واقف براك- مرثية الذات الواحدة في محراب الخيبة الجمعية #

واقف براك- مرثية الذات الواحدة في محراب الخيبة الجمعية #


08-05-2025, 09:56 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754427400&rn=0


Post: #1
Title: واقف براك- مرثية الذات الواحدة في محراب الخيبة الجمعية #
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 08-05-2025, 09:56 PM

09:56 PM August, 05 2025 سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || [])



.push({});


واقف براك: مرثية الذات الواحدة في محراب الخيبة الجمعية
قراءة في تشريح الانكسار وجماليات النص الوجداني السوداني
بعد أن أهداني الزميل الأديب الطيب عبد الرازق النقر عضو المنبر العام بمنصة سودانيز أونلاين قراءته النقدية الثمينة لأغنية "واقف براك"، انكسرت قشرة التلقي الأولى، فعدت إلى النص كأني ألمسه لأول مرة.
لقد أيقظت مداخلته أصداء كامنة في ثنايا الكلمات، فكان هذا الغوص في أعماق النص بحثًا عن لآلئه المغمورة

العنوان زلزال في حرفين
"واقف براك" ليست جملة عابرة بل زئير صمت مكظوم
في اللهجة السودانية، "براك" لا تعني الوحدة فقط، بل هي صرخة مكتومة في وجه الخذلان، وإشارة إلى زمن يتراجع عنك كما يتراجع المدّ عن شاطئ عطشان
كأن المغني يقف على شفا الهاوية، لا يسنده سوى ظله الذابل

تشكيل الألم سيمفونية المجاز الحيّ
ريحاً كَسَح زهرة صباك
ليلاً فتح شُرفة وَجَع
قمراً رحل فارق سماك

ليست هذه استعارات تزيينية، بل كائنات فاعلة تنسج مأساة الإنسان
الريح جلاّدة تقتلع زهرة الصبا
الليل خائن يفتح نوافذ الروح للوجع
القمر مهاجر يهجر سماء الرفقة
ومطر الحزن لا ينبت أملًا، بل يغسل جراحًا عتيقة ليعيد نزفها

هنا لا نكون في مقام الاستماع، بل في مقام المشاركة نلامس الألم لا نسمع عنه

مسرح الدراما الوجدانية من السقوط إلى الشروق الهشّ
يفتتح النص بانكسار صارخ
واقف براك والهم عصف
ثم يهبط بنا عبر ظلال المصابيح البعيدة وأحلام تنكسر كزجاج هش
لكن المقطع الثاني يقدم خيط ضوء خجول
بتعود وتلقى رجاكا زول
حفظ الوداد زمناً صعب

هذا التحول ليس انقلابًا دراميًا، بل ترجمة دقيقة للوجدان السوداني الرجاء هنا ليس تفاؤلًا، بل تمرين يومي على تجرّع الصبر كدواء مر

المفارقة المضيئة الجرح الذي لا ينضب
والباقي من كل الغنا
وسيل الكتابة الما نضب

هنا تتجلى المفارقة الشعرية الكبرى النص نفسه، وهو يرثي الانطفاء، يشعل شموعًا وبينما يغني عن الخسارة، يخلق مقاومة
هي ليست مفارقة بلاغية فقط، بل إعلان بأن الحزن حين يُكتب لا يموت، بل يضيء

الختام النص كوطن بديل
"واقف براك" ليست أغنية عاطفية فقط، بل مرآة لجيل سوداني يقف وحده على أنقاض خيبات متراكمة خذلان الوطن وانكسار الثورة وتفكك الحلم وحتى عجز الشعر نفسه أحيانًا

إنها قصيدة ترفع صوت الفرد في صحراء الجماعة الصامتة، وتمنح المهزوم لغته، والعاشق رماده، والشاعر جرحه الذي ينزف نورًا

ولهذا تستحق أن تُنقش على جدران الوجدان، لا كعويل منهزم، بل كبيان وجودي للناجين من اليأس

الشعر هو الجرح الذي ينزف نورًا
ومض من روح "واقف براك"



"