayanews.net/82808

د. أحمد التيجاني سيد أحمد

عضو تحالف تأسيس

التاريخ: ٨ أغسطس ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا