النخب الفلنقيات: بين التواطؤ وخيانة الضمير في زمن الحرب كتبه الطيب الزين

النخب الفلنقيات: بين التواطؤ وخيانة الضمير في زمن الحرب كتبه الطيب الزين


08-04-2025, 01:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1754310786&rn=0


Post: #1
Title: النخب الفلنقيات: بين التواطؤ وخيانة الضمير في زمن الحرب كتبه الطيب الزين
Author: الطيب الزين
Date: 08-04-2025, 01:33 PM

01:33 PM August, 04 2025

سودانيز اون لاين
الطيب الزين-السويد
مكتبتى
رابط مختصر




في أوقات الأزمات والكوارث، تظهر معادن الشعوب والنخب على حقيقتها، إما أن تكون سندا للحق والعدل، أو أن تتخلى عن مسؤوليتها الأخلاقية وتختار التواطؤ أو الحياد، رغم أن التاريخ لا يرحم المتفرجين في زمن الدم والدموع.
في السودان، ومع تصاعد موجات الحرب والدماء، برزت فئة من النخب السياسية والإعلامية التي تسمى بـ"النخب الفلنقيات"، والتي اختارت أن تتخذ موقفًا مائعًا، يساوي بين الضحية والجلاد، ويبرر القتل والتدمير باسم الواقعية السياسية، أو شعارات السيادة والاستقرار. هؤلاء النخب، بدلاً من أن يكونوا صوتا واضحا ضد الظلم، أصبحت أصواتا خاملة، تردد حديثا لا قيمة له: "أوقفوا الحرب"، دون أن تسمّي الطرف المعتدي، أو تضع يدها في يد الشعب المكلوم، وتطالب بمحاكمة الجناة. هذه النخب ليست مجرد متفرجين، بل فاعلون في المشهد الدموي، سواء بصمتهم أو بتبريرهم، أو بدعمهم المباشر، مما يجعلهم شركاء في الجريمة. فهم من يساوي بين القاتل والضحية، ويغض الطرف عن المجازر التي ترتكب يوميًا، بحجة الحفاظ على الاستقرار أو حماية السيادة، متناسين أن الحياد في زمن المجازر هو خيانة، وأن التبرير باسم الاستقرار هو تواطؤ مع القتلة.
وفيما تفضح الاعترافات الصوتية والتصريحات المصورة تورط بعض القيادات العسكرية والإسلاميين في التخطيط لإسقاط الحكومة، تتضح الصورة أكثر: الحرب ليست مجرد نزاع عابر، بل امتداد لمؤامرة ضد الثورة، ومحاولة لإعادة السودان إلى دوامة الظلام والديكتاتورية، بعد أن حاول الشعب أن يكتب مسارا جديدا مبنيًا على الحرية والكرامة.
أما التحريض الطائفي والدعوات إلى الجهاد، فهي أدوات إرهابية تستخدمها قوى الظلام لتقسيم المجتمع، وإشعال نار الفتنة، وتبرير القتل باسم الدين، وهو أمر لا يمكن أن يقبل به أحد يملك ضميرا حيا.
في خضم هذه الكوارث، تظهر قيمة التضحية والوضوح الأخلاقي، فالسياسة ليست منابر للثرثرة، بل ميدان للموقف الأخلاقي الصلب، الذي يُظهر الحق ويقاوم الظلم. من يتخلف عن أداء دوره حين يُذبح الشعب، يكون قد سقط في مزبلة التاريخ، مهما كانت شعاراته براقة. في النهاية، تبقى ثورة الشعب السوداني حية، لأنها ليست ثورة نخبة، بل ثورة شعب، تصر على استعادة حقها في الحرية والعدالة. فهي مشروع تحرر سياسي، اقتصادي، واجتماعي، وليست رد فعل عابر، بل فعل واعٍ ضد منظومة القهر والفساد.
الطريق أمامنا طويل، ولكن الحق لا يُهزم، والنصر حتمي، إذا ما أدركنا أن موقفنا الأخلاقي هو مفتاح خلاصنا جميعا.

الطيب الزين