Post: #1
Title: نقد المزيف كتبه د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 07-29-2025, 01:32 PM
01:32 PM July, 29 2025 سودانيز اون لاين أمل الكردفاني-القاهرة-مصر مكتبتى رابط مختصر
تناقشت مع دكتور وائل الكردي حول (نقد النقد)، أي نقد النقد الذي يتعمد تزييف حقيقة الأعمال الأدبية بدوافع مختلفة، وقد اتفقنا على تأسيس موقع لنقد النقد، غير أن ضغط العمل قد أجل هذا المشروع الهام. وفي الفيس بوك ووسائل التواصل الأخرى انشغل البعض بنقد المزيف، المزيف من الفن، والأدب، وخلافه حيث احتشد العالم اليوم بما هو زائف. وقد ساعدت التكنولوجيا على ذلك التزييف. والتزييف هو اصطناع أو اختلاق ما يماثل شيئاً ما في الحقيقة ليبدو كأصل. غير أن مفهوم المزيف في مجال الفنون والأداب أكثر اتساعاً، بحيث يشمل اصطناع أو اختلاق بيئة تثبت أن ما ليس بفن وأدب هو فن وأدب. ومن ضمن هذه البيئة (النقد، الحشد، المونتاج، التكثيف الإعلامي وصناعة السيناريوهات لبث أخبار وهمية عن منتج ما، صناعة المناظرات حول الشيء المزيف، الجوائز المصممة.. الخ). أو ما يمكن أن نعتبره تسويقاً مضللاً. في المقابل، وأمام هذا الزخم لا يوجد تسويقاً مضاداً نزيهاً وصادقاً منظماً يسوِّق لما هو حقيقي إلا في نطاق ضيق، أو محصور في مستويات صفوية. نقد المزيف لا يتعرض لعرقلة عدم وجود تأسيس وتنظيم متين له، بل يتعرض لمشكلة فلسفية كامنة فيه تنبثق عن الجدل حول نقد الأصالة، ونقد الوصاية، ونقد المساس بالحرية. هذه المناظرات تمنح شرعية معنوية للتزييف وعدم شرعية لنقد التزييف (كفعل) أوَّلي. وهناك من هم محترفون في قيادة ذلك الجدل على نحو يقود -سيكولوجياً- إلى تفكيك جنيالوجي لنقد المزيف، عبر خلق درجات من الإحباط. وأتذكر هنا حالة طريفة قريبة من عمليات اختلاق هذه المعارك الجدلية اختلاقاً يمهد لمنح الشرعية المعنوية أو للتحييد تجاه ما هو غير صائب، وذلك في أحد الأفلام، حين تخصص رجل في دحض كل ما يوجه للسجائر من نقد؛ فكان يرد على المطالبين بمنع السجائر بأن أكثر سبب لإحداث الوفاة في العالم بحسب الإحصائيات هو حوادث السيارات ومع ذلك لم يطالب أحد بمنع صناعة السيارات. كانت شركات السجائر -بحسب الفيلم- تختلق المناظرات، وبالفعل ارتفعت نسب مبيعات السجائر. وهذا ما يحدث بالفعل كدعم للفن والأدب المزيفين. ففي بعض الأحيان تكون الأسئلة البسيطة أكثر صعوبة من الأسئلة المعقدة، كذلك فإن الإحابات البسيطة قد تكون أكثر تأثيراً من الإجابات المعقدة، وهذا ما يستخدم باتساع في عالم اليوم لتهدئة العقل الجماعي أو لقيادته وتوجيهه وتسييره في مسارات محددة له مسبقاً. تعد أدوات نقد الأصالة والوصاية والمساس بالحرية من أقوى أدوات حماية المزيف. وهي الأقوى لأنها تمس حقائق وعواطف ما داخلنا كبشر، أي كبشر مروا بالعديد من الخيبات في الحياة، بحيث أستأمنوا على أنفسهم بالتقوقع داخل رفض الوصاية ورفض الأصالة ورفض المساس بالحرية، خاصة بعد نهاية عصر الأمل والسقوط في عصر ما بعد الأمل، وهو العصر الأكثر احباطاً و################اً من إيجاد حلول لمشكلة العدالة، بعد الانتصار الساحق للرأسمالية وعملياتها النفسية المدججة بسلاح التكنولوجيا. أي عصرنا هذا. إذاً؛ فمسألة نقد المزيف مواجهة بمعارك أكبر من حجمها وقدراتها وملكاتها، لكن هذا لا يعني أننا سنتخلى عن فكرة إنشاء موقع لنقد النقد كبداية لنقد المزيف إذ أنها رسالة الضمير التي يجب أن تُبلًّغ أيا كانت النتائج.
|
|