في زوايا الأزمة السودانية، حيث تتشابك المصالح وتتضارب الرؤى، تظهر بعض التصريحات السياسية التي تحتاج منا لبعض الدقة في فهم معانيها. هذه ليست مجرد آراء شخصية، بل تعبر عن قناعات مجموعات تسعى لتشكيل مستقبل الوطن. حضرنا مؤتمر "الكتلةِ الديمقراطيةِ " الصحفي "اسفريا " أمس، وقد أُقيم على عجل بعد عودة رئيس لجنتها السياسية من زيارة إلى بلاد الجوار. بدا واضحًا من التصريحات أن هناك تحركات لا تتماشى مع نبض الشارع وتطلعاته، بحثًا عن حل للأزمة عبر الحوار السوداني السوداني.
1️⃣ عندما سُئل القائد مني، رئيس اللجنة السياسية، عما إذا كانت هناك إمكانية للتواصل مع القوى السياسية الأخرى، أجاب: "لا مانعَ في التواصل مع الدعم السريع والصمود لإيجاد تسوية سياسية لإنهاء الحرب." هذا التصريح، الذي قد يبدو مرتبكًا بعض الشيء، يأتي وسط معلومات غير مؤكدة عن تواصل "اللجنة الرباعية" مع بعض الأطراف من الحكومة والمليشيات. الأمر يثير تساؤلات حول التوقيت والهدف، خاصةً وأن موقف الكتلة الديمقراطية منذ تأسيسها في أغسطس 2022 يتسم بالتوازن وثبات الرؤية. ولكن، كما قيل، الأمور متغيرة وقد يشهد التحالف بعض النقاشات قبل أن تُعلن رسميًا.
2️⃣ تأتي هذه التصريحات في وقت يشعر فيه الناس بشوقٍ متزايد لفك حصار الفاشر، التي أصبحت رمزًا للعجز وغياب الفعل. إعلان "مجموعة التأسيس" عن عاصمتهم الجديدة في نيالا بجنوب دارفور، وسط ظروف صعبة يمر بها أهل الفاشر، يضفي أبعاد جديدة على الوضع. إن ربط الحلول السياسية بالمخاوف الأمنية الملحة يحتاج إلى رؤية واضحة، لأن انهيار الفاشر قد يعني انهيار الدولة برمتها.
3️⃣ برغم أن تصريحات القائد جاءت رداً على سؤال صحفي، إلا أنها لا تمثل بالضرورة رؤية الكتلة الديمقراطية بأكملها. التحالفات، عموماً، تتطلب تنازلات ورؤى مشتركة، وليست مجرد رغبات شخصية. "توسيع الجلباب الأضيق إلى الأوسع" هو الشعار الذي يجب أن يحكم الحوارات، حيث يُعبر صوت الجميع، لا صوت فريق سياسي واحد.
هل هناك برامج واضحة لهذه التحالفات، أم أن الموضوع سيكون مجرد مزاج متقلب لا يأخذ في الاعتبار مصلحة الشعب السوداني؟ الشفافية في تقديم الرؤى، والحوار البناء داخل مؤسسات الدولة، وتحقيق ما يخدم مصالح الناس، هي وحدها السبيل لإنقاذ الوطن من كبوته.
4️⃣ إن فك حصار الفاشر هو مسؤولية حكومية بحتة، تقع على عاتق الحكومة المركزية وحاكم إقليم دارفور والقوات المشتركة والجيش. تتطلب هذه المسؤولية تحركًا عسكريًا سريعًا وقرارات حاسمة تُتخذ في الغرف المغلقة، وليس في مؤتمرات صحفية قد تفقد بريقها إذا لم تُترجم إلى أفعال ملموسة.
الشعب السوداني، الذي عانى طويلًا، يبحث عن ضمانات حقيقية تعيد له كرامته بعد سنوات من التشرد والتدمير. أي مبادرة يجب أن تخلق مساحة للأمل، وأن تبعد أي تدخلات سلبية قد تُجدد نيران الحرب. في نهاية المطاف، يجب أن يكون صوت الشعب هو المرجع الأساسي، وأن تتجسد التوافقات عملاً يُنقذ السودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ادم ابكر عيسي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست