البرهان.. وراء تحياتك صرخات الوطن كتبه أواب عزام البوشي

البرهان.. وراء تحياتك صرخات الوطن كتبه أواب عزام البوشي


08-05-2025, 12:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754394131&rn=0


Post: #1
Title: البرهان.. وراء تحياتك صرخات الوطن كتبه أواب عزام البوشي
Author: أواب عزام البوشي
Date: 08-05-2025, 12:42 PM

12:42 PM August, 05 2025

سودانيز اون لاين
أواب عزام البوشي-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




يخرج البرهان على ظهر المركبة، يلوّح بيده للمواطنين، كأنه يوزّع السلام من بعيد، بينما خلفه ترفرف أعلام الدخان، وتئنُّ المدن من الجوع والخوف والمرض. لكن الحقيقة أن الشعب لا يريد استعراضًا، بل فعلاً يُضمّد الجراح، ويدًا تبني وتحنو وتُنقذ.
السيد البرهان، الناس لا يحتاجون إلى شعارات تُلقى من فوق عربات مدرعة، بل إلى حضور إنساني حقيقي، يجلس معهم تحت ظلال شجرة متعبة، يستمع لهم، يشعر بهم، ويعمل من أجلهم. لم نسمع يومًا أنك جلست في حي متهالك وخرجت منه وقد أصلحت مدرسة، أو رمّمت مستشفى، أو أنعشت مرفقًا خدميًا.
هل ترى ما يعيشه المواطنون اليوم؟ أسر بلا مأوى تنام على أطلال الأمل، مرضى يلهثون خلف دواء مفقود، أطفال تُغلق في وجوههم المدارس، أمهات يبحثن عن مأوى يحمين فيه صغارهن من نيران الحرب. هذا هو الواقع الذي لا يُشاهد من خلف زجاج المركبات المحروسة، ولا يُلتقط له بث مباشر.
حين كنت تلوّح من المركبة، ألم تستوقفك نظرات الأبرياء؟ ألم تسمع صمتهم المملوء بنداء: "لا نريدك أن تلوّح، بل أن تحمل همّنا، وتضع مصلحتنا فوق كل اعتبار"؟ هؤلاء لا يهتفون لأنهم راضون، بل لأنهم يعلّقون آخر أمانيهم فيك، فهل كنت على قدر الرجاء؟
تتحدث عن السيادة، بينما أنت من سلّمت ملف العلاقات الخارجية لمصالح جهوية، وارتضيت أن يتحول القرار السوداني إلى ورقة بيد الآخرين. فتحت البلاد لتدخلات المخابرات، وتركت الحدود تُنهك، والموارد تُنهب، وكأن السودان بلا أصحاب.
تتحدث عن الانتخابات، بينما تنطفئ الكهرباء، ويتعطّل الماء، وتغيب أبسط مقومات الحياة. لا إدارة مدنية تحفظ كرامة الناس، ولا خدمات تليق بإنسان هذا الوطن الجريح. الشعب لا يحتاج إلى استعراضات انتخابية مبكرة، بل إلى مدرسة تفتح أبوابها، ومستشفى يعمل بكفاءة، ودواء لا يُباع في السوق السوداء.
في بلد يموت فيه مريض غسيل كلى لانقطاع الكهرباء، ويختفي الدواء عن مرضى السرطان، وتُحرق الجامعات، هل يليق أن تُقدَّم التحايا قبل أن تُقدَّم الحلول؟
القائد لا يُقاس بعدد المرات التي هتف فيها الناس باسمه، بل بعدد القرارات التي أوقفت نزيفهم، وحمت كرامتهم. لا يخدع السودانيون بالأزياء العسكرية، ولا الصور الرسمية، فقد عرفوا قادة جلسوا على الأرض، حملوا همّ الفقراء، وبنوا المدارس من الطين لا من التصريحات الجوفاء.
ثم، ألم تعِد الناس ذات يوم أنك لن تترشح، وأنك ستسلم الحكم للمدنيين؟ أين ذهبت تلك الوعود؟ وهل صار نكث العهد هو القاعدة، لا الاستثناء؟
لقد تحوّلت الحرب في يد البعض إلى أداة سلطة. كلما امتد القتال، امتد نفوذهم. وكلما سقط حيّ، ارتفعت شعارات البطولة الزائفة، بينما الحقيقة أن الشعب وحده من يدفع الثمن.
أيها الشعب، لا تبيعوا كرامتكم في صورة تُنسى مع الزمان، ولا ترضوا بتحية تُنسيكم آلامكم. واجهوا الزيف بالفعل، لا بالتصفيق. ارفضوا الخضوع، لكن لا تكتفوا بالغضب. اعملوا على تنظيم صفوفكم، لا نريد يدًا تلوّح، بل يدًا تبني، وتُداوي، وتنقذ.
هذه البلاد لن تُنقذها المواكب الرسمية، بل تنتصر بوحدة قواها المجتمعية، حين تضع مصلحة السودان فوق كل طموح شخصي أو عسكري.
فالسودان أكبر من تحايا الزيف، وأعظم من أن يُدار من فوق عربة.