السودان دولة فاشلة في التأثير على القرار الأمريكي كتبه حافظ حمودة

السودان دولة فاشلة في التأثير على القرار الأمريكي كتبه حافظ حمودة


08-06-2025, 09:40 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754512834&rn=0


Post: #1
Title: السودان دولة فاشلة في التأثير على القرار الأمريكي كتبه حافظ حمودة
Author: حافظ يوسف حمودة
Date: 08-06-2025, 09:40 PM

09:40 PM August, 06 2025

سودانيز اون لاين
حافظ يوسف حمودة-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر





حينما تغيب أدوات الضغط وتحضر الأوهام وتصبح الدبلوماسية بلا أنياب فالنتيجة الحتمية الفشل ، والفشل يجب أن يتحمله صانع القرار أي كان .
على الرغم من تعاقب الحكومات وتغير الأنظمة ، فإن السياسة السودانية لم تتجاوز نمط الاعتماد على دعم الدول الصديقة لمواجهة التحديات الخارجية ، دون أن تبني أدوات قوة ذاتية أو تسعى لاختراق مراكز التأثير في الغرب . هذا النهج يعكس خللًا في التفكير الاستراتيجي ، وضعفًا واضحًا في الدبلوماسية السودانية ، وغيابًا للتخطيط طويل المدى .

عندما تشتد الضغوط الدولية ، يميل صانع القرار السوداني إلى اللجوء إلى قوى خارجية كروسيا أو الصين أو بعض الدول العربية لطلب الدعم السياسي أو الحماية الدبلوماسية . لكن هذا الاتجاه لم يُحدث تغييرًا ملموسًا في موقف واشنطن تجاه السودان ، بل أدى إلى تعميق عزلة البلاد وفرض العقوبات وزيادة التبعية لمحاور دولية لا تقدم سوى مكاسب محدودة . هذا الرهان يكشف عن عدم فهم لطبيعة العلاقات الدولية التي تحترم فقط من يمتلك أدوات الضغط والتأثير في مصالح القوى الكبرى .

الولايات المتحدة تُدار من خلال منظومة معقدة من شبكات المصالح والضغط السياسي ، تشمل أعضاء بارزين في الكونغرس ، والإدارة التنفيذية ، ووزارة الدفاع ، ومراكز الدراسات المؤثرة . في هذا السياق ، يغيب الصوت السوداني تمامًا . لا توجد مجموعات ضغط سودانية منظمة ولا غير منظمة ، ولا أنشطة جماعية مؤثرة من الجاليات السودانية ، رغم أنها كبيرة عددًا وتنتشر في مدن أميركية مؤثرة . هذا الغياب يعود إلى غياب الرؤية الاستراتيجية لدى الدولة وضعف التنسيق بين السفارات والجاليات ، وعدم الاستثمار في أدوات العلاقات العامة والضغط السياسي .

كما أن وزارة الخارجية السودانية تعاني من ضعف مزمن في الأداء ، إذ تفتقر إلى الفاعلية والتخصص ، وغالبًا ما تتعامل مع الملفات الدولية بعقلية تقليدية وبيروقراطية . حتى في أهم العواصم مثل واشنطن ، تتحرك السفارات السودانية بردود الفعل ، وتفشل في بناء تحالفات فاعلة مع مراكز القرار ومؤسسات المجتمع المدني الأميركي ، مما يُضعف الموقف السوداني في ملفات حيوية تتعلق بالانفتاح السياسي والاقتصادي والتعامل مع الإعلام الدولي .

ومن جانب آخر ، لم تنجح أجهزة المخابرات السودانية في تطوير قدرات استراتيجية تمكّنها من التفاعل مع مراكز النفوذ الغربية . فهي ما تزال تركز على الشأن الداخلي ، دون أن تطور وحدات متخصصة في فهم السياسات الغربية أو بناء قنوات تواصل واختراق ناعم للمؤسسات الحساسة كالبنتاغون وأعضاء مؤثرين في الكونغرس أو مراكز البحوث المؤثرة في صنع القرار أو مجلس الأمن القومي الأميركي . إن غياب هذا النوع من العمل الاستخباري الاستراتيجي يُعد ثغرة خطيرة تجعل البلاد عاجزة عن فهم البيئة الدولية أو التأثير فيها .

وللخروج من هذا الضعف المزمن وهذا الفشل ، يحتاج السودان إلى تغيير جذري في طريقة تعامله مع الغرب . أولى الخطوات هي إنشاء وحدة خاصة ومتخصصة داخل وزارة الخارجية تُعنى ببناء علاقات مستمرة ومباشرة مع مراكز القرار الأميركي ، وتوظيف دبلوماسيين ذوي خبرة في الشأن الأميركي ، بالإضافة إلى تقوية العلاقة مع مراكز الفكر والجامعات المؤثرة . كما ينبغي على السودان تشجيع الجاليات السودانية في المهجر لتشكيل لوبيات ضغط سياسية ، وتنظيم جهود رجال الأعمال والأكاديميين السودانيين في أميركا للتواصل مع الكونغرس والمؤسسات الإعلامية ، والعمل على تحسين صورة السودان من داخل المجتمع الأميركي ذاته .

إضافة إلى ذلك ، لا بد من إعادة هيكلة جهاز المخابرات ليتحول إلى أداة استراتيجية تخدم أهداف السياسة الخارجية ، من خلال إنشاء وحدات تحليل متخصصة في الشأن الأميركي وتدريب كوادر قادرة على اختراق منظومات التأثير هناك . ويمكن كذلك التعاقد مع شركات علاقات عامة ولوبيات أميركية محترفة ، وهو أمر تمارسه كثير من الدول الصغيرة والنامية لتقوية حضورها داخل المؤسسات الأميركية . وأخيرًا، يجب دعم منظمات المجتمع المدني السودانية في الخارج وتدريب أفراد الجاليات على أدوات التأثير السياسي والإعلامي ، حتى يصبحوا قوة ناعمة تساند مصالح البلاد .

التحول من الاعتماد على الحلفاء إلى بناء أدوات ضغط مستقلة هو التحدي الأهم للنخبة السودانية اليوم . فالعالم لا يحترم إلا من يمتلك القدرة على التأثير ، ولا يصغي لمن لا يملك أوراق ضغط . وإذا أراد السودان أن يكون دولة فاعلة تحظى بالاحترام ، فعليه أن يبني نفوذه بأدواته ، لا أن ينتظر من الآخرين أن يفعلوا ذلك بالنيابة عنه .

حافظ يوسف حمودة
6/اغسطس/2025